الانتخابات الجزئية في منطقة القبائل تختبر العلاقة مع السلطة الجزائرية

  • 7/24/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

شرعت السلطات المختصة في التحضير لإجراء انتخابات جزئية في ست بلديات تابعة لمحافظتي تيزي وزو وبجاية، اللتين تشكلان الوعاء الأساسي لمنطقة القبائل، وهي الخطوة التي تستهدف استكمال تعداد المجالس البلدية المنتخبة، بعدما فشلت في تنظيمها هناك أثناء الانتخابات المحلية التي جرت نهاية شهر نوفمبر من العام الماضي، بسبب رفض السكان المحليين لها. ورغم أن العملية تخص ست بلديات فقط من عموم الـ1571 بلدية المكونة للتراب الحزائري، إلا أنها تمثل اختبارا حقيقيا للسلطة بشأن قبولها من طرف السكان الذين دخلوا في قطيعة سياسية معها، تجسدت في نسبة مشاركة شعبية هي الأضعف في تاريخ الاستحقاقات الانتخابية حيث لم تتجاوز سقف الـ2 في المئة. وإذ تمكنت السلطة من تمرير الانتخابات المحلية والتشريعية الماضيتين بنسب مشاركة ضعيفة جدا، وبتمثيل شعبي للمقاعد المتحصل عليها في المؤسسات المنتخبة الجديدة هو الأدنى في تاريخ المنطقة والبلاد، حيث كان بضع عشرات من الأصوات كافيا لتحصيل مقعد في البرلمان أو أحد المجالس المحلية، فإن الأنظار تتجه إلى رد فعل هؤلاء السكان مجددا للوقوف على مدى قبولهم بالأمر الواقع أم مازالوا على موقفهم المتصلب. السلطة ترجع حالة القطيعة القائمة بينها وبين الشارع في المنطقة الأمازيغية إلى حركة استقلال القبائل "ماك" وكان الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، قد أصدر في اجتماع مجلس الوزراء الأخير، مرسوما رئاسيا استدعى بموجبه الهيئة الناخبة في البلديات المعنية لإجراء انتخابات جزئية لانتخاب مجلس بلدية، وفق التنظيم المعمول به في النصوص والتشريعات الناظمة للاستحقاقات الانتخابية. وذكر بيان مجلس الوزراء بأن “السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات تعلم المواطنات والمواطنين، وكذا الأحزاب المعتمدة الراغبة في الترشح أو تقديم قوائم ترشح، للانتخابات الجزئية في عدد بلديات بجاية و تيزي وزو أن هذه الأخيرة ستجرى بنفس التدابير التنظيمية والإجراءات التي تنص عليها الأحكام المتضمنة في القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات ساري المفعول”. وأضاف “المجالس الشعبية البلدية المعنية بالانتخابات الجزئية التي ستجرى في 15 أكتوبر القادم هي: فرعون ومسيسنة وأقبو وتوجة بولاية بجاية وبلديتي آيت محمود وآيت بومهدي بولاية تيزي وزو، وأنه طبقا للتعليمة الموجهة إلى منسقي السلطة المستقلة بولايتي بجاية وتيزي وزو، فبالنسبة إلى استمارات اكتتاب التوقيعات الفردية، يجب على قائمة المترشحين المقدمة سواء تحت رعاية حزب سياسي أو بصفة مستقلة، أن تدعم بعدد من توقيعات ناخبي الدائرة الانتخابية المعنية”. ولم يصدر إلى حد الآن أي تعليق أو موقف من طرف الأحزاب السياسية التي تنوي خوض السباق الجزئي، بما فيها الأحزاب المحسوبة على المنطقة، كجبهة القوى الاشتراكية والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، للفصل في المشاركة من عدمها، في حين لا يستبعد ظهور لوائح مستقلة بإيعاز من الدوائر الرسمية، بغرض إثبات الإجماع على ترميم الفراغ العارض الناجم عن موقف سياسي سابق. وتوجه السلطة في الجزائر أصابع الاتهام في تغذية حالة القطيعة القائمة بينها وبين الشارع هناك إلى حركة استقلال القبائل “ماك” التي صنفتها كتنظيم إرهابي يعمل بإيعاز من قوى معادية على ضرب الوحدة الوطنية والمساس بالتماسك الاجتماعي ويقوم بأعمال تخريبية ودعائية مضللة لتوسيع الفجوة بين السكان والمؤسسات الرسمية للدولة. رغم أن العملية تخص ست بلديات فقط من عموم الـ1571 بلدية، إلا أنها تمثل اختبارا حقيقيا للسلطة بشأن قبولها من طرف السكان الذين دخلوا في قطيعة سياسية معها وكانت المقاطعة التي شهدتها الاستحقاقات الانتخابية المنتظمة منذ العام 2019، من طرف سكان منطقة القبائل، من ضمن الاتهامات التي وجهتها السلطة إلى الحركة المذكورة، التي وقفت حسبها خلف “موجة الحرائق التي سجلت صائفة العام الماضي، والجريمة المروعة التي راح ضحيتها الناشط والمتطوع جمال بن إسماعيل”، بينما تنفي أحزاب وناشطون سياسيون كالتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وكريم طابو، أيّ علاقة بين الموقف السياسي المقاطع للسلطة والمطالب بالتغيير الشامل، وبين نشاط حركة “ماك”. وأعادت برقية لوكالة الأنباء الرسمية التذكير بتفاصيل العملية وبالتسهيلات التي تقدمها سلطة تنظيم الانتخابات فيما يتعلق بالمناصفة بين العنصرين الرجالي والنسوي في لوائح الترشيحات أو العنصر الشبابي، لتحفيز الراغبين في ذلك بدخول السباق الجزئي، وتمكين السلطة من ترميم شرخ ظل يلاحق شرعية مسارها الانتخابي، وألحق بها تهما بشأن مساهمة الاستحقاقات المنتظمة في تكريس تهديد الوحدة الوطنية، باعتبار جزء من البلاد غير معني أو غير ممثل تمثيلا حقيقيا في المؤسسات الجديدة. ومنذ انتخاب عبدالمجيد تبون، رئيسا للبلاد في أواخر العام 2019، تراجع الحضور الرسمي في المحافظات والمدن، حتى من قبل أعضاء الحكومة، بينما لم تتحرك أقدام الرئيس تبون خارج العاصمة ووهران إلا بشكل محدود جدا، وهو ما أثار التساؤلات حول الأسباب الحقيقية لعدم نزول السلطة إلى الشارع ومقابلة السكان والاطلاع على انشغالاتهم. وفي ظل الحديث عن عقدة التواصل المباشر بين الشارع ومؤسسات السلطة جرى الحديث سابقا عن تنظيم زيارة لرئيس الجمهورية الى محافظة تيزي وزو، تستهدف كسر القطيعة بين الطرفين، غير أن الصمت سرعان ما عاد من جديد حول نشاط الرئيس داخل البلاد، وعادت معه العقدة الى الاستفحال.

مشاركة :