ترى الشركات الأجنبية الفرص المجدية اقتصاديا في الدخول في السوق السعودية في تجارة التجزئة والجملة. إن جذب الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة هدف إستراتيجي يخدم رؤية 2030 بما تساهم به تلك الاستثمارات من نمو في التوظيف والمعرفة والسيولة المالية ونقل التكنولوجيا في الصناعة والتجارة والتداخل الإيجابي للمصالح والتواصل الإيجابي بين الأمم. واليوم نرى المصالح الدولية ترسم معالم العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين الأمم ما يقلل من الصراعات والتوترات بينها، حيث تقوم الشركات العابرة للقارات في حالات كثيرة بتوظيف مصالحها لتخفيف الخلافات السياسية بين دولها، لكنها أحيانا تخلق المشاكل.لقد وقعت المملكة على العديد من الاتفاقيات الملزمة قبل انضمامها لمنظمة التجارة العالمية في 5 ديسمبر 2005، لكن بعض هذه الاتفاقيات لم تنفذ حتى الآن لأسباب هيكلية وإجرائية واحترازية. رأت المملكة أهمية جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة منذ توقيع اتفاقية الانضمام للمنظمة، وذلك في العديد من القطاعات الاقتصادية التي منها قطاعا التأمين وتجارة التجزئة والجملة. ومنذ انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية والاستثمارات في تجارة التجزئة تتزايد، حيث افتتحت أسواق التجزئة الأجنبية العديد من محلات تجارة التجزئة في بعض المدن السعودية.أقر مجلس الوزراء السعودي قواعد أعلنتها الهيئة العامة للاستثمار في سبتمبر 2015م، وذلك للسماح بالملكية الأجنبية الكاملة (100 في المائة) في قطاع تجارة الجملة والتجزئة الذي حقق 239.3 مليار ريال في العام الماضي 2021م مقابل نحو 220.18 مليار ريال في عام 2020م، مسجلا بذلك نموا بنسبة 8.7 في المائة، بما يعادل نحو 19.14 مليار ريال، وذلك بحسب الأسعار الثابتة. وكانت هذه الخطوة متوقعة بعد أن كان سقف الملكية السابق 75 في المائة. وهذه خطوة تؤكد رغبة المملكة في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية لمساعدة الاقتصاد السعودي على التحول وفق «رؤية 2030».وبالطبع لهذا القرار إيجابيات وسلبيات مثل غيره من القرارات. سيحفز هذا القرار المنافسة بين محلات تجارة التجزئة السعودية ونظيراتها الأجنبية لما فيه من الخير للمستهلكين من حيث كسر الاحتكار بما يخفض الأسعار ويحسن جودة المنتجات ويزيد الاهتمام بخدمة الزبائن. وسيوفر تعدد محلات تجارة التجزئة الخيارات للزبائن وبالتالي تتنافس على رضا الزبون. وسيوفر دخول الشركات الأجنبية في تجارة التجزئة وظائف للمواطنين في الكثير من التخصصات والمهن. وبشكل عام ستكون قوة التفاوض في الشراء بيد المستهلكين عندما يزيد عدد محلات تجارة التجزئة على عكس ما حدث من سيطرة عدد قليل من محلات تجارة التجزئة على السوق. أما على مستوى رؤية المملكة 2030 فإن دخول الشركات الأجنبية في تجارة التجزئة يعد خطوة إيجابية للمساهمة في تحقيقها للكثير من الفوائد للمستهلكين. وأتوقع أن تكون للشركات الأجنبية في تجارة التجزئة مساهمة كبيرة في إجمالي الناتج المحلي السعودي. ومن الفوائد الأخرى للقرار أن شركات تجارة التجزئة الوطنية سوف تتعلم من الشركات الأجنبية قواعد وأصول المنافسة ما يساعدها على المنافسة المستدامة خاصة إذا كانت ترى أن المنافسة ممارسة إيجابية.الحقيقة أنه بعد مراجعة المأمول من شركات التجزئة الأجنبية وواقعها اليوم وجدت أن دخول المستثمر الأجنبي في تجارة التجزئة في المملكة لم يحقق ما تحدثت عنه أعلاه من كسر للاحتكار ومنافسة وخفض لأسعار وجودة المنتجات والخدمة. وأطرح السؤال على وزارة التجارة لماذا ترخص لشركات أجنبية في تجارة التجزئة من غير ضوابط تحمي المستهلك من الجشع والاحتكار وتدني الجودة في تجارة التجزئة التي تلامس حياة ومعيشة المستهلكين.كلية الأعمال KFUPM@dr_abdulwahhab
مشاركة :