يقول صقر عليشي: لم تعط تفاحتها آدما كي يهبطا من بعدها الأرضا حواء بالتفاح كانت فقط تريده أن يعرف العضا بيتان شعريان سطحيان بصورة بائسة ولكنهما يتركان بين يدي القارئ فرصة واسعة للقراءة المتعددة: فلك قراءتهما كمحتوى بعيد عن تاريخ الحادثة ذي المعرفة السائدة، وهنا يمكن أن يطلق على البيتين وصف «الهرطقة البيضاء» ولك قراءتهما باعتبار أنهما إهانة بشعة للمرأة لأن العض نفسه ذو إيحاءات عارية، وحصر هدف المرأة فيه يسلبها كل الأهداف الإيجابية التي تقوم بها أفضل من الرجل. ولك قراءتهما باعتبارهما سخرية من غباء الرجل الذي يحتاج إلى من يضع عينيه على أوضح الأمور حسية، مستعيدا أسطورة «انكيدو» ذلك الذي أنسنته المرأة وأخرجته من الحيوانية إلى الطبيعة البشرية. ولك قراءتهما باعتبار الشاعر نفسه يعبر عن رغباته المكبوتة وما تفاحة حواء إلا غطاء لتلك الرغبات، وهنا يأتي دور العقل الباطن الذي يؤديه بلغة «حلمية» والأحلام- حسب الفضائيات- لها مفسروها الذين لا يزالون غارقين في سراب ابن سيرين وكأن فرويد لم يخلق حتى الآن. ولك قراءتهما قراءة ناقد «صميدح» من فئة «ما بعد الحداثة» فتقول إن هذا الشاعر المحلق قصد من التفاحة المستحيل وقصد من العض فض هذا المستحيل والقبض عليه بالنواجذ.. وهذا هو شعر الحساسية الجديدة المفعمة بالرؤية المستقبلية ولغة الرمز التي لا يعرفها إلا غواص ماهر. تلك خمس قراءات من زوايا مختلفة لنظم فقير من المعنى حيث اللغة جرداء من أية ومضة شعرية.. فما بالك؟ أو كيف تقول: في شعر ملتف كالغابة يختزن في لغته المجازية نصف لآلئ البحار؟ هل تجوز قراءته من عينين لا تعرفان الزوايا أصلا ولم يسمع صاحبهما بأن هناك لغة تسمى «اللغة الشعرية» يحتاج الوصول إليها إلى رهافة ذوقية وتجاوز للغة «السمعية»؟. مساكين هؤلاء.. إنهم يحاولون صيد اللؤلؤ من الهواء فهم لا يعرفون السباحة أصلا فضلا عن الغوص.
مشاركة :