يريد البابا فرانسيس استغلال زيارته لكندا للفت الانتباه إلى معاناة السكان الأصليين التي ساهمت فيها الكنيسة الكاثوليكية بفصلها أكثر من 150 ألف طفل عن أسرهم وتعرضهم لاعتداءات وانتهاكات منها جنسية في بعض الأحيان. ساهمت الكنيسة الكاثوليكية قديما في مأساة للسكان الأصليين ويريد البابا فرنسيس الاعتذار والصفح تنتظر مجموعات السكان الأصليين زيارة البابا فرنسيس بفارغ الصبر على أمل أن يجدد البابا الاعتذارات التاريخية التي عبر عنها في نيسان/ أبريل الماضي في الفاتيكان. ويريد البابا فرانسيس استغلال زيارته لكندا للفت الانتباه إلى معاناة السكان الأصليين، التي ساهمت فيها الكنيسة الكاثوليكية. وقد يقوم البابا بمبادرات رمزية من بينها إعادة عدد من أعمال وقطع للشعوب الأصلية معروضة في متاحف الفاتيكان منذ عقود. وقال جورج أركاند جونيور الرئيس الأكبر لـ"اتحاد الشعوب الأولى في كونفدرالية المعاهدة 6" في مؤتمر صحافي الخميس في إدمونتون إن "هذه الرحلة التاريخية جزء مهم من رحلة الشفاء" لكن "ما زال يتعين القيام بالكثير". وحذر إيرفين بول زعيم قبائل لويس بول كري من أن "أحداث الأسبوع المقبل قد تؤدي إلى فتح جروح ناجين". ووصل البابا فرنسيس اليوم الأحد (24 تموز/ يوليو 2022) إلى كندا في رحلة "توبة" يفترض أن يجدد خلالها طلب الصفح عن دور الكنيسة في مأساة المدارس الداخلية للسكان الأصليين. وحطّت الطائرة البابوية قرابة الظهر في مطار إدمونتون في مقاطعة ألبرتا في غرب كندا. واستقبله في المطار رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو والحاكمة العامة لكندا ماري سيمون ممثلة الملكة إليزابيث الثانية ومسؤولون دينيون. وخلال الرحلة قال الحبر الأعظم البالغ 85 عاماً لصحافيين يرافقونه "إنها رحلة توبة". وبعد يوم من الراحة الأحد، سيلتقي البابا فرنسيس أفرادا من السكان الأصليين للمرة الأولى صباح الاثنين في ماسكواسيس التي تبعد نحو مئة كيلومتر جنوب إدمونتون، حيث ينتظر حضور نحو 15 ألف شخص. وسعت الحكومة الكندية منذ التسعينات إلى معالجة مصير أطفال السكان الأصليين في المدارس الداخلية. سرعان ما حذت الكنيسة الكاثوليكية حذوها. زار ممثلو First Nation الفاتيكان في عام 2009 والتقوا بالبابا بنديكتوس السادس عشر، على الرغم من أنه لم يقم بالرحلة إلى كندا بنفسه. التقى البابا فرانسيس مع وفود من السكان الأصليين في الفاتيكان على مدى ثلاثة أيام في أواخر مارس وأوائل أبريل من هذا العام. واختتم البابا الزيارة بالتطرق إلى "تقارير المعاناة والحرمان والمعاملة التمييزية ومختلف أشكال الإساءة" في المدارس الداخلية. وبين نهاية القرن التاسع عشر وتسعينات القرن العشرين، سجّل حوالى 150 ألف طفل من السكان الأصليين قسرا في أكثر من 130 مدرسة داخلية مدعومة من الدولة وتدير معظمها الكنيسة الكاثوليكية. وقد فصلوا عن أسرهم ولغتهم وثقافتهم وغالبا ما كانوا ضحايا لأعمال عنف، في بعض الأحيان جنسية. ومات حوالى ستة آلاف طفل هناك في ما اعتبرته لجنة تحقيق وطنية "إبادة جماعية ثقافية"، في بلد أثار فيه اكتشاف أكثر من 1300 قبر لمجهولين في 2021 صدمة ودفع السلطات إلى إعلان "يوم مصالحة". وقالت شارلوت روان (44 عاما) التي كانت جالسة على مقعد في ماسكواسيس، لوكالة فرانس برس "أتمنى أن يأتي عدد كبير من الأشخاص ليسمعوا أن الأمر لم يكن اختراعاً". لكن آخرين ينظرون بمرارة إلى الحدث. وبالقرب من سانت بول (200 كيلومتر شرق إدمونتون)، قالت ليندا ماكجيلفيري (68 عاما) التي أمضت ثماني سنوات من طفولتها في مدرسة داخلية "بالنسبة الي، فات الأوان لأن كثيرين تألموا". وأضافت هذه السيدة التي لن "تلتفت" لترى البابا "فقدت الكثير من ثقافتي وأصلي ومرت سنوات طويلة من الضياع". وبعد ظهر الإثنين، سيلقي الزعيم الروحي للكاثوليك البالغ عددهم 1,3 مليار شخص، خطابا ثانيا في كنيسة القلب المقدس للشعوب الأصلية في ادمونتون. وسيترأس الثلاثاء قداسا في ملعب يتسع لستين ألف شخص في هذه المدينة قبل أن يتوجه إلى بحيرة سانت آن التي تشكل موقع حج سنوي. والبابا فرنسيس هو ثاني حبر أعظم يزور كندا بعد يوحنا بولس الثاني الذي ذهب إلى هناك ثلاث مرات في 1984 و1987 و2002. وتشهد كندا التي يشكل الكاثوليك 44 بالمئة من سكانها، مثل بلدان أخرى أزمة كنيسة، مع تراجع حاد في المشاركة في ممارسة الشعائر في السنوات الأخيرة. ع.أ.ج/ ع غ (أ ف ب)
مشاركة :