يحيط الغموض بقرار رئيس الحكومة الليبية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة إقالة رئيس مؤسسة النفط مصطفى صنع لله الذي كانت تربطه علاقة جيدة بالدبيبة والمعروف عنه منذ توليه المنصب في 2015 الانحياز إلى السلطات في طرابلس على حساب المنطقة الشرقية، وهو ما يطرح تساؤلات عمّا إذا كان رئيس الحكومة الليبية قد قرر التضحية بصنع الله للتقرب من قائد الجيش المشير خليفة حفتر وبالتالي إعادة ضخ النفط. ورغم تلويح الدبيبة قبل نحو أسبوعين بإقالة صنع الله إلا أن مراقبين شككوا في إمكانية اتخاذ الخطوة معتبرين أنه كان فقط يحاول استرضاء وزير النفط محمد عون الذي دخل منذ توليه المنصب العام الماضي في خلافات مع رئيس مؤسسة النفط. ويحسب عون على المنطقة الشرقية رغم مواصلة عمله في حكومة الوحدة الوطنية التي ترفض تسليم السلطة إلى حكومة فتحي باشاغا المدعومة من البرلمان والقيادة العامة للجيش. وسبق أن اتهم عون صنع الله بحجب معلومات الإيرادات والإنتاج عن الحكومة، وبمخاطبته لمديري الشركات بعدم الاعتداد بمراسلات وزارة النفط، وكذلك اتهامه بالفساد وعدم الشفافية، لكن الدبيبة اختار سابقا الانحياز إلى صنع الله وتجاهل مطالب عون بتقليص نفوذه. كثيرا ما طالب حفتر وعقيلة صالح بإقالة صنع الله والكبير واتهامهما بالانحياز إلى المجموعات المسلحة وتشير تسريبات إلى أن اتفاقا جرى مؤخرا بين ممثلين للدبيبة وحفتر ينص على إقالة صنع الله وتعيين محافظ مصرف ليبيا السابق فرحات عمر بن قدارة المقرب من حفتر مكانه، مقابل السماح ببقاء حكومة الدبيبة وفك التحالف بين حفتر وباشاغا وصرف ميزانية مرضية للقيادة العامة للجيش. والمعروف عن بن قدارة أنه وقف إلى جانب “الثوار” أثناء أحداث الإطاحة بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي سنة 2011 لذلك ينظر البعض إلى هذا التعيين على أنه مكافأة له على موقفه في دعم “الثورة”. وكثيرا ما طالب حفتر ورئيس البرلمان عقيلة صالح بإقالة صنع الله ومحافظ المصرف المركزي الصديق الكبير واتهامهما بالانحياز إلى المجموعات المسلحة في طرابلس ومصراتة وتيار الإسلام السياسي وهو ما ينفيه الرجلان دائما. وأعلنت حكومة الوحدة الوطنية الليبية الثلاثاء إعادة تشكيل مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط برئاسة فرحات عمر بن قدارة، خلفا لمصطفى صنع الله. وجاء ذلك في تصريحات صحافية لأحمد جمعة، متحدث وزارة النفط في حكومة الوحدة التي يرأسها عبدالحميد الدبيبة. وقال جمعة إن “مجلس الوزراء بحكومة الوحدة الوطنية أعاد تشكيل مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط برئيس وأربعة أعضاء”. وأضاف أن رئيس المؤسسة هو “فرحات عمر بن قدارة، وبعضوية كل من وكيل وزارة النفط، وحسين عبدالله صافار، ومسعود موسى، وأحمد عمار”. Thumbnail وجاء قرار إقالة صنع الله بعد انتقادات غير مباشرة وجهها إليه السفير الأميركي ريتشارد نورلاند بشأن عدم الالتزام بقرار تجميد عائدات النفط في المصرف الليبي الخارجي وعدم تحويلها إلى المصرف المركزي في طرابلس. وسبق أن أعلن نورلاند أنه طلب من محافظ مصرف ليبيا المركزي الاكتفاء بصرف الرواتب ومخصصات الدعم فقط، في خطوة تهدف إلى إرضاء السلطات في الشرق التي تتهم الكبير بالانحياز إلى الدبيبة. وقال نورلاند في مايو إنه فوجئ بقيام مصطفى صنع الله بتحويل جزء من عائدات النفط إلى مصرف ليبيا المركزي بعد تعرضه لضغوط كبيرة. وأوضح نورلاند في تصريحات صحافية أنه كان يعمل ضمن مجموعة العمل الاقتصادي التي تضم مصر والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لإيجاد آلية لإدارة عائدات النفط، لكنهم فوجئوا بأن صنع الله وقع تحت ضغوط كبيرة وتم تحويل أكثر من 2.6 مليار دولار من إيرادات النفط. 1.2 مليون برميل حجم الانتاج الليبي يومياً قبل الأزمة، ووصل في بعض الأيام إلى 1.4 مليون برميل وأضاف قائلا “كنا نود ونفضل أن يتم التأني ولا يتم تحويل الأموال حتى تتم مناقشة هذه الآلية وحتى نعيد الثقة لدى الشعب الليبي بأن هذه الأموال ستذهب إلى المكان المناسب بما يعود بالنفع على الليبيين”. وجاء تحويل صنع الله للأموال إلى مصرف ليبيا المركزي في وقت حساس حيث تزامن مع إغلاق محتجين لحقول وموانئ النفط احتجاجا على عدم استقالة الدبيبة بعد انتهاء مدة ولايته في الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي، وطالبوا بتولي حكومة فتحي باشاغا السلطة. ويقول مراقبون إن هذا “الخطأ” كلف صنع الله خسارة ثقة الغرب الكبيرة به، حيث حظي على مدى السنوات الماضية بدعم غربي قوي وخاصة من قبل بريطانيا والولايات المتحدة وهو ما سهل على الدبيبة تنفيذ قرار إقالته. ويعمل السفير الأميركي والمستشارة الأممية الأميركية ستيفاني ويليامز على إقناع السلطات شرق البلاد بإعادة ضخ النفط من خلال الترويج لآلية مشتركة لإدارة عائدات النفط بين الشرق والغرب. وساهم إيقاف إنتاج وتصدير النفط في ليبيا في المزيد من إرباك السوق الدولية ورفع الأسعار وهو ما يحاول الغرب منذ بدء الأزمة الأوكرانية في فبراير الماضي وضع حد له دون أيّ نتيجة بعد أن رفضت أوبك+ ضغوطا لزيادة الإنتاج. ومؤخراً تراجع إنتاج البلاد من النفط الخام إلى ما بين 100 و200 ألف برميل يومياً، بسبب إقفال محتجّين لموانئ وحقول التصدير. ومنذ السابع عشر من أبريل الماضي، يشهد قطاع النفط الليبي موجة إغلاقات للحقول والموانئ، من جانب جماعات قبلية في الجنوب والوسط والجنوب الغربي والشرقي. وقبل أزمة الإغلاقات كان إنتاج البلاد من النفط الخام يبلغ 1.2 مليون برميل يومياً، ووصل في بعض الأيام إلى 1.4 مليون برميل. ShareWhatsAppTwitterFacebook
مشاركة :