بذلت دولة الامارات العربية المتحدة جهودا مميزة في مجال تحقيق الامن الالكتروني والتصدي للجرائم والارهاب السيبراني، فقد اصدرت عام 2012 مرسوما بقانون اتحادي رقم (5) لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، والذي عد العديد من الجرائم السيبرانية جرائم ماسة بأمن الدولة. وفي عام 2016 نظمت خدمة الأمين التابعة لشرطة دبي بالتعاون مع هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية حملة لمكافحة الابتزاز الإلكتروني. بهدف حماية المتضررين من الابتزاز، وملاحقة المبتزين في هذه القضايا في جميع دول العالم، عن طريق اصدار نشرة طلب للشرطة الدولية (الإنتربول) للقبض عليهم وتسليمهم للجهات المختصة. ثم اصدرت دولة الامارات مرسوما بقانون اتحادي رقم (34) لسنة 2021 في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية ليحل محل القانون السابق، تميز بمعالجاته الدقيقة للجوانب المختلفة للجريمة السيبرانية ولجميع مراحلها وبما يردع ويحد منها، تحقيقا لأكبر قدر ممكن من الامن السيبراني. وبالإضافة الى الجانب التشريعي، بنت دولة الإمارات شبكة اتحادية معززة ببنية تحتية مشتركة (FedNet) تسمح بالتوصيل البيني، وتبادل البيانات بين جميع الجهات المحلية والاتحادية في الدولة، وتعزز قنوات التواصل فيما بينها باستخدام بنية تكنولوجية موحدة وآمنة. كأحد الاساليب الوقائية من الجرائم والارهاب السيبراني، حيث توفر الشبكة بيئة أمن متعددة الطبقات تضمن أعلى مستويات الأمان في البنية التحتية اعتماداً على الترميز المتعدد البروتوكولات (MPLS)، وتتيح ربطاً آمناً بالإنترنت لكل الجهات الحكومية الاتحادية، مما يقلل إمكانية التعرض للهجمات السيبرانية عن طريق الحد من الثغرات. كما تم تأسيس مركز الاستجابة الوطني لطوارئ الحاسب الآلي (aeCERT) لأجل تحسين معايير وممارسات أمن المعلومات، وحماية البنى التحتية لقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات من مخاطر الارهاب السيبراني. وأطلقت هيئة تنظيم قطاع الاتصالات والحكومة الرقمية مبادرة سفراء الإمارات للأمن الإلكتروني، والتي تهدف إلى تدريب نخبة من الطلبة في الدولة لتمثيل فريق مركز الاستجابة الوطني كسفراء في تعزيز ونشر الوعي الأمني الإلكتروني في جميع أنحاء دولة الإمارات. كما أطلق مركز الاستجابة لطوارئ الحاسب الآلي بالتنسيق مع برنامج خليفة لتمكين الطلاب (أقدر) موقع سالم للتوعية الإلكترونية، وبالشكل الذي يعزز الوعي بالجرائم السيبرانية، وييسر عملية كشفها والتعامل معها بشكل مبكر. كما أطلقت حكومة الامارات مبادرة سايبر سي 3 (Cyber C3) التدريبية والتعليمية، الهادفة الى تطوير المواطن الرقمي، وبما يرسخ الحماية من الاختراق والتهديد والابتزاز السيبراني. ولتعزيز دور المواطنين الرقميين فإن المبادرة تمنح شهادات معرفة في ثمانية مجالات الكترونية هي: الوصول إلى البيئة السيبرانية، الثقافة السيبرانية، قواعد السايبر، السلامة السيبرانية، التفاعل والتعاون السيبراني، المشروعات الالكترونية، الرعاية والاهتمام السيبراني، والمساءلة وتحمل المسؤولية السيبرانية. علما ان المبادرة تستقطب طلبة الثانويات والجامعات، وجميع المواطنين الراغبين في التطوير السيبراني، والمؤسسات الاسرية وأولياء الأمور. وتتويجا لجهود دولة الامارات في مجال الامن السيبراني، اطلقت الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني في دولة الامارات العربية المتحدة عام 2019، التي تم اطلاقها من قبل هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية التي هدفت إلى خلق بيئة سيبرانية آمنة وصلبة تساعد على تمكين الأفراد من تحقيق طموحاتهم، وتمكن الشركات من التطور والنمو في بيئة آمنة ومزدهرة. فضلا عن دعم معايير الأمن الإلكتروني بالدولة عبر آليات ومحاور متعددة مع تحفيز إنشاء شركات محلية في هذا القطاع، وتطوير بيئة الأمن السيبراني. وتضم الاستراتيجية منظومة متكاملة للأمن السيبراني، وتستند إلى خمسة محاور وستين مبادرة. كما أطلقت إمارة دبي استراتيجية دبي للأمن الالكتروني عام 2021، تعزيزاً لمكانة دبي كمدينة عالمية رائدة في الابتكار والسلامة والأمن. وفي شهر يناير 2021 انشأت حكومة دولة الامارات مجلسا للأمن السيبراني في الدولة، يختص بإعداد السياسات والتشريعاتٍ المتعلقة بتعزيز الأمن السيبراني، فضلا عن دعم وترسيخ السياسات الرقمية في مختلف نشاطات الحكومة. فقد أبرم مذكرة تفاهم مع شركة «أمازون ويب سيرفيسز» تهدف إلى تمكين الجهات الحكومية والقطاعات الخاضعة للأطر التنظيمية في دولة الإمارات، من تسريع اعتماد الخدمات السحابية عبر الاستفادة من البنية التحتية السحابية العالمية لـ«أمازون ويب سيرفيسز». كما أبرم مذكّرة تفاهم مع شركة هواوي للتعاون في مجال تعزيز استراتيجيات الأمن السيبراني في الدولة. ووقع مجلس الأمن السيبراني وشركة سيبكس القابضة المتخصصة في حلول وخدمات الأمن السيبراني مذكرة تفاهم يقومان بموجبها بالعمل معاً لتعزيز مستويات «النضج السيبراني» في الهيئات والمؤسسات الحكومية في الدولة وذلك في عام 2022، وغيرها من النشاطات التي ترفد جهود دولة الإمارات بحماية الفضاء السيبراني في الدولة. { أكاديمي وخبير اقتصادي
مشاركة :