فاجأ رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة الليبيين بقرار موافقته على طلب من وزير النفط محمد عون بشأن إقالة رئيس مؤسسة النفط مصطفى صنع الله الذي دخل منذ العام الماضي في صراع مع الوزير اختار فيه الدبيبة الانحياز إلى صنع الله. وأرجع مراقبون تغيير الدبيبة لقراره إلى إمكانية أن يكون صنع الله قد رفض تحويل عائدات النفط إلى المصرف المركزي الذي يقوده الصديق الكبير. ومن غير المعروف ما إذا كان قرار صنع الله يندرج في سياق الآلية الدولية التي تنص على تحويل عائدات النفط إلى حساب مصرفي مستقل في انتظار أن يتم تشكيل حكومة توافقية أو انتخاب سلطة جديدة. وقلّل مراقبون من أهمية قرار الدبيبة، حيث ينظر إلى المناصب السيادية -وخاصة محافظ المصرف المركزي ورئيس مؤسسة النفط ورئيس مؤسسة الاستثمار- على أنها خارج نطاق الليبيين؛ إذ تسيطر قوى دولية كبرى على هذه المؤسسات وهي من يعين ويقيل وليس الليبيين، مستندين في ذلك إلى إقالة البرلمان مرارا للصديق الكبير لكن الغرب أصر على الاستمرار في التعامل معه. محمد عون: موافقة رئيس الحكومة اليوم جاءت بعد معاناة وتربط كل من صنع الله والكبير علاقات جيدة مع الأميركيين والبريطانيين على حد السواء. ويرى هؤلاء المراقبون أن التوتر بين مؤسسة النفط والمصرف المركزي أصبح أمرا أكثر من مألوف، متوقعين أن يتم حل الخلاف خلال الأيام القادمة؛ إذ سبق أن شن صنع الله هجوما على الصديق الكبير لكن سرعان ما تم احتواء التوتر. وكان من المفترض أن يتم تغيير كل المناصب السيادية بعد وصول حكومة الدبيبة إلى السلطة في مارس من العام الماضي، وهو الأمر الذي تعطل في البداية رغم عقد جلسات بين مجلسيْ النواب والدولة بشأن الموضوع ثم توقف الحديث تماما عنه، وهو ما سبقته أنباء بشأن عقد صفقة بين المجلسين تنص على استمرار عقيلة صالح في منصب رئيس البرلمان مقابل عدم تغيير المناصب السيادية. وفي حين أن المؤسسة الوطنية للنفط واحدة مما يسمى بالمؤسسات السيادية في ليبيا، لا تعتبر قيادتها منصبا سياديا يتطلب موافقة مجلسي النواب والدولة، لكن انتهاء ولاية حكومة الدبيبة والتنافس مع حكومة فتحي باشاغا الموازية يفرضان التساؤل عما إذا كان الاعتداد بقراراتها مازال ساريا أم أنها أضحت قرارات لا يعتد بها؟ وأعلن الدبيبة الخميس موافقته لعون بشأن تغيير صنع الله واقتراح أسماء جديدة لاعتماد الأنسب. وجاء ذلك خلال تصريح مرئي بث على الهواء مباشرة في الاجتماع العادي الثامن لحكومة الدبيبة بمدينة جادو (180 كلم جنوب غرب طرابلس). وكان عون قد قدم عددا من المذكرات منذ استلامه وزارة النفط والغاز في مارس 2021، بشأن إقالة صنع الله. لكن الدبيبة لم يبت فيها. ومنذ تولي عون الوزارة التي تتبع لها المؤسسة النفطية قانونا، احتدّ النزاع على قيادة ملف النفط الذي يشكل 95 في المئة من صادرات ليبيا، وكان يقوده صنع الله بشكل مباشر منذ عام 2015 في ظل إلغاء وزارة النفط حتى عودتها مع حكومة الدبيبة. واتهم عون في أكثر من مناسبة صنع الله بحجب معلومات الإيرادات والإنتاج، ومخاطبته لمديري الشركات بعدم الاعتداد بمراسلات وزارة النفط. Thumbnail وفي الاجتماع قال عون إنه سيشارك خلال الأيام القادمة في الاجتماع الشهري لتحالف أوبك+، و”من غير المعقول حينما أسأل عن إنتاج ليبيا النفطي أجيب بأن صنع الله يمنع عني التقارير اليومية”. من جانبه قال الدبيبة “نحن نوافق على طرح هذا البند (…)، أوافقك تماما، لهذا السبب نحن سنغير رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط”. وطالب الدبيبةُ عونَ بتقديم مرشحين لقيادة المنصب، بدلا من صنع الله، مضيفا “أعتقد أن هذا الأمر يحتاج إلى دراسة من قبل المتخصصين، وبعدها نقدمه للاعتماد”. وتعليقا على هذا القرار قال عون إن “موافقة رئيس الحكومة (…) جاءت بعد معاناة ومذكرات وجرائم اقتصادية وفنية ارتكبها صنع الله”. وأوضح أن “المؤسسة تتبع وزير النفط ولولا تدخل رئاسة الوزراء لتم وضعها في المكان الصحيح”. وتأتي هذه الاضطرابات القيادية عقب إعلان وزارة النفط الأحد أن إنتاج البلاد من النفط الخام تراجع إلى ما بين 100 و200 ألف برميل يوميا، بسبب إقفال محتجين لموانئ وحقول التصدير. ومنذ السابع عشر من أبريل الماضي يشهد قطاع النفط في ليبيا موجة إغلاقات للحقول والموانئ النفطية، من جانب جماعات قبلية في الجنوب والوسط والجنوب الغربي والجنوب الشرقي تطالب بتسليم السلطة لحكومة فتحي باشاغا المكلفة من مجلس النواب بطبرق، في حين يرفض الدبيبة التسليم إلا لحكومة تكلف من برلمان جديد ومنتخب. وقبل أزمة الإغلاقات كان إنتاج البلاد من النفط الخام يبلغ 1.2 مليون برميل يوميا، ووصل في بعض الأيام إلى 1.4 مليون برميل.
مشاركة :