كيف تتعامل الحكومات مع التضخم؟ «1 من 4»

  • 7/11/2022
  • 23:09
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في الأسبوع الماضي، تحدثنا عن كيفية تعامل الأفراد والأسرة مع ارتفاع الأسعار من منظور المستهلكين، بعنوان «كيف نتعامل مع ارتفاع الأسعار؟»، وبما أن النظام الاقتصادي متعدد، والمستهلكون ليسوا إلا عنصرا من عناصر مكونات الإدارة الاقتصادية، فإن السياسات المالية والنقدية تمثل الطرف الآخر، أي إن صناع السياسات الاقتصادية هم المعنيون بالسياسات النقدية والمالية والسياسات الاقتصادية الأخرى، كالسياسات التجارية والضريبية وغيرها من أدوات إدارة نمو الاقتصاد ومعالجة اعتلالاته. إن حالات التضخم inflation والانكماش deflation تتسبب في مشكلات اقتصادية محتملة وحرجة وتختلف من اقتصاد إلى آخر، مثل: ارتفاع عبء خدمة الديون، وتراجع الإنفاق الحكومي، وفي نهاية المطاف معدلات بطالة أعلى. العالم يعاني حالة تضخم متعددة الأسباب والمستويات، وفي الوقت نفسه التأثير يختلف من بلد إلى آخر بحسب ظروف كل دولة، غير أن جذر التضخم الأساس منذ 2020 يرجع إلى اختلال جانبي العرض والطلب السلعي سواء بسبب سلاسل الإمداد أو الأزمة الروسية الأوكرانية التي أثرت في الغذاء والطاقة، إضافة إلى اختلال مستوى حجم العرض النقدي من الدولار داخل الاقتصاد الأمريكي والناتج من سياسات التسهيل الكمي المفرطة وما عقبها من أثر انسحابي لرفع سعر الفائدة وما تبعها من تأثيرات في الاقتصاد العالمي، ولا سيما في الدول الهشة اقتصاديا. الحكومات في الأغلب تفضل السياسات النقدية، ولا سيما في الدول المتقدمة، أما الدول الناشئة فالسياسات المالية تعد خيارها الأفضل إذا ما كانت الحكومة نشطة في منافسة القطاع الخاص مثل الصين، وعلى الرغم من المزج بين السياسات النقدية والمالية، إلا أن كل دولة تختلف بحسب نموذجها الاقتصادي. ليست هناك وصفة ملائمة تعالج التضخم والانكماش الحالي في كل الدول، لكن العودة إلى الأسس وفهم ميكانيكية الطلب الكلي Aggregate Demand لكل دولة على حدة ومعالجة اختلال كل عنصر بمزيج من السياسات الاقتصادية وغير الاقتصادية، تسهم في التعامل معهما. تتكون عناصر الطلب الكلي من المعادلة الشهيرة التالية، إنفاق المستهلكين C، الإنفاق الاستثماري الخاص I، إنفاق الحكومة G، حجم الصادرات إلى الواردات عبر طرح حجم الصادرات من الواردات، وتمثل بـالصيغة التالي AD=C+I+G+(X-M) مؤثرات الطلب الحالية ناتجة في الأساس من عوامل غير اقتصادية، مثل: كورونا، والأزمة الروسية، واختلال سلاسل الإمداد، وهنا تكمن أهمية بناء استراتيجية مزدوجة تعتمد على الأدوات التي نعرفها كاقتصاديين، مثل السياسات النقدية والمالية والتجارية والضريبية للتخفيف أو للحد من المؤثرات على الطلب، أي من خلال مزيج من السياسات لكل عنصر من عناصر معادلة الطلب الكلي، وسياسات أخرى غير اقتصادية تعالج العوامل نفسها غير الاقتصادية التي كانت سببا في نشوء ذلك الاختلال، إضافة إلى التركيز على النمو الذي يقوده المستهلك والحد من أي مؤثرات على عجز الحساب الجاري، لأن التضخم في الدول النامية في الأغلب ناتج من أزمات خارجية مع وجود ضعف هيكلي في كل عنصر من معادلة الطلب الكلي... يتبع.

مشاركة :