تصميم الأطفال.. الرعب المستحيل أصبح ممكنا

  • 1/22/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تصميم الأطفال.. الرعب المستحيل أصبح ممكنا مع كل تطور جديد في التكنولوجيا الإنجابية يظهر شبح المستقبل المخيف بسبب اكتشاف طريقة تعديل جيني تسمى كريسبر-كاس 9 ينبئ بتحقق نبوءة رواية عالم جديد شجاع، التي نُشرت عام 1932. العرب [نُشرفي2017/01/22، العدد: 10520، ص(18)] اضغط لاختيار لون العينين لندن - تخيلي، تجلسين أنت وشريك حياتك على مقعد داخل عيادة الخصوبة وأمامكما أحد الملفات. يحتوي على قائمة بالأجنّة لكل منهم وصفه الخاص قد يبدو هذا أحد مشاهد أفلام الخيال العلمي، لكنه ليس كذلك.. بل هو واقع يستلهم تنبؤات عالمي الأحياء جون بوردون ساندرسون هالدين وجوليان هكسلي في عشرينات القرن الماضي حول تطور التكنولوجيا الإنجابية. وحول هذه التنبؤات كتب الروائي الإنكليزي ألدوس هكسلي، شقيق العالم جوليان هكسلي، روايته “عالم جديد شجاع”، والتي نُشرت عام 1932. وتدور أحداثها في عام 2540، حيث تصف مجتمعاً ينمو سكانه داخل أحواض في عملية تفريخ مركزية غير فردية، ومتدرّجة إلى خمس طبقات مختلفة من الذكاء عن طريق المعالجة الكيميائية للأجنّة. وتُعتبر الأُسر أمراً غير قانوني. وبدلاً من هذا، يعتني بالأجنّة المُحتَضَنة عمّال. صارت رواية “عالم جديد شجاع” مرجعاً لجميع النقاشات المتعلقة بتطورات التكنولوجيا الإنجابية، وفق تقرير لصحفية الغارديان البريطانية. ومع كل تطور جديد يظهر شبح المستقبل المخيف، ففي روايته “لا تدعني أرحل” التي نُشرت عام 2005، وصف الروائي البريطاني كازوو إيشيغيرو أطفالاً يُنجبون ويُربون على أنهم متبرعو أعضاء. وقد تقترب رؤية إيشيغيرو من التحقق بسبب اكتشاف طريقة تعديل جيني تسمى “كريسبر- كاس 9” وتعني التكرارات العنقودية المتناوبة منتظمة التباعد، وقد طُورت عام 2012، والتي تستخدم الإنزيمات الطبيعية لاستهداف وقصّ الجينات بدقة محددة. استُخدمت “كريسبر-كاس 9” بالفعل للتعديل الجيني على الأجنّة البشرية (غير الحية بعد) في الصين، لمعرفة ما إن كان الأمر ممكناً من حيث المبدأ، وكانت النتائج مختلَطة. كما مُنحت كاثي نياكات، من معهد فرانسيس كريك بالمملكة المتحدة، رخصة من هيئة الخصوبة البشرية وعلوم الأجنّة في بريطانيا لاستخدام “كريسبر- كاس 9” على الأجنّة التي تبلغ أعمارها أياما قليلة لاستكشاف المزيد عن المشكلة في مراحل التطور المبكرة، والتي يمكن أن تؤدي إلى الإجهاض والمشاكل الإنجابية الأخرى. لم تقنن معظم البلاد حتى الآن التعديل الجيني في التناسل البشري، لكن البلاد الأخرى التي تسمح به، جميعها منعت تطبيق “كريسبر-كس 9”. إلا أن استخدام البيانات الجينية في التنبؤ بالشخص الذي سيكون عليه الجنين في المستقبل، قد يصير أكثر تعقيداً بكثير وتحظى فكرة استخدام “كريسبر- كاس 9” في التناسل البشري برفض واسع من حيث المبدأ بين أوساط المجتمعات البحثية الطبية. فقد حذر فريق من العلماء بدورية “نيتشر” العلمية منذ أقل من عامين من أن التلاعب الجيني في خلايا البويضات والحيوانات المنوية بطرق مثل “كريسبر- كاس 9”، حتى وإن كانت تركز مبدئياً على تحسين الصحة، فإنها قد تبدأ في الانحراف إلى “التحسين الجيني” للصفات البشرية وليس لتجنب احتمالات الأمراض فقط. التعديل الجيني، و”كريسبر- كاس 9” كأحد أدواته الجديدة، يواجه العديد من التحديات، أولها التحدي الاقتصادي، إذ يشكل طريقة صعبة ومكلفة وغير أكيدة لتحقيق ما يمكن تحقيقه بالفعل من خلال طرق أخرى. يقول هنري غريلي، الأستاذ بجامعة ستانفورد في كاليفورنيا “كل شيء تقريباً يمكن إنجازه عن طريق التعديل الجيني، لا يمكن تجنبه في مستقبلنا، وأنا أعتقد أنه سوف يصير أحد المواضيع المركزية في مناقشاتنا الاجتماعية فيما بعد خلال القرن الحالي والقرن الذي يليه”. كما حذر من أن هذا قد تصاحبه “أخطاء جسيمة ومشاكل صحية، كما أن الآثار الجانبية الجينية المجهولة لدى القطاعات السكانية والأطفال (المعدلين) بدأت في البرهنة على وجودها بوضوح”. وحول فكرة تصميم أطفال حسب الطلب، يرى غريلي أنه سوف يأتي عبر خيارات الأجنّة، وليس عن طريق التعديل الجيني، إذ أن الأجنّة التي أُنجِبت عبر التلقيح الصناعي سوف تُفحص جينياً (عن طريق قراءة جزء من الحمض النووي لها أو كله) ليتمكن الآباء من اختيار الأجنة التي يرغبون في زرعها أملاً في تحقيق الحمل. وتُجرى الاختبارات، التي تتم في العموم على أجنة تبلغ أعمارها ما بين 3 و5 أيام، في حوالي 5 بالمئة من دورات التلقيح الصناعي في الولايات المتحدة. وفي المملكة المتحدة، تُجرى العملية بترخيص من هيئة الخصوبة البشرية وعلوم الأجنّة في بريطانيا، والتي تسمح بفحص ما يقرب من 2500 مرض بما في ذلك الثلاسيميا والزهايمر المبكر والتليف الكيسي. وتعرف هذه الطريقة بالتشخيص الجيني قبل الزرع، ويعتقد غريلي أنها ستصبح أكثر شيوعاً، خلال عشرين عاماً، وتعتمد على قطف عدد كبير من بويضات المرأة وكذلك من الحيوانات المنوية للرجل، لإنتاج أكثر من جنين محتمل تتم المفاضلة بينهم عبر الفحص الجيني لكل جنين محتمل. ويقول غريلي “يعتبر قطف البويضات خطيراً ومزعجاً، كما أنه لا يعطيك البويضات المتعددة التي تريدها، فضلاً عن أن معدل نجاح زراعة الأجنّة مازال يبلغ في المعتاد حالة واحدة لكل ثلاث حالات. لكن ذلك سوف يتغيّر بفضل تطورات ستجعل البويضات البشرية أكثر غزارة ومتاحة بكل سهولة، بالإضافة إلى إمكانية فحص الجينوم (خارطة البيانات الجينية للإنسان) بسرعة وبأسعار رخيصة”. إلا أن استخدام البيانات الجينية في التنبؤ بالشخص الذي سيكون عليه الجنين في المستقبل، قد يصير أكثر تعقيداً بكثير. فثمة الآلاف من الأمراض الجينية الخبيثة والنادرة في الغالب، التي يمكن عزوها إلى طفرة جينية محددة. وأكثر الأمراض الشائعة والميول العلاجية -على سبيل المثال، مرض السكري، أو أمراض القلب، أو أنواع معينة من السرطان تتصل بجينات عديدة، والتي لا يمكن التنبؤ بها بأي درجة من اليقين، كما أنها تعتمد على العوامل البيئية مثل الحمية الغذائية. وعندما يتعلق الأمر بالأشياء الأكثر تعقيداً مثل الشخصية والذكاء، فإننا لا نعرف سوى أقل القليل. حتى وإن كانت قابلة للتوريث بقوة، إذ يقدّر أن حوالي 80 بالمئة من الذكاء، وفقاً لما تم قياسه بمعدلات الذكاء، يكون وراثياً، فإننا لا نعرف الكثير على الإطلاق حول أيّ الجينات ترتبط بسِمة معينة. وفي أفضل الأحوال، يقول غريلي إن التشخيص الجيني قبل الزرع ربما يخبر أبوين محتملين أشياء مثل “وجود فرصة تصل إلى 60 بالمئة بأن يكون الطفل ضمن النصف الأعلى في التقديرات الدراسية، أو أن هناك فرصة تصل إلى 13 بالمئة أن يكون ضمن الأفضل”. ولا يعد ذلك ذا نفع كبير. حتى السمات “التجميلية” مثل لون الشعر أو العينين، التي قد يستطيع العلم الآن تقديم احتمالات أكثر دقة حولها “قد تكون أكثر تعقيداً مما يعتقد كثير من الناس” بحسب غريلي. التكنولوجيا الإنجابية تنتج أجنة تحت الطلب وإن كان الأساس الجيني لصفات مثل الذكاء والذوق الموسيقي موزّعا على عددٍ كبيرٍ من الجينات وغير واضح لدرجة تجعل تحديد الخيارات فيه مستحيلاً عملياً، يقول غريلي “لا أعتقد أننا سنرى رجلاً خارقاً أو انفصالاً في الجنس البشري قريباً؛ لأننا لا نعرف ما يكفي ولا يحتمل أننا سنعرف ما يكفي قبل وقت طويل، أو ربما لن نعرف على الإطلاق”. وإن كان هذا هو كل ما يعنيه “تصميم الأطفال” من حيث المبدأ -وهي ألا يكون مصاباً ببعض الأمراض المحددة لكنها نادرة، ومعرفة بعض الجوانب التافهة المتعلقة بالمظهر لكنها غامضة أيضاً، ومعلوماتٍ احتمالية عن سمات كثيرة عامة مثل الصحة والجاذبية والذكاء- فهل سيلجأ إليها الناس بأعداد كبيرة وكافية تسمح باستمرار الصناعة؟ ويعتقد غريلي أن التقدم التكنولوجي قد يجعل “التصميم” متنوعاً بصورة متزايدة. إذ يقول إنه خلال الأربعين أو الخمسين عاماً القادمة “سوف نبدأ في رؤية استخدام تعديل الجين والتكنولوجيا الإنجابية لإجراء تحسينات، مثل الشعر الأشقر والعيون الزرقاء، وتحسين القدرات الرياضية، وتحسين مهارات القراءة والحساب، وهكذا”. إلا أن غريلي يبدو غير متفائل فيما يتعلق بالعواقب، إذ يقول إن ذلك سوف يتسبب في التوترات الاجتماعية “لأن الأثرياء سوف يستغلون التكنولوجيا كي تجعلهم أفضل”، مما يزيد السوء النسبي للحالة الصحية لدى الفقراء حول العالم. فيما يشير غريلي إلى أن التحسينات في الحالة الصحية بنسبة 10-20 بالمئة عبر التشخيص الجيني قبل الزرع والتي يمكن تحقيقها بقوة، بالإضافة إلى الميزة القابلة للمقارنة التي تتسبب فيها الثروة، قد تؤدي مجتمعة إلى توسيع الفجوة الصحية بين الأغنياء والفقراء، داخل المجتمع الواحد وأيضاً بين الأمم المختلفة. كما تعتري آخرين الشكوك حول وجود طلب كبير من الأساس على خيارات الأجنّة، وتقول ألتا تشارو، أستاذة القانون وخبيرة أخلاقيات علم الأحياء بجامعة ويسكونسن “مع وجود مشاكل خطيرة مثل الحالات المرضية المميتة، أو عوائق حاضرة مثل العقم، لن أكون متفاجئة من أن أرى أشخاصا يستفيدون من صور التكنولوجيا مثل خيارات الأجنّة”. وأضافت “إلا أننا بالفعل نمتلك دليلاً على أن الناس لا يحتشدون من أجل التكنولوجيا عندما يكون في استطاعتهم الحمل بدون مساعدة”. وتشير تشارو إلى أن الإقبال القليل على بنوك الحيوانات المنوية التي تقدم حيوانات منوية “أفضل”، يوضح تلك النظرة. وبالنسبة إلى معظم النساء “تتفوق الأهمية الشعورية للإنجاب على أيّ مفهوم للتحسين”. كما تشعر تشارو أن “قدرتنا على أن يحب بعضنا بعضاً بكل نواقصنا ونقاط ضعفنا تتفوق على أي مفهوم لتحسين أطفالنا عبر الجينات”. وتتماس فكرة اختيار أطفال وفق الطلب مع “نوع الجنس”، والذي هو أحد أسهل الأشياء التي يمكن التنبؤ بها من خلال التشخيص الجيني السابق للزرع. وبمجرد أن يصبح الانتقاء متاحاً لأكثر من مجرد تفادي المرض الجيني -وهو ما يبدو مرجحاً- فهناك حقل من الألغام الأخلاقية والقانونية. فمتى يكون للحكومات الحق في إكراه الناس على خيارات معينة، أو منعهم عنها، مثل عدم انتقاء إعاقة ما؟ كيف تمكن الموازنة بين الحريات الفردية والتبعات الاجتماعية؟ تقول تشارو “أهم الاعتبارات بالنسبة إليّ هو وضوح الأدوار المختلفة للمسؤولية الأخلاقية الشخصية، والتي يقرر الأفراد من خلالها اللجوء للمساعدة التكنولوجية، مقابل دور الحكومة وقدرتها على منع التكنولوجيا أو تنظيمها أو الترويج لها”. بينما قال غريلي “لن يتخلى البشر عن فرصة التحكم في تطورهم، بغض النظر عن النتيجة. فهل سيجعل ذلك حياتنا أفضل وأكثر سعادة؟ لست متأكداً على الإطلاق”. :: اقرأ أيضاً مي سليم بطلة السبع صنايع وصول ترامب إلى الحكم ينعش السياحة ببلد زوجته فلسطينية ترسم المشاهير بالسكر اختيار أنسب الوجهات السياحية يعتمد على أشهر السنة

مشاركة :