أدركت مملكة البحرين حكومة ومؤسسات أهمية وضرورة تعزيز الأمن السيبراني وتطوير المعايير والسياسات التي تحد من آثار الهجمات السيبرانية وتقلل من مخاطرها على الفضاء السيبراني الوطني والاقليمي، وخاصة ان اقتصاد مملكة البحرين وازدهاره يعتمد اعتمادا كلياً على أمن القطاع المالي والمصرفي والبنية التحتية لقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات. وانطلاقا من هذا الادراك، ولأهمية مأسسة الامن السيبراني تم إنشاء المركز الوطني البحريني للأمن السيبراني بالمرسوم الملكي رقم (65) لسنة 2017، والذي تضمن العديد من الادارات المتخصصة بجوانب متعددة من الامن السيبراني مثل: ادارة الحماية السيبرانية، ادارة تطوير النظم الامنية، ادارة السياسات السيبرانية، ادارة الاستجابة الوطنية، ادارة التنسيق والتحليل، ادارة الدعم وعمليات الحاسب الالي، ادارة تطوير النظم الامنية، وادارة المتابعة والتثقيف. كما اتخذت الهيئة الوطنية للاتصالات في مملكة البحرين التي تم تأسيسها عام 2002، العديـد من الاجراءات لتعزيـز الامـن السيبراني وتنظيم ضوابطه الاساسية ووفقا لأفضل الممارسات والمعايير العالمية. وفي مايو 2017 اصدرت القرار رقم (5) لسنة 2017 الخاص باللائحة التنظيمية لإدارة مخاطر البنية التحتية الاساسية للاتصالات تحقيقا للأمن السيبراني في هذا القطاع، بعد ان أجرت دراسة مبدئية في عام 2015 لتقييم المخاطر الأمنية على البنية التحتية الأساسية للاتصالات ولتحديد مدى التأثيرات السلبية المحتملة لهذه المخاطر على النهضة الاقتصادية في المملكة. ودراسة مختلف السبل الميسرة للتصدي للمخاطر السيبرانية ومعالجتها على نحو سريع وفعال، فضلا عن تسهيل التعاون بين المشغلين لنظم الاتصالات والمرخص لهم العمل في المملكة، وجميع الجهات المعنية بالأمن السيبراني. ثم انشأت حكومة مملكة البحرين ادارة اخرى متخصصة بمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني في عام 2004 تتبع وزارة الداخلية وتعنى بالأمن الإلكتروني في مختلف القطاعات بالمملكة بما يشمل قطاع الطاقة، والقطاع المالي والمصرفي، والقطاع الصحي، والقطاع التعليمي وغيرها من القطاعات. وبما يسهم في انسيابية البيانات والمعلومات وتكامل انظمتها وتحقيق الاستفادة الوطنية منها. وتميزت الادارة بنشاطاتها المتواصلة ومشاركاتها بالملتقيات والندوات الدولية والاقليمية للاطلاع على التجارب العالمية في مجال اختصاصها ولنقل تجربة مملكة البحرين اقليميا وعالميا، وكان اخر نشاطاتها المشاركة في منتدى الأمن السيبراني الخليجي ضمن فعاليات جناح مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مدينة دبي بالإمارات العربية المتحدة والذي هدف الى رصد التحديات المستقبلية في بيئة المخاطر الإلكترونية لما بعد مرحلة جائحة كورونا، فقد قدمت الادارة ورشة عمل بعنوان «ما بعد كورونا، التصيد والاحتيال الإلكتروني باستخدام الهندسة الاجتماعية»، وركزت الورشة على المقاربات الأمنية المستخدمة في مواجهة الجرائم الإلكترونية في ضوء جائحة كورونا، وما تبعها من تغير في سلوك الجناة وأنماط الجرائم المرتكبة باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة. وفي عام 2019 تقدم عدد من اعضاء مجلس النواب بمملكة البحرين باقتراح برغبة بشأن اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنشاء مركز خليجي موحد للأمن السيبراني، منطلقين من حقيقة ان التطور التكنولوجي والتقدم التقني المتسارع الذي يشهده العالم قد افضى الى تحويل الحروب إلى حروب سيبرانية تعتمد على القرصنة والتجسس والهجمات الإلكترونية التي تستهدف مختلف دول العالم، وخاصة دول الخليج العربي، إذ أصبح هناك كتائب إلكترونية تم تجنيدها لخدمة الأهداف التخريبية للجماعات الإرهابية، عبر قرصنة الحسابات الشخصية للمسؤولين أو الشركات أو المنشآت الحكومية والعسكرية للدول بهدف التجسس أو التخريب للنيل من دول الخليج العربي. ولأجل توحيد الجهود الخليجية دعا اعضاء مجلس النواب الى انشاء مركز خليجي موحد للأمن السيبراني. وقد اثنت حكومة البحرين على هذا المقترح ودعمته. وفي اطار تحقيق الامن السيبراني الاستباقي في القطاع المالي قام مصرف البحرين المركزي عام 2021 بفحص منظومة امن المعلومات من خلال تعاقد المصرف مع شركة متخصصة لإجراء اختبارات الاختراق للتحقق من وجود ثغرات امنية عبر جميع البنى التحتية وتطبيقات انظمة تقنية المعلومات بحيث يمكن معالجة تلك الاختراقات بوقت مبكر وبأقل خسائر ممكنة، ومن ثم وضع حلول لتعزيز الامن السيبراني. كما قامت ادارة تقنية المعلومات بمصرف البحرين المركزي بتنفيذ آلية للتحكم في جميع النقاط الخارجية لأجهزة الحاسوب والخوادم الخاصة بالمصرف. والتي تعد جزءا من النظام المستخدم لمكافحة البرامج الضارة الشامل الذي يستخدمه المصرف الى جنب برنامج امن العملاء (csp). وفي السادس من اكتوبر2021 استضاف مصرف البحرين المركزي ورشة العمل الخامسة لمتخصصي أمن المعلومات في البنوك المركزية بدول مجلس التعاون الخليجي، وكان الهدف من ورشة العمل الاطلاع على ومناقشة الاتجاهات الاستراتيجية للبنوك المركزية في مواجهة التهديدات السيبرانية بشكل مباشر بما من شأنه تطوير بيئة مالية جديدة مبتكرة ديناميكية وآمنة. وقد تناولت ورشة العمل اساليب تحسين معالجة الخصوصية (Privacy Enhancing Computation) واندماج وتناغم الحماية السيبراني (Cybersecurity Mesh)، حيث تساعد خدمة تحسين معالجة الخصوصية على حماية البيانات المستخدمة، كما تدعم الحالات التي يجب أن تظل فيها البيانات سرية أثناء المعالجة والتحليلات، بالإضافة للحالات التي يجب أن تظل الخوارزميات فيها سرية حتى لو لم تكن البيانات سرية. وعلى اتجاه آخر، يسمح باندماج وتناغم الحماية السيبراني للمؤسسات بمعالجة أصول تكنولوجيا المعلومات التي تقع بشكل متزايد خارج حدود المؤسسة التقليدية. ومما ينبغي الاشارة اليه ان شركة الاتصالات البحرينية stc التي تعد واحدة من الشركات الرائدة في عالم التكنولوجيا الرقمية، حصلت في اغسطس 2021على جائزة أفضل حلول الأمن السيبراني للعملاء ضمن حفل جوائز المجلة المالية الدولية (International Finance (Magazine المتخصصة في مجالي الأعمال والقطاع المالي. وقد تم منح هذه الجائزة لشركة stc البحرين تقديرا لجهودها الحثيثة في مجال التحول الرقمي والمستوى العالمي الذي تتميز به فيما يتعلق بتجربة العملاء والامن السيبراني. { أكاديمي وخبير اقتصادي
مشاركة :