جداريات الحج تراث يأبى الاندثار في مصر 2022-06-23

  • 6/23/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

قال الفنان المصري الطيب النجار، أحد رواد فن جداريات الحج في صعيد مصر، إن الرسوم واللوحات التي تُزين منازل الحجاج في موسم الحج كل عام، فن شعبي مصري يأبى الاندثار، مشيرا إلى أن فن رسوم الحج بات يجذب المزيد من الفنانين من طبقات اجتماعية شتى مثل الأطباء والأكاديميين وغيرهم ممن بهرهم ذلك الفن وأصبحوا من عشاقه ويحرصون على ممارسته. وأضاف النجار أن أجيالا تلو أجيال من الفنانين الفطريين يتسلمون الراية ممن سبقهم من فنانين وسط حرص على بقاء ذلك الفن المحفور في الذاكرة الشعبية، والذي يُعد أحد أهم الطقوس التي يشهدها موسم الحج في كل عام. واعتبر أن هؤلاء الفنانين الفطريين الذين ينشطون في رسم جداريات الحج بالمدن والقرى المصرية، وخاصة في محافظات الجنوب، يقفون بمثابة حراس لهذا الفن ويحولون دون اندثاره، حيث تتواصل جهودهم لنقل فن رسوم وجداريات الحج من جيل إلى جيل. ◙ فن رسوم الحج بات يجذب المزيد من الفنانين من طبقات اجتماعية شتى مثل الأطباء والأكاديميين وغيرهم وحول تجربته الخاصة في ممارسة الرسم على جدران منازل الحجاج، قال النجار إنه استفاد كثيرا من وجوده وسط مقابر الفراعنة، وعمله بنسخ رسوم ونقوش تلك المقابر، في تطوير ممارسته لفن جداريات الحج، لافتا إلى أنه كان يقوم بصنع ألوانه المستخدمة في رسوم الحج من مواد متوفرة حول منزله الذي كان يقع وسط المقابر التي شيدها نبلاء مصر القديمة في البر الغربي من مدينة الأقصر التاريخية في صعيد مصر، حيث تقع جبانة طيبة القديمة التي تضم بين جنباتها المئات من المقابر الفرعونية. وأضاف أنه في أعماله الفنية التي تتنوع ما بين رسوم فنية، ورسوم فوق جدران منازل الحجاج، ولوحات شعبية تصور طقوس الحياة اليومية في صعيد مصر، تأثر كثيرا بعمله في قطاع الآثار المصرية، حيث مكّنه عمله كرسام يتنقل من مقبرة إلى أخرى ضمن فرق التوثيق الأثري، من الاطلاع على المئات من اللوحات والجداريات التي رسمها الفنان المصري القديم، وتعلم من تلك الرسوم كيف يُحدد ملامح الوجوه وكيف يرسم تفاصيلها، وتعلم كيف يقوم بتركيب الألوان الزاهية التي يستخدمها في رسم جداريات الحج واللوحات الفنية الشعبية، وأن تلك الألوان جلب موادها من ذات المصادر التي جلب منها الفنان المصري القديم ألوانه التي رسم بها جدران المقابر والمعابد، وأنه فكّر كثيرا في كيفية الحصول على ألوان زاهية كتلك التي تُزين المقابر الفرعونية، وذلك بعد أن لاحظ أن رسومه فوق جدران منازل الحجاج، وواجهات الفنادق والمطاعم السياحية سرعان ما “تبهت” وتفقد بريقها مع مرور الأيام. وحول المشاهد التي يقوم برسمها على جدران منازل الحجاج، قال إنه يقوم بتسجيل تفاصيل رحلة الحج كاملة، بداية من الاحتفالات المبهجة التي تسبق سفر الحجاج للأراضي المقدسة في السعودية، مثل الضرب على الدفوف والرقص والغناء ورقصات الخيول وفرق المزمار البلدي ولعبة التحطيب التي تنتشر بصعيد مصر، ثم رحلة سفر الحاج راكبا الباخرة أو الطائرة، وطواف الحجاج حول الكعبة المشرفة، وزيارتهم للحرم النبوي الشريف، ووقوفهم بجبل عرفات، وحتى عودة الحجاج واستقبالهم في مواكب احتفالية حاشدة. وثيقة سفر للحج وثيقة تؤرخ لسفر الحج وحول الأجواء التي كانت تحيط به خلال قيامه برسم جداريات الحج، قال النجار إنه كان يقوم بالرسم وسط مظاهر احتفالية، حيث يغني الجميع من حوله، ويرقصون على وقع أصوات أغاني الحجاج، مشيرا إلى أن ما يرسم من لوحات على جدران منزل من يقوم بالحج من الرجال، يختلف عن تلك اللوحات التي ترسم على منازل النساء اللاتي يقمن برحلة أداء مناسك الحج. وحول موضوعات رسومه الشعبية التي تُزيّن واجهات الفنادق والمطاعم والبازارات السياحية في البر الغربي من مدينة الأقصر التي تعد أحد أهم مقاصد السياحة الثقافية بالعالم، قال النجار إن موضوعات تلك اللوحات مستوحاة من طبيعة الحياة اليومية وسط تلك النجوع التي كان يقيم سكانها وسط المقابر والمعابد التي نحتها وشيدها قدماء المصريين، في أحضان جبل القرنة، حيث كان يقيم في صباه وشبابه وسط تلك المقابر والمعابد التي كانت تحيط به طوال يومه. وتابع بأنه كان يرسم جداريات تصور قيام سكان تلك المناطق الأثرية بجلب المياه، إما على رؤوس النساء، أو فوق ظهور الحمير، ثم فوق عربات صممت لتجرها الدواب بين الدروب والطرق ووسط المدقات الجبلية، بجانب رسم مشاهد لرحلة نقل الأحجار التي يستخدمها الفنانون الفطريون في نحت لوحات وتماثيل لملوك وملكات الفراعنة، وتفاصيل الحياة اليومية في مصر القديمة، حيث كان يتم جلب تلك الأحجار من وسط الجبال محمولة على ظهور الحمير. فنانون يرسمون تفاصيل رحلة الحج كاملة، بداية من الاحتفالات المبهجة التي تسبق سفر الحجاج للأراضي المقدسة في السعودية حتى عودتهم واستقبالهم وحول بداية ممارسته لرسم جداريات الحج، قال النجار إنه قام برسم أول جدارية على منازل الحجاج قبل قرابة أربعة عقود مضت، وتحديدا في العام 1984، وأنه مع مرور الأيام والتحاقه بالعمل في قطاع الآثار المصرية، صار يرسم جداريات فرعونية بجانب جداريات الحج والرسوم الشعبية التي تحظى بشهرة واسعة في أوساط المصريين، خاصة في محافظات الجنوب الغنية بآثار الفراعنة، والمعالم السياحية مثل الأقصر وأسوان. وأوضح بأن منازل الكثيرين من سكان المناطق الأثرية في جبانة طيبة القديمة بالبر الغربي لمدينة الأقصر، تتزين برسوم الحج، بجانب الرسوم الشعبية، والجداريات الفرعونية، مؤكدا أن منزل عائلته القديم الذي كان يقع وسط مقابر نبلاء مصر القديمة، كانت الرسوم تُزين جميع جدرانه، وأنه حين انتقلت العائلة إلى مدينة القرنة الجديدة، قام أيضا برسم جميع جدران المنزل، وأن أغلب السكان يحرصون على رسم جدران وواجهات منازلهم، على غرار الرسوم التي تُزين أغلب واجهات الفنادق والمطاعم والبازارات السياحية، وما يُعرف بـ"مصانع الألباستر" نسبة إلى أحجار الألباستر، حيث تُنحت اللوحات والتماثيل الفرعونية، لتُباع للسياح الذين يتوافدون بالآلاف لزيارة الآثار الفرعونية التي تنتشر في البر الغربي لمدينة الأقصر، وفي مقدمتها مقبرة الفرعون الذهبي الملك توت عنخ آمون، ومقبرة الملكة نفرتاري، ومعبد الملكة حتشبسوت، وغير ذلك من معابد ومقابر حكام مصر القديمة التي أقيمت بالمنطقة قبل الآلاف من السنين.

مشاركة :