تتواصل في تونس العاصمة فعاليات الدورة الرابعة لأيام قرطاج الكوريغرافية، التي افتتحت مساء السبت بمسرح الأوبرا بمدينة الثقافة التونسية، بحضور مجموعة من الفنانين الراقصين والمثقفين والإعلاميين. وأعطى المكلف بتسيير ديوان وزارة الشؤون الثقافية الأسعد سعيّد إشارة افتتاح هذه الدورة الرابعة التي ستتواصل أنشطتها إلى يوم الثامن عشر من يونيو الحالي، بتقديم 24 عرضا يؤمنها 22 فنانا كوريغرافيا من تونس وفلسطين ومصر وبوركينافاسو وفرنسا وكندا. وقال الأسعد سعيّد، في كلمة ألقاها نيابة عن وزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي، إن هذه التظاهرة تعتبر مكسبا للفنانين الراقصين ووعدا تحقق لكل من عمل على تأسيسه يتجدد لأصحاب الخطوات الأولى في عالم الرقص. الدورة الجديدة من المهرجان ترفع شعار المحافظة على البيئة رهانا وهاجسا ضمن حملة توعية وتحسيس عبر العروض وبيّن أن هذا المهرجان بدأ كبيرا منذ دورته الأولى بخط تحريري متماسك ومبادئ ثابتة ورؤيا شاملة تجمع بين مختلف اختصاصات الرقص وتساهم في بناء صناعة تدعم مكانة المبدعين في أرجاء العالم وأهم مؤسساته وتظاهراته الدولية. ولفت سعيّد إلى أن أيام قرطاج الكوريغرافية هي أيضا علامة وفاء ومناسبة لتخليد أسماء كل من مرّوا عليه من صناع الرقص وروّاده، مؤكدا على أن هذه المنابر الفنية ستظل حرّة ومسؤولة. وتحدّث المدير الفني لأيام قرطاج الكوريغرافية سليم بن صافية، في كلمته، عن تنوع برمجة الدورة الحالية التي تجمع بين العروض الراقصة والورشات التكوينية وحلقات النقاش التي تبحث في واقع فن الكوريغرافيا وآفاقه. وأكد أن هذه الدورة هي لمسة وفاء للفقيد عماد الحداد الذي وافته المنية يوم الثامن من يونيو الحالي، وهو الذي شغل منصب كاهية مدير الموسيقى بإدارة الموسيقى والرقص في وزارة الشؤون الثقافية. وأفاد بأن هذه الدورة تتميز أيضا برجوع الجمهور إلى القاعات وعودة الحلم بعد توقف التظاهرة في السنتين الماضيتين بسبب جائحة كورونا. وتابع الجمهور بمسرح الأوبرا العرض ما قبل الأول للعمل الكوريغرافي “سلام” للمخرج عماد جمعة وإنتاج مسرح أوبرا تونس وأداء راقص باليه أوبرا تونس، وهم بية بوزقرو وهدى الرياحي وأميمة مناعي وحازم الشابي وعمر عباس ووائل مرغني وعبد القادر دريهلي وسيف الدين عبد الجليل وسهيل عبدالجليل. ويقرع هذا العرض ناقوس الخطر لإنقاذ الإنسانية في قيمها السامية والنبيلة من تهديد الاندثار والفناء. وينادي إلى تغيير السلوك ومراجعة التصرفات البشرية المهددة للعالم البشري قبل فوات الأوان. وينبّه هذا العرض، في شكل دعوة من الجسد الراقص والثائر إلى تغيير السلوك ومراجعة التصرفات، من الأعمال غير الإنسانية التي لا تتوانى عن تدمير المجتمع وتخريبه من أجل مصالح ضيقة وغايات تجارية بالأساس. وكان حفل الافتتاح الرسمي بمسرح الأوبرا، مسبوقا بالعرض الأول للعمل الكوريغرافي “بلدي يا بلدي” لرضوان المؤدب وملاك السبعي بمسرح الجهات في مدينة الثقافة. وقد أراده صاحبه تكريما للمرأة التونسية التي قادت معارك الحرية وتسلحت بروح التغيير من أجل رسم ملامح بلد أفضل ومستقبل أجمل. Thumbnail وتحولت ساحة المسارح بمدينة الثقافة، إلى ما يشبه “المتاهة” التي مرّ عبرها الحاضرون في اليوم الافتتاحي للدورة الرابعة لأيام قرطاج الكوريغرافية، حيث تضمنت معرضا في الفن التشكيلي إذ كان موضوع اللوحات المعروضة هو الرقص. كما وثّقت هذه المتاهة أيضا تاريخ هذا المهرجان الذي تأسس سنة 2018 ليكون مساحة يلتقي فيها صنّاع الرّقص لتبادل التجارب والخبرات. وتقام العروض الكوريغرافية بمسرح الأوبرا بتونس ومسرح الجهات والمسرح الوطني التونسي الحلفاوين وقاعة الفن الرابع ومسرح الحمراء ومسرح الريو وشارع الحبيب بورقيبة، حيث ستفتتح الدورة بعرض “ميزان” لإلياس التريكي (تونس)، ويسدل الستار على هذه التظاهرة بعرض “سيرك أبيض وأسود” من تونس لنوال إسكندراني، إنتاج مسرح أوبرا تونس وعرض “اكزاك” من فرنسا. وترفع الدورة الجديدة من المهرجان شعار المحافظة على البيئة رهانا وهاجسا ضمن حملة توعية وتحسيس على غرار توفير دراجات هوائية لتنقل الضيوف بدل السيارات وما تتسبب فيه من تلوث، لكنها تواصل أيضا في رهانها على التعبير الجسدي الحرّ، بعد أن أكدت في العام الماضي أن لا رقص دون كرامة. وأهدى منظمو التظاهرة الدورة الماضية إلى روح الفنانة والصحافية والناشطة الحقوقية والمناضلة النسوية الراحلة زينب فرحات التي تركت بصمتها في تأسيس المهرجان ونحت مساره بصفتها عضوا شرفيا فيه، فيما كانت عروضه في أغلبها افتراضية ومقتصرة على الأعمال التونسية، لذا تمثل هذه الدورة الجديدة العودة الفعلية للمهرجان.
مشاركة :