تعليق ((شينخوا)): واشنطن تروج لإستراتيجيتها لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ في محاولة عبثية لإعادة تشكيل آسيا

  • 5/27/2022
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

اختتم الرئيس الأمريكي جو بايدن، بطريقة هوجاء ومتسرعة، رحلته الأولى إلى آسيا منذ توليه مهام منصبه، في مسعى عبثي لربط دول المنطقة بأجندة واشنطن المناهضة للصين. وخلال رحلته التي استغرقت 5 أيام إلى آسيا، عرض بايدن إستراتيجيته لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ وما يسمى بالإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، في محاولة لإنشاء مجموعات صغيرة وتحويل آسيا إلى ساحة جيوسياسية لاحتواء الصين. ولكن وراء كل هذا التجميل، لا يمكن لدوافع واشنطن الخفية أن تخدع أحدا. والواقع أن عقلية الحرب الباردة موجودة في الحمض النووي للولايات المتحدة الميالة للحرب، والتي اعتادت على إثارة الانقسامات والمواجهات، بغرض تحقيق التفوق على منافسيها في هذا الصدد، وجني الأرباح. وباعتبارها قوة عظمى عالمية راسخة منذ فترة طويلة تواصل التلاعب بالقضايا العالمية والتدخل في الشؤون الإقليمية، يتعين على الولايات المتحدة أن تواجه بشكل مباشر، وإن كان ذلك عن غير رغبة منها، حقيقة تلاشي نفوذها. ومع تفاقم المشاكل في الداخل، لم يعد بإمكانها توفير الوقت الكافي للعب دور "شرطي العالم" كما كان الحال عليه من قبل، ولا الاحتفاظ بهيمنتها الاقتصادية. وهذا هو السبب في أن الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ قد ينتهي به الأمر ليكون وعدا أجوف آخر ضمن مخزون واشنطن من الأكاذيب. ولا يوجد جدوى حقيقية في الإطار، وهو ليس كاملا ولا واضحا على المستوى الكلي لتحديد نظام اقتصادي إقليمي متكامل، ورمزي بدرجة أكبر من كونه فعالا. وقال تقرير لوكالة ((بلومبرغ)) إن العديد من المسؤولين في آسيا لا يفهمون الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، حتى أن البعض تساءل "ما هذا الذي نريد الانضمام إليه؟" وعلقت وكالة ((أسوشيتد برس)) بأن الإطار يفتقر إلى عناصر عملية مثل الوصول إلى الأسواق، وأن جاذبيته الحقيقية موضع شك. فالاتفاق في جوهره هو "مخطط" لإنشاء كتلة اقتصادية حصرية أخرى بقيادة الولايات المتحدة لعزل الصين ومواجهتها، ومرة أخرى عن طريق إجبار دول إقليمية على الانحياز إلى أحد الجانبين وتعطيل النظام الاقتصادي الإقليمي العادي. وانكشفت مثل هذه المحاولات أكثر عندما اختار بايدن مصنعا لأشباه الموصلات تابع لشركة "سامسونغ" للإلكترونيات كوجهة أولى له في كوريا الجنوبية. وجاءت الرحلة في وقت "تسعى فيه الولايات المتحدة إلى تعزيز سلاسل التوريد وإعادة تشغيل التصنيع الخاص بها وسط المنافسة مع الصين"، وفق ما أوردت صحيفة ((وول ستريت جورنال)). وبينما يبحر الاقتصاد العالمي عبر البحار الهائجة، فإن محاولة واشنطن خلق فصل اقتصادي متعمد وحصار تكنولوجي واضطرابات في السلسلة الصناعية من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم أزمة سلسلة التوريد وإلحاق الضرر بهيكل التعاون الإقليمي وتشكيل ضغط على التكامل الإقليمي. وهذه الخطوة، التي لا تتناسب وروح العصر، لا يمكن أن تخدع العقول الرصينة. وعندما وصل بايدن إلى اليابان يوم الأحد، خرج نحو 750 متظاهرا إلى الشوارع احتجاجا على القمة الأمريكية اليابانية المزمعة وقمة الحوار الأمني الرباعي "كواد". وقال تاكاكاج فوجيتا، وهو المدير العام لمجموعة مدنية مكرسة لدعم وتطوير بيان موراياما، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الولايات المتحدة "ابتدعت الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ بغرض استخدام اليابان ودول رابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان) من أجل مصالحها الخاصة". كما تجدر الإشارة إلى أن بايدن كان الوحيد من بين القادة الأربعة الذي قام بذكر "الصين" خلال القمة الثانية الحضورية لقادة "كواد" التي جرت يوم الثلاثاء. وهذا الأمر لم يكشف فقط عن خطط واشنطن الملتوية لمواجهة الصين عسكريا من خلال الكتلة الجيوسياسية "كواد"، بل أشار أيضا إلى أن كل دولة في المنطقة لديها شواغلها الخاصة ومترددة في ركوب عربة واشنطن المناهضة للصين. قبل بضع سنوات، شنت واشنطن حربا تجارية على بكين، متسببة في موجات صدمية في جميع أنحاء العالم. وفي الآونة الأخيرة، في أعقاب اندلاع الصراع الروسي الأوكراني، واصل حلف شمال الأطلسي "الناتو" بقيادة الولايات المتحدة تأجيج النيران، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وزيادة المخاوف الأمنية الدولية وهز السوق العالمية. ومع ذلك، لا تزال واشنطن التي تركز على خدمة مصالحها الذاتية على المسار الخاطئ. فهي تواصل الترويج لما يسمى بسياسة "الردع" و"الاحتواء"، مع سعيها إلى التلاعب ببلدان منطقة آسيا والمحيط الهادئ كبيادق للاحتفاظ بهيمنتها وبناء نسخة "ناتوية" في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. والواقع أن محاولتها المثيرة للانقسام محكوم عليها بالفشل هنا في آسيا، التي تعد منطقة شاملة تحتضن العولمة والتجارة الحرة، ومنطقة خلقت "معجزة آسيا والمحيط الهادئ" الملهمة للعالم. ولا يمكن لسياسات الكتل أبدا أن تشرك الدول الآسيوية في أي أطر، ولكن التعاون المربح للجانبين قادر على ذلك. إن السلام والرخاء في منطقة آسيا والمحيط الهادئ ليسا مهمين للمنطقة فحسب، بل للعالم أيضا. ويجب على واشنطن التوقف عن اختلاق الذرائع لزعزعة استقرار المناطق الأخرى، والتركيز بدلا من ذلك على حل أزماتها الخاصة والانخراط في تعاون شامل ومتساو يحقق نتائج ملموسة.

مشاركة :