غلب اليأس والإحباط على الشاب محمد أحمد (28 عاما) من مدينة غزة بعد فشله في إيجاد فرصة عمل مناسبة له على الرغم من مرور 5 أعوام على تخرجه من الجامعة. ولم يترك أحمد بابا لدى المؤسسات الحكومية والخاصة والبحث ميدانيا وعلى مواقع التواصل الإلكتروني إلا وطرقه أملا في حصوله على فرصة للعمل ضمن تخصصه الجامعي في إدارة الأعمال إلا أنه لم يتلق أي إشارات إيجابية، الأمر الذي تسبب في دخوله في حالة نفسية سيئة والتفكير مليا في الهجرة إلى الخارج. ويقول أحمد إنه أنهى تعليمه وحصل على شهادته الجامعية في العام 2017 والتحق بالعديد من الدورات والبرامج التدريبية لدى مراكز ومؤسسات أهلية لزيادة فرصه في إيجاد عمل مناسب، إلا أن ذلك لم يشفع له وبقي على حاله دون أي تغيير. ◙ السلطة الفلسطينية تعاني من وضع مالي صعب مع توقف المساعدات الخارجية التي تساهم في سد العجز في موازنتها ويقول أحمد بينما كان يجلس في حديقة الجندي المجهول وسط غزة بعد يوم شاق من البحث، إن إيجاد فرصة عمل في القطاع الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) كمن يبحث عن إبرة في كومة من القش، مشيرا إلى أن الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعاني منه جعله يحلم بالهجرة إلى أوروبا ودول أخرى لتحقيق أحلامه وما يصبو إليه. وتابع أحمد، بينما بدا عليه التأثر، أن فرص العمل في غزة باتت نادرة وقليلة وإن وجدت تكون عن طريق المحسوبية ولا تعتمد على الكفاءة والمؤهلات العلمية. ولم يكن أحمد الوحيد الذي يعاني من هذا الوضع حيث يواجه مئات الآلاف من الشباب واقعا مماثلا وصعبا. ويسير الشاب هادي أبومطيع (32 عاما) الحاصل على بكالوريوس في الهندسة الزراعية من جامعة محلية، في شارع الوحدة في غزة بعد أن عاد لتوه من تقديم طلب للعمل في وزارة الزراعة وعدد من المؤسسات. ويضيف أبومطيع “هذه ليست المرة الأولى التي أتقدم فيها بطلب للعمل دون جدوى”. وتابع أنه مضطر للعودة إلى بيته سيرا على الأقدام لتوفير أجرة التنقل، مشيرا إلى أن الشباب في القطاع يعيشون حياة مدمرة بعد أن أغلقت جميع الأبواب في وجوههم وتحطيم أحلامهم ومستقبلهم. ويرى مراقبون فلسطينيون أن الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع والانقسام الداخلي الفلسطيني وشلل القطاع الخاص عوامل أدت إلى ارتفاع معدلات البطالة بشكل كبير. وأعلنت وزارة العمل الفلسطينية في غزة الأسبوع الماضي عن ارتفاع كبير في نسبة البطالة في القطاع الذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة. ◙ مجموع المتعطلين عن العمل في غزة بلغ 317 ألف باحث عن فرصة شغل ◙ مجموع المتعطلين عن العمل في غزة بلغ 317 ألف باحث عن فرصة شغل وأوضحت الوزارة في بيان بمناسبة يوم العمال العالمي الذي يصادف الأول من مايو أن مجموع المتعطلين عن العمل في غزة بلغ 317 ألف باحث عن فرصة شغل، منهم 134 ألفا مسجلون على النظام لدى الوزارة. وأرجع البيان أسباب ذلك إلى الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ العام 2007 إلى جانب شن عدة عمليات عسكرية أدت جميعها إلى التضييق على الشباب والعمال والمزارعين والصيادين، والمؤسسات وإعاقة عجلة التنمية. وكان البنك الدولي أشار في تقاريره السنوية الأخيرة إلى أن قطاع غزة من بين المناطق الأعلى في نسبة البطالة في العالم. وحذر اتحاد نقابات عمال فلسطين من استمرار الواقع المعيشي في غزة، مشيرا إلى أنه “ينذر بانفجار كبير”. وحمل الاتحاد السلطات الإسرائيلية المسؤولية عن الواقع الذي يعيشه سكان القطاع، مشيرا إلى أنها تتعمد جعل الناس يعيشون حياة رمادية بين الموت والحياة كنمط عقابي جماعي لمليوني إنسان. وطالب الاتحاد الدول المانحة بإنقاذ الاقتصاد الفلسطيني من الانهيار الكامل والقريب إذا بقي الحال على ما هو عليه، كما دعا منظمة العمل الدولية إلى فتح تحقيق مستقل في الإجراءات الإسرائيلية بحق العمال الفلسطينيين. وقال الاتحاد إن عمال غزة يعيشون واقعا صعبا ومريرا هو الأسوأ على الإطلاق. وأضاف أن أعداد المتعطلين عن العمل وصلت إلى أكثر من 250 ألف عامل، وبلغت نسبة البطالة 55 في المئة، فيما بلغت نسبة الفقر قرابة 80 في المئة، ولا يزال الآلاف ينضمون إلى صفوف العاطلين كل مرة. ومن جهتها قالت حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية إن مكافحة البطالة بين جيل الشباب هدف مركزي لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني. وطالبت الحركة بإعادة توزيع الموازنة الفلسطينية وتخصيص موارد أكبر للمشاريع الإنتاجية وللصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية ومكافحة كل أشكال الواسطة والمحسوبية في التعيينات. وتعاني السلطة الفلسطينية من وضع مالي صعب مع توقف المساعدات الخارجية التي تساهم في سد العجز في موازنتها سواء كانت من الدول العربية أو الأجنبية. وبحسب ما تظهر بيانات وزارة المالية، فإنها لم تتلق أي دعم خارجي منذ بداية العام 2021. ولجأت الحكومة خلال الأشهر الماضية إلى الاقتراض من البنوك كي تتمكن من الوفاء بالتزاماتها المالية. وتقترض السلطة الفلسطينية شهريا من البنوك العاملة لديها نحو 130 مليون دولار لتسديد أنصاف رواتب الموظفين. وزادت الأوضاع المالية صعوبة بسبب قرار الحكومة الإسرائيلية خصم 597 مليون شيكل على دفعات من أموال الضرائب التي تجبيها لصالح السلطة الفلسطينية عن البضائع التي تدخل إلى السوق الفلسطينية. ◙ الحصار الإسرائيلي والانقسام الداخلي الفلسطيني وشلل القطاع الخاص عوامل أدت إلى ارتفاع معدلات البطالة وتتوقع السلطة الفلسطينية عجزا بقيمة مليار دولار في نهاية العام الجاري استنادا إلى معطيات رسمية. ومؤخرا قدرت الحكومة الفلسطينية إجمالي نفقاتها للعام 2021 بنحو 5.6 مليار دولار، مقابل إيرادات بنحو 4.6 مليار دولار. ورغم أن السلطة توقعت أن تبلغ المساعدات الخارجية 210 ملايين دولار في النصف الأول من العام الماضي، إلا أنها تسلمت فعليا 30 مليون دولار فقط وفق ما أعلنت مؤخرا. وتوقفت المساعدات العربية المقدمة للحكومة الفلسطينية بشكل لم يسبق له مثيل منذ قرابة عقدين. وأفاد تقرير سلطة النقد الفلسطينية حول تطورات مالية الحكومة بأن “السلطة لم تتلق خلال الربع الأول من العام 2021 أي منح أو مساعدات خارجية تقريبا”. وأوقفت الولايات المتحدة مساعداتها للسلطة الفلسطينية بداية العام الماضي عقب الاحتجاجات الفلسطينية على نقل السفارة الأميركية إلى القدس وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.
مشاركة :