ليزا ماركلوند تتبع خيوط 'جريمة تفجير الأولمبياد'

  • 7/27/2022
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

تعد ليزا ماركلوند إحدى أشهر كاتبات المنطقة الإسكندنافية في أدب الجريمة، وسلسلة تحقيقات "ليزا ماركلوند" هي الأكثر مبيعًا عالميًا. ولدت عام 1962 بالسويد، وهي روائية، وصحفية، وكاتبة عمود صحفي، وسفيرة نوايا حسنة لدى اليونيسيف. وهي أيضًا شريكة لواحدة من أكبر وأكثر دور النشر نجاحًا بالسويد "بيراتفورلاجيت". منذ أول رواية لها عام 1995، كتبت "ماركلوند" 11 رواية، وكتابين غير روائيين، وقد شاركت جيمس باترسون في كتابة "قاتل البريد"، والتي جعلتها ثاني كاتبة سويدية تصل لقائمة "نيويورك تايمز" للأكثر مبيعًا. باعت رواياتها من سلسلة الصحفية "أنيكا بنجتسون" أكثر من 13 مليون نسخة في الـ30 لغة التي تُرجمت لها حتى الآن. عملت ليزا ماركلوند صحفية في قسم الحوادث لعشر سنوات، ومحررة في نشرة الأخبار لخمس سنوات. اليوم، تكتب البرامج الوثائقية للتليفزيون، وكذلك مقالات للعديد من الجرائد. تتناول موضوعاتها بشكل دائم حقوق النساء والطفل. ومثلها تعمل بطلتها "أنيكا بنجتسون"، فهي صحفية في الجريدة المسائية، وهي المحررة المسؤولة عن قسم الحوادث في بيئة غالبًا ما يسيطر فيها الرجال، لكنها ليست من النوع الذي يستسلم أو يتراجع أو يعترف بالهزيمة. تنطلق "بنجتسون" بمساعدة فريقها لتغطية الجرائم والحوادث التي تقابلهم، ويبدؤوا باتباع طرقهم الخاصة للتحقيق فيها. في روايتها"جريمة تفجير الأولمبياد" التي ترجمتها للعربية أخيرا يمنى خالد شيرازي وصدرت عن دار العربي تجمع ماركلوند بين التشويق والنقد الاجتماعي في أفضل تقليد لكتابة الجريمة السويدية. تنطلق أحداث الرواية من قيام شخص ما بتفجير الساحة الأولمبية الذي تم بناؤه حديثًا قبل شهرين فقط من افتتاح الألعاب الأولمبية الصيفية في مدينة ستوكهولم، وفي ليلة من ليالي ديسمبر شديدة البرودة، قبل أيام قليلة من ليلة رأس السنة. ويتم العثور على أشلاء المديرة الأولمبية المحبوبة كريستينا فورهاج التي مزقها الانفجار على أحد المدرج المهدمة. وتغطي رئيس قسم الجريمة في صحيفة The Tabloid Press أنيكا بنجتسون، وهي شخصيةمندفعة وعاطفية وأم شابة لأطفال صغار، جريمة القتل هذه، حيث تكتشف أن هناك شيئا ما خفي تحت المظهر المثالي للمديرة كريستينا تسبب في الجريمة البشعة. وأن "النمر"المجرم الخطير الذي هدد أمان "ستوكهولم" لعدة سنوات حتى قُبِض عليه، برئ من هذه الجريمة، وأن أحدًا آخر هو المفجِّر، وأن التفجير له علاقة مباشرة أو غير مباشرة مع المديرة الأولمبية ومن ثم تبدأ البحث في ماضيها. تتسأل بنجتسون مع زملائهاهل هناك جماعة إرهابية تريد الإضرار بدورة الألعاب الأولمبية؟ أم يمكن أن يكون الانفجار فعلًا موجهًا شخصيًا إلى المرأة التي تم تفجيرها، كريستينا فورهاج؟ لكنها منذ البداية، تشتبه في أن الانفجار كان يستهدف كريستينا، وليس ساحة الألعاب الأولمبية. ومن ثم وبمساعدة زملائها، بدأت في كشف كل الخيوط المتفرقة وربطها مع بعضها البعضلمعرفة الحقيقة. فالمفجر كان داخل الساحةالأولمبية بالفعل،ومن ثم فقد اجتاز جميع الأبواب بيسر، ومن هنا لا بد أن يكون شخصًا مقربًا من المديرة الأولمبية وأحدى أقوى الشخصيات النسائية في السويد. تلتقي بنجتسون وفريقها في القسم بالعديد من أقارب كريستينا لكنها لا تزال غير قادرة على حل لغز جريمة القتل. أجرت أنيكا مقابلات مع زوج كريستينا برتيل ميلاندر وابنتها المريضة عقليًا لينا وآخرين في المكتب الأولمبي. وعلى الرغم من ذلك، لا يمكنها فهم سبب رغبة أي شخص في قتلها. يبدو أن الجميع قد أعجبوا وأعجبوا بكريستينا المذهلة، ولكن ماذا بعد؟. وبينما تقع عملية تفجير أخرى في ساحة رياضية صغيرة تجد بنجتسون نفسها تنخرط في مطاردة القاتل لضحايا جدد وقد وضعت حياتها على المحك من أجل مهنتها حيث تحدث أشياء جديدة وحقائق جديدة طوال الوقت، بطريقة تزيد من حدة التوتر حتى ليصبح من الصعب معرفة من ارتكب الجريمة بالفعل. من جانب آخر نعيش في الرواية الجانب الاجتماعي لشخصية الصحفية بنجتسون المرأة الشغوفة بعملها، والزوجة والأم التي لديها يؤنبها ضميرها لإحساسها أنهاتهمل عائلتها. وقد نجحت الرواية في تصويرها في هذه الأدوار بطريقة جيدة حتى ليكون من السهل متابعة أفكار ها وأفكار الشخصيات التي تشارك في الكتاب. حتى الأفكار المريضة للمفجر يمكن فهمها بطريقة أو بأخرى من خلال نقاشاتها مع زملائها. فـ "بنجتسون"تخلص في أداء واتقان دورها المهني خلال متابعتها للأحداث المحمومة التي أحاطت بالانفجارات. مقتطفات من الرواية البداية دفعت المرأة باب الخروج بحذر وتلفتت حولها. لم تعلم بعد أنها كانت على وشك مفارقة الحياة. لم تكترث حتى لإضاءة الأنوار في طريقها؛ على الرغم من الظلام السائد في الممر وبئر السلم. توقفت لوهلة قبل أن تخطو على الرصيف كما لو أنها كانت تشعر بأن هناك أحدًا يراقبها. تسارعت أنفاسها وامتزجت مع الجو البارد لتُشكل حولها هالة بيضاء. عدَّلت من حمالة حقيبة يدها على كتفها وأمسكت بحقيبة أوراقها بقوة. احتضنت متعلقاتها وانطلقت بخطوات سريعة لا يشعر بها أحد إلى شارع "يوتجاتان". هاجمها البرد القارس وكادت الرياح القاسية تنتزع جواربها الطويلة الضيقة المصنوعة من النايلون.حاولت أن تتفادى المشي على كومة الثلج باستنادها إلى الرصيف. أخفى الجو البارد وظلاله أصوات الليل المكتومة التي خرجت مع همهمة وحدة التهوية، وصياح مجموعة شباب سكارى، أو صفارة سيارة شرطة قادمة من بعيد. أسرعت المرأة من خطواتها. حامت حولها سحابة من الثقة بالنفس المُحملة بالعطر باهظ الثمن. أوقفتها رنة تليفونها المحمول - التي لم تتوقعها - عن السير. وقفت مكانها فجأة ونظرت حولها في سرعة. بدأت البحث في حقيبة يدها عن تليفونها المحمول وقد أسندتها إلى رجلها اليمنى. نمت حركاتها عن توتر وخوف. أخرجت تليفونها المحمول ووضعته على أذنها. على الرغم من الظلام والظلال اللذين أحاطا بها فإنهما فشلا في إخفاء تعابير وجهها. تحولت مفاجأتها إلى مضايقة، ثم غضب وأخيرًا خوف. وقفت المرأة والتليفون بيدها لثوانٍ قليلة بعد أن انتهت تلك المحادثة. كان من الواضح أنها تفكر مليًّا في تلك المكالمة. مرت سيارة شرطة ببطء بجانبها. رفعت نظرها إليها وراقبتها حتى ابتعدت عنها. لم تفعل أي محاولة لإيقافها. أصبح جليًّا أنها قد توصلت إلى قرار. رحلت عن مكانها فجأة وبدأت في تتبُّع خطواتها لتعود من حيث انطلقت. مرت بالباب الخشبي الذي خرجت منه وأكملت طريقها نحو التقاطع مع شارع "كاترينا بانجاتا". رفعت رأسها وهي تنتظر الحافلة الليلية أن تمر. تتبعت عيناها مسار الشارع باتجاه ميدان "فينترتولستورييت" وما بعد قناة "سيكلا". ظهر في الأفق ملعب "فيكتوريا"، وهو ملعب الأولمبياد الرئيسي، حيث ستبدأ الألعاب الصيفية خلال سبعة أشهر. مرت الحافلة، وعبرت المرأة الطريق الدائري الواسع "رينجفاجن". لم يُفصح وجهها عن أي مشاعر، ولكن لم تنجح خطواتها السريعة في تدفئتها. عبرت جسر المشاة الموجود فوق قناة "هاماربي" لتصل إلى الساحة الإعلامية في القرية الأولمبية. أسرعت نحو ملعب "فيكتوريا" في خطوات متقطعة. قررت أن تمشي من الطريق المطل على المياه على رغم من بعده وبرودته. هبت رياح باردة كالثلج من بحر البلطيق؛ ولكن لم تغير تلك البرودة من رغبتها في ألا يراها أحد. اشتدت حدة الظلام، مما تسبب في عرقلتها مرات عدة. مرت في طريقها بمكتب البريد والصيدلية واتجهت نحو منطقة التمارين الرياضية وهرولت مسافة المئة متر الأخيرة إلى الملعب. التقطت أنفاسها بصعوبة حين وصلت إلى المدخل الرئيس، كما اجتاحها الغضب أيضًا. فتحت الباب وابتلعها الظلام. قالت وهي تنظر ببرود إلى الخيال الذي بدأ يظهر أمامها من بين الظلال: - قل ما تريد سريعًا. رأت المطرقة وهي ترتفع فوق رأسها، ولكن لم يتسنَ لها الوقت لتشعر بأي ذرة خوف. أصابت الضربة الأولى عينها اليسرى. الوجود بنى النمل كومة كبيرة على بعد مسافة بسيطة وراء السياج. اعتدت أن أقف هناك وأنا طفلة وأتأملهاباهتمام شديد لساعات. كنت أقف بالقرب منها لدرجة أنني كنت أشعر بالنمل وهو يسير فوق قدميَّ. وفي بعض الأحيان، كنت أتبع نملة واحدة وأراقب طريقها بين عشب الحديقة، وصعودها على ممر الحصى وإلى الكثبان الرملية حتى تصل إلى كومة النمل. عزمت دائمًا على ألا أحيد بنظري عنها في أثناء رحلتها هذه، ولكن دومًا ما ينتهي بي الأمر وأنا أفعل ما عزمت على ألا أفعله أبدًا. يلفت نمل آخر انتباهي. ينفد صبري عندما يتشتت انتباهي في العديد من الاتجاهات حين يكثر النمل من حولي. أضع في بعض الأحيان مكعب سكر فوق كومة النمل. يحب النمل هديتي، وأبتسم والنمل يسبح نحوه ويسحبونه معهم إلى أعماق بيتهم. كنت أوكزهم بعصا لأوقظهم حين تتباطأ حركتهم في الخريف والجو الأكثر برودة. غضب الكبار مني حين يروني أفعل ذلك ويخبروني بأنني أفسد عمل النمل الشاق وأدمر منزلهم. ما زلت أتذكر إلى يومنا هذا إحساسي بظلم الكبار لي؛ فلم أقصد إيذاء النمل. كل ما كنت أرغب فيه هو بعض اللعب. أردت أن أحركهم مرة أخرى. بدأت ألعابي مع النمل تتسرب تدريجيًّا إلى أحلامي. وتحول ولعي بالحشرات إلى رعب غير مبرر حين أراها تتسحب بهدوء أو تزحف. وها أنا الآن ناضجة، ولكن لا يمكنني تحمُّل وجود أكثر من ثلاث حشرات أمامي في وقت واحد، أيًّا كان نوعها. ينتابني الهلع حين تهرب إحداها مني. بدأت معاناتي مع هذه الفوبيا في اللحظة التي أدركت فيها أوجه التشابه بيني وبين الحشرات الصغيرة. كنت شابة في مقتبل رحلتي في البحث عن إجابات لما يحدث في الحياة؛ أستنتج النظريات وأختبرها في رأسي بطرائق عديدة. أُؤمن بفكرة أنني لم أُخلق في هذه الدنيا عشوائيًّا؛ هناك من خلقني. لم أملك أدنى فكرة عن هوية خالقي. هل هي مصادفة، قدر، تطوُّر، أو حتى الرب؟ أدركت أنه من المنطقي أن تكون الحياة دون معنى، مما أغضبني وأحزنني كثيرًا. فلو لم يكن لحياتنا مغزى؛ إذًا ففكرة وجودنا مجرد تجربة ساخرة. لا بدَّ أن أحدهم قد وضعنا هنا على سطح الأرض ليحلل الطريقة التي نحارب، ونقاوم، ونعاني، ونصارع بها. سيوزع من خلقنا بعض المكافآت هنا وهناك في بعض المناسبات مثل مكعب السكر هذا على كومة النمل. سيراقب أحدهم سعادتنا وإحباطنا دون أن يتعاطف معنا شخصيًّا. زاد شعوري بالطمأنينة بمرور الأعوام. أدركت في نهاية الأمر أنه لا يهم وجود مغزى للحياة. ولا يوجد هدف من معرفتي هذا المغزى الآن، إن وجد. لو كانت هناك أجوبة لأسئلتي لكنت عرفتها الآن، ولكنها غير موجودة، لذا لا يهمني معرفتها حتى ولو كنت أفكر بها كثيرًا. وبمجرد وصولي إلى هذا الاستنتاج، شعرت بالحرية نوعًا ما.

مشاركة :