"ملحمة كلكامش" التي تعد أقدم نص سردي في العالم سبق لعدد من المسرحيين العراقيين أن تصدوا لتقديمها، برؤى فنية وبأساليب ومعالجات إخراجية متنوعة، ومنهم الكاتب الراحل عادل كاظم في مسرحيته "الطوفان" التي أخرجها الراحل إبراهيم جلال، ومسرحية "الليالي السومرية" التي أعدتها الكاتبة لطفية الدليمي وأخرجها الراحل سامي عبدالحميد والصبي كلكامش إعداد واخراج الدكتور عقيل مهدي، ومسرحية "كلكامش الذي رأى" تأليف واخراج الدكتور حسين علي هارف، وأخيراً تصدى لها الفنان رسول الصغير مخرجاً عن نص للكاتب المغربي الدكتور سعيد الناجي حمل عنوان (كلكامش كما لم تسمع عنه)قدمها -مؤخراً - على خشبة المسرح الوطني في الجزائر أيام 15و16و17 و18و19/ آب/2022. يعرف الفنان رسول الصغير بصفته ممثلاً ومخرجاً مسرحياً عراقياً، قدم العديد من الأدوار في المسرح والتلفزيون، ودرس الإخراج المسرحي في أكاديمية الفنون الجميلة في جامعة بغداد وتخرج منها عام 1989، وغادر العراق إلى اليمن عام 1992 وقدم الكثير من الأعمال المسرحية علاوة على تدريسه لمادة المسرح في مدينتي المكلا وصنعاء، وأسس في اليمن مهرجان المسرح المدرسي الأول في عام 1994. ثم سافر إلى هولندا وواصل دراسته فيها وحصل على بكالوريس المعهد العالي للمسرح –فرع الإخراج عام 2004، وعمل مخرجاً وممثلاً لمسرحيات عدة وباللغة الهولندية. وانتقل إلى بريطانيا في 2008 وعمل في مسارحها ممثلاً ومخرجاً واستشارياً. وعمل في الكويت أستاذاً للدراما في مؤسسة لوياك الكويتية، وواصل عمله هناك منذ 2011 وأخرج فيها مسرحيات عدة، أول دور قدمه كان في مسرحية "عبور المحيط" لبرخت، وكان عبارة عن كلمة واحدة فقط في مسرحية تستغرق ساعة ونصف الساعة وشارك فيها خمسة وأربعون ممثلاً ، وحصل على جوائز في مهرجانات مسرحية عدة في داخل وخارج العراق عرض فيها مسرحيات، كان فيها مخرجاً وممثلاً ومؤلفاً وإدارياً، ويعد أول ممثل عراقي يلعب دوراً رئيسياً في مسرحية لفرقة شكسبير الملكية وكان عنوانها "متحف في بغداد"، والتي تدور أحداثها في المتحف العراقي،وتمتد احداثها بين عام 1920 أي قبل تأسيس الدولة العراقية بعام واحد إلى عام 2006. ويعاود الفنان رسول الصغير حراكه المسرحي الإبداعي هذه المرة من الجزائر لتقديم مسرحيته الجديدة "كلكامش كما لم تسمع عنه"، على خشبة المسرح الوطني الجزائري، وهي عبارة عن مونودراما تحكي عن أسطورة كلكامش التي سبق وقدمت في قراءات إبداعية كثيرة منذ أن تم اكتشاف تلك الأسطورة، وهي رؤية مغايرة لما توارث من اسطورة كلكامش وصديقه انكيدو، حيث يشاكس العرض مفاهيم البطولة والوفاء والنظرة المحاطة بالقدسية للأبطال فيصبحون جزءاً مهماً من خيالنا المتناقل والجمعي. المسرحية كتبها الجزائري الدكتور سعيد الناجي عن ملحمة كلكامش، ومن تمثيل الفنان الجزائري القدير حليم زريبيع، واخراج رسول الصغير، وعرضت أيام 15و16و17و18و19من شهر آب أوغست 2022 ، على خشبة المسرح الوطني الجزائري في العاصمة الجزائر.. وبغية الوقوف على بعض من جوانب هذه المسرحية كانت لنا هذه الوقفة السريعة مع مخرجها المبدع رسول الصغير: * ما الذي تنطوي عليه فكرة المسرحية المأخوذة عن ملحمة كلكامش؟ - النص الذي كتبه الكاتب المغربي الدكتور سعيد الناجي ركز على شخصية واحدة من الملحمة وهي شخصية جلجامش واسقاطاتها على المرحلة التي عاشها العرب في سنوات التحول الأخيرة .. * وما مدى المغايرة في هذا النص للكاتب والباحث الجزائري الدكتور سعيد الناجي الذي سبق ان عالجه أكثر من كاتب ومخرج مسرحي عراقي بالتحديد؟ - المغايرة في النص ..اعتمدت السرد فقط من وجهة نظر كلجكامش نفسه * وما مدى المغايرة على صعيد المعالجة والرؤية الإخراجية التي قدمتها وتقدمها في هذا العرض قياساً للمخرجين السابقين ؟ - المغايرة في المعالجة الإخراجية تكمن في النظر من زاوية مختلفه لطبيعة كلكامش الذي توارثها وعينا وقراءتنا الأحادية الجانب لمفهوم البطولة والوفاء في حكاية كلكامش، والرؤيا الاخراجية اعتمدت على السؤال الافتراضي لماذا سلمنا جميعا بأن كلكامش بطلاً أسطورياً ؟ ولماذا أصبحنا جميعاً نتوارث هذه القناعه الرخوة ؟ * وماذا عن خياراتك على صعيد التمثيل ؟ ولماذا اخترت الممثل الجزائري حليم زريبيع تحديداً؟ - الممثل حليم زريبيع هو واحد من الممثلين الجزائريين المشهود له في بلده، ونجم من نجوم المسرح الجزائري الذي كتب اسمه بجدارة في سلسلة مبدعي الجزائر، وسبق أن اختاره استاذنا الكبير الراحل قاسم محمد لبطولة واحد من أهم أعماله المسرحية التي أخرجها للمسرح الوطني الجزائري وهو مسرحية "مدونات المنشود بين الموجود والمنشود". * وماذا عن سينوغرافيا وتقنيات العرض وفعلها التكاملي في تجسيد فكرة النص؟! - الفنان علي الحزاني شكل سينوغرافيا مكملة تماماً للرؤية التي أسس عليها العرض ... * وماذا عن دور الشاعر عبد الرزاق الربيعي في مراجعة وتدقيق النص؟ وما أبرز الملاحظات التي سجلها؟ وهل يمكن اعتباره دراماتورج العرض؟ -الاستاذ عبد الرزاق الربيعي هو المشرف والمدقق اللغوي للعرض. * وما الذي يميز هذ العرض وخطابه الجمالي والإبداعي عن بقية عروضك السابقة شكلاً ومضموناً داخل وخارج العراق ؟ -هذا السؤال اجابته هي العرض نفسه ..عند المشاهدة فقط استطيع أن أقول إننا في هذا العرض قلبنا طاولة المعتاد تماماً شكلاً ومضموناً * وما الذي تراهن عليه في هذا العرض، وتتوقعه من خلال هذا التمازج بين كاتب مغربي وممثل جزائري ومخرج عراقي ومراجعة لكاتب وشاعر عراقي؟ - العرض يخاطب العقل العربي تحديداً، واجتمعنا على هذا الأساس الكاتب من المغرب والانتاج جزائري والممثل والسينوغراف والموسيقى من الجزائر وعبد الرزاق الربيعي وانا من العراق.. * كلمة أخيرة.. - ما لم نرى الأشياء كما هي وليس كما نراها سنبقى رهن الخديعة..!
مشاركة :