في سنة ٢٠٢٠، شهر ٣ ميلادي انقلب حال العالم رأسا على عقب. وباء، فيروس صغير لا يرى بالعين المجردة يحبس العالم بأكمله كل منا في بيته. لا أحد يستطيع الخروج، الأماكن جميعها مغلقة والدوريات تملأ الشوارع. أمر كهذا كان حتى لا يخطر على البال، كيف؟ كيف يحدث كل هذا في يوم وليلة.في بداية الأمر وبداية الحجر ضجرنا، مللنا، ضاقت بنا ثم تعودنا وألفنا، حتى أنه بعد انقضاء تلك الفترة أخذ البعض يكرر عبارات كـ «نسيت كيف أتكلم»، «نسيت كيف أسولف». أيقنت من تلك الأزمة أن الإنسان خلق بقدرة عالية على التكيف والتعايش، يذهب أشخاص، يأتي أشخاص، تتغير الظروف والأحوال ويبقى الإنسان الثابت الوحيد في كل تلك الأحوال! وبحسب كلام الأخصائية النفسية نورة اللحيدان فهناك فرق ما بين التكيف والتعايش، فالتكيف هو ضبط المعطيات وتسخيرها للانسجام معها والعيش بشكل أفضل. أما التعايش فهو التعامل مع الظروف والأحوال بسلام وتسامح. ولكني أخص التكيف في حديثي، قال الله تعالى في سورة البقرة (فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين). أنزل الله تعالى أبانا آدم وأمنا حواء من الجنة إلى الأرض وشتان ما بين هذين المكانين ولكن قال الله تعالى لهم في ختام الآية (ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين) أي تكيفوا فيها، عيشوا بها وتأقلموا. وفعلا بنوا وعمروا واستقروا في الأرض. بالنسبة لي فأنا أرى أن التكيف هي وسيلة الأذكياء للعيش في حياة رغدة ومستقرة. سأذكر الحجر مرة أخرى لأنه مثال واجهناه جميعا، لم نألف ولم نتعود إلا بعد ما تكيفنا وبحثنا عن المتعة في الكيرم وكيكة الليمون وجمعة الأهل، فعلنا ذلك وتكيفنا مع الظروف بدون أن نشعر لأننا كنا مجبرين، ولكن كيف سيكون وضع الحياة إذا طبقنا نظام التكيف مع جميع الأحوال؟ إن بحثنا عما يسعدنا في العسر والضيق، عن رحمة الله لنا في الابتلاءات، وعن الخير في مكابدات الحياة، فالتكيف هو حقيقة ما ينقصنا لخوض رحلة الدنيا.ختاما...هل من الممكن أن يصبح المستحيل مقبولا؟ جوابي هو أن المستحيل مقبول ووارد حدوثه، والمضحك في الأمر أنه في الغالب يحدث ما كنا نراه مستحيلا ونرفض حدوثه.Twitter: @Rafeefaj
مشاركة :