يأمل الطفل محمد وشح من قطاع غزة العيش في حياة أفضل يوما ما في المستقبل وأن يتخطى الظروف الصعبة التي تعيشها عائلته في الوقت الحالي. وتأتي أمنيات وشح، بالتزامن مع احتفاء العالم بـ"يوم اللاجئ العالمي" الذي حددته الأمم المتحدة العام 2000 تكريماً للاجئين في جميع أنحاء العالم، ويعد مناسبة لحشد التعاطف والتفهم لمحنتهم والاعتراف بعزيمتهم من أجل إعادة بناء حياتهم. ويعيش وشح البالغ من العمر (12 عاما) مع عائلته المكونة من ثمانية أفراد في مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين شمال القطاع في بيت قديم ومتهالك شيدته وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). ويقول وشح، بينما كان يلعب مع رفاقه في أحد أزقة المخيم، لوكالة أنباء ((شينخوا)) "ليس من السهل أن تعيش في مخيم مكتظ بالسكان طوال حياتك، ولا يمكن لأي شخص أن يعيش مستقبلا أفضل في ظل الظروف الحالية". ويعمل الطفل الصغير على الاهتمام بتعليمه أملا في الحصول على علامات مرتفعة في الدراسة كي يصبح معلما يوما ما ويجني نقودا لشراء منزل خارج المخيم الذي يعد أكثر المخيمات اكتظاظا في القطاع. وتندحر عائلة وشح من بلدة "هربيا" التي احتلتها إسرائيل العام 1948، فيما تم تهجير سكانها الأصليين وطردهم منها، حيث استقر غالبيتهم في القطاع الساحلي الذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة. ويشرح الطفل الذي يحلم بمستقبل أفضل "لطالما سمعت من جدي أحاديث كثيرة عن بلدتنا، حيث كانوا يعيشون حياة هادئة ومستقرة"، معربا عن أمله بالعيش مثل هذه الحياة يوما ما. أما إبراهيم وشح والد الطفل فأعرب عن حزنه لعدم قدرته على تغيير واقع أبنائه نحو الأفضل في ظل الظروف الصعبة التي يعاني منها بسبب عدم الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي في القطاع منذ أعوام. ويقول الأب وشح (49 عاما) وهو أب لستة أبناء ل(شينخوا) "نسعى جاهدين مثل الآباء في العالم لتوفير حياة كريمة لأبنائنا ونساعدهم في بناء مستقبل واعد لهم (...) لكن للأسف فشلت في ذلك رغم محاولاتي لأعوام طويلة". ويضيف وشح بينما كان يلاعب طفله الصغير "أنا عشت لاجئا في هذا المخيم، الشعور بأنك مجرد وبلا مأوى يؤلمك كثيرا (...) أنا لا أريد أن يعيش أطفالي نفس حياتنا البائسة". ومع ذلك، يؤمن وشح بأنه يمكن تغيير واقع اللاجئين في المخيمات الفلسطينية من خلال العمل على إنشاء جيل جديد قادر على صناعة مستقبل واعد لهم على الرغم من الظروف الصعبة التي يعيشونها حاليا. ويقول وشح إن "التعليم هو الخطوة الأولى للسير في طريق التطور والحضارة والمستقبل الواعد، لذلك أنا أشجع أبنائي على الاهتمام بتعليمهم وأن يكملوا مسيرتهم التعليمية"، مؤكدا أهمية الرهان على جيل متعلم ومتطور قادر على مواجهة كافة الظروف الصعبة. ولا يختلف الحال كثيرا بالنسبة للطفل أحمد بعلوشة، الذي يعيش في نفس المخيم ويطمح أن يصبح مهندسا الكترونيا يوما ما، كي يتمكن من تحسين الأوضاع الاقتصادية لعائلته ويساعدهم على العيش في حياة مستقرة. ويقول بعلوشة ل(شينخوا) "نحن نعيش هنا في مخيم للاجئين، ليس لدينا كهرباء ولا ماء ولا حياة مناسبة لأطفال مثلنا، لافتا إلى أن المتغير الوحيد في المخيم هو زيادة أعداد السكان". ويضيف بعلوشة بينما يلتف حوله عدد من أطفال المخيم "ناشدنا دول العالم كثيرا لتقديم المساعدات لنعيش بسلام (..) لكن للأسف، ما زلنا نتعرض للحروب الإسرائيلية ونعاني من الفقر ولا يهتم أحد بنا". وتعتقد الطفلة راما حسونة (14 عاما)، بأن العالم لم يعد يهتم لقضية اللاجئين الفلسطينيين بسبب "الأحداث الدائرة حول العالم وما نتج عنها من ملايين اللاجئين الذين يفرون من أوطانهم إلى أماكن أكثر أمانا". وتقول حسونة بينما كانت تلعب على الأرجوحة التي نُصبت في أحد أزقة مخيم جباليا، ل(شينخوا) "نحن نحلم أن نعيش حياة مستقرة وآمنة في المستقبل دون خوف من الموت قتلا أو جوعا". ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين حوالي 13.4 مليون شخص حول العالم، وفقا لتقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني يعيش منهم 6.64 مليون منهم في الضفة الغربية والقطاع. وبحسب الإحصائيات، يعيش 28.4 بالمائة من اللاجئين في 58 مخيماً رسمياً للوكالة الأممية، منتشرة في خمسة مناطق هي الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة. وتقدم الأونروا الخدمات الأساسية للاجئين مثل التعليم والصحة والغذاء، وقد عانت في السنوات الأخيرة من أزمة مالية حادة نتيجة انخفاض الدعم المالي المقدم لها من الدول المانحة، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية. ويقول وكيل دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية أنور حمام، ل(شينخوا) إن اللاجئ الفلسطيني داخل المخيمات وخارجها بمستويات غير مسبوقة من الفقر والبطالة والحرمان وانعدام الفرص. وأضاف حمام أن نسب الفقر داخل المخيمات في الأراضي الفلسطينية والشتات تتجاوز الـ50 في المائة، لافتا إلى أن يوم اللاجئ العالمي مناسبة لتذكير المجتمع الدولي بحقوق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة والتعويض واستعادة الممتلكات. وأضاف حمام أن اللاجئ الفلسطيني لا زال يعيش في المخيمات داخل الأراضي الفلسطينية والشتات على أمل حلم العودة، مشيرا إلى أن اليوم ناقوس يدق الضمير العالمي الذي يكيل بمكيالين لقضية اللاجئين الفلسطينيين. وطالب حمام المجتمع الدولي بدعم الأونروا التي تتعرض "للتهديد ومحاولة شطب وجودها لأنها تمثل الاعتراف الدولي بوجود قضية اللاجئين، داعيا إلى الحفاظ على الوكالة الأممية وخدماتها التي تقدمها للاجئين داخل المخيمات وتجديد الولاية لها للأعوام الثلاثة المقبلة.■
مشاركة :