التاريخ الذي يرفض الصمت عاد ليذكِّرنا بحياد تلك القصص الدموية الناتجة عن حرب ارتبطت باسم امرأة يُقال لها البسوس بنت منقذ التميمي، واشتهرت هذه التسمية بالشؤم والبؤس، حتى غدا يُقال شؤم البسوس، وفي قصة اندلاع الحرب يُذكر أنَّ أم جساس بن مرة، وهي أخت البسوس زارتها ذات يوم، وكان لدى البسوس جار من جرم، وكان اسمه سعد بن شمس، وكان يملك ناقة، وتعرضت ناقته لمرعى كليب وائل، فما كان على كليب إلا أن ضربها، وعادت الناقة إلى صاحبها وضرعها مُختلط باللبن والدم، وعندما شاهدها صاحبها أسرع إلى البسوس، وأطلعها على القصة، ثم أخذت تصيح وتقول: وا ذلاه! وا غربتاه! وأنشدت أبيات الفناء كما يُسميها العرب، وعندما سمعها ابن أختها ثارت ثائرته، وخرج متتبعاً كليب حتّى تمكّن من طعنه وقتله. وقعت حرب البسوس بين قبلتي بكر وتغلب، حيث انطلقت هذه الحرب بعد مقتل كليب، وبدأ أخو كليب (الزير سالم) الحرب؛ فكانت حرباً ضروساً استمرت أربعين عاماً يعلم تفاصيلها الأغلبية العظمى، أما اليوم فالعالم يندرج تحت لواء الحرب والسلام دول تعمل من أجل السلام ودول أخرى تتخذ قرارات الحرب في أنحاء متفرّقة في أنحاء المعمورة والبعض الآخر يقتات على مآسي الحروب. ورغم الأثر الهائل بعد الحروب على السياسات واقتصاديات الدول تجسد التزامهم بصراع متواصل، فبعد حرب روسيا وأوكرانيا حذّر أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، العالم من أن «الإنسانية على بعد مجرد سوء تفاهم واحد، أو سوء تقدير واحد، من إبادة نووية»، مستشهداً بالحرب الدائرة في أوكرانيا، والتهديدات النووية في آسيا والشرق الأوسط، إضافة إلى العديد من العوامل الأخرى. ما زال التمرد المنظم مستمراً، والتحديات قائمة في ظل ظروف صعبة للغاية يعيشها العالم من تضخم وتداعيات كورونا وحرب أوروبا، فهل أمريكا تركّز على العوائق؟ أم أنها تخشى تفوق الاقتصاد الصيني الذي يقدَّر بـ24.2 تريليون دولار مقابل 20.8 تريليون دولار للاقتصاد الأمريكي، وذلك إذا تم تقييم الاقتصاديين بناءً على معيار تعادل القوة الشرائية، ومن ثم بلغ الصراع ذروته بين البلدين، ولكن ماذا لو لم تكن أمريكا مضطرة لاستفزاز الحكومة الصينية بزيارة تايوان، لقلنا أموراً نتطلع إليها وفي ذات الوقت نقلق بشأنها. في ضوء ذلك، تهدِّد الصين بأن جيشها «لن يقف مكتوف الأيدي» إذا أقدمت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي على زيارة تايوان، فهل تتشابه قصص الماضي والحاضر في إشعال الحروب لتكون بطلتها بيلوسي، التي تقود وفداً من الكونغرس الأميركي في جولة بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، وتضع في جدول الزيارة تايوان، رغم تحذيرات الصين باتخاذ إجراءات تصعيدية في حال قيامها بزيارتها، التي تعتبرها جزءاً من أراضيها، فهل هذه الزيارة هي التي تشعل فتيل الحرب بين أمريكا والصين وترفع وتيرة التوتر إلى أقصى الدرجات؟ وتصبح هذه الصورة المعتمة جانباً واحداً من العديد من قصص الحرب في العالم.
مشاركة :