كتب الأديب والمفكر السعودي الدكتور عبدالله الغذامي كتابه المميز (الليبرالية الجديدة) أسئلة في الحرية والتفاوضية الثقافية مقسمًا فصول الكتاب إلى خمسة فصول وهي: ما بعد العولمة، تحولات المصطلح، والسؤال الملون، الحرية أو الديمقراطية ونظرية العدالة الوسطية والليبرالية الموشومة والإنسان شبه الحر. في كل بحث عن الحرية نظريًا وبالشواهد الواقعية سنظل نرى أن الانسان لن يكون حرًا مالم يعش مع أحرار، أي انك ستكون حرًا بمقدار ما تعطي غيرك حريته ولو أصر كل واحد على حريته لما بقي حر واحد على وجه البسيطة (ويلسون)، أو كما قال جون لاكري: لقد تنازلنا عن حريات كثيرة لكي نكون أحرارًا وهذا ما يتفق مع مقولة برتراند راسل عن الحرية السلبية، أي أنك لن تكون حرًا ما لم تعط غيرك حريته وكلما حرمت غيرك تحولت إلى مستبد مع عبيد. وحتى مصطلح الحرية نفسه سنكتشف أنه مصطلح شبه حر وذلك لأن الحرية هي في فعل كل ما لا يضير غيرك، حسب مونتسكيو، وهنا يحضر جون ستيوارت ميل حين وضع شروط الحرية وجعل أهمها نظام الرأي العام، بما أن الرأي العام قيمة ثقافية بشرية تبلغ درجة الطبيعة الأولى للإنسان وهو كائن بيئي يعيش في محيط له نظامه وله رأيه العام الذي يحكم علاقاته.. وهذا ما يطرح علينا نظرية التفاوضية الثقافية تلك التي تقوم على نظرية العدالة بركنيها المساواة والحرية.. ولا تستقيم الحرية من دون مساواة وهذا يجعل الفرد في خلية لابد أن يتشارك معها ظرفيًا.. وهنا يكون للحرية معنى في العلاقة بين أفراد الخلية، حسب شروط المساواة، ومنه شرط منع الضرر على الذات من الغير وعلى الغير من الذات وهذا ما يعقد المعنى حتى ليكون سؤال الديمقراطية سؤالا في التفاوضية الثقافية، وتكون الحرية مربوطة بشرط المساواة، ومن ثم التعددية الثقافية، وهي حالة تتقاطع مع الفردانية، ولن يتم ضبط المعاني إلا عبر التعامل معها بوصفها مفاهيم شائكة تحتاج إلى أسئلة شائكة أيضاً. هذا هو الموضوع الرئيسي لكتاب الدكتور عبدالله الغذامي الليبرالية ومعضلته الرئيسية. عمل الدكتور عبدالله الغذامي في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة من العام ١٣٩٨وحتى العام ١٤٠٩ حيث تولى تدريس مواد النقد والنظرية وأسس قسم اللغة العربية ومجلة كلية الآداب ورأس قسم الإعلام ثم قسم اللغة العربية وأشرف على صياغة عدد من المشروعات العلمية مثل التعريب ومركز البحث العلمي في الجامعة. انتقل للعمل بجامعة الملك سعود حيث شغل درجة أستاذ النقد والنظرية إلى جانب أنه عرف كعضو فعال في الحركة الثقافية والأدبية وكان نائبًا لرئيس النادي الأدبي الثقافي بجدة منذ عام ١٤٠٠ كما حصد عددًا من الجوائز والتكريمات وظلت كتبه مثار جدل داخل أروقة الجامعات وخارجها.
مشاركة :