تقول أوساط سياسية عراقية إن الشروط التي طرحها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لحل الأزمة التي تعصف بالعراق منذ عشرة أشهر أربكت الحلفاء قبل الخصوم، وهو ما يظهر من خلال ردود أفعال الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة السني الذي يبدو منقسما على ذاته حيال تلك الشروط. وتوضح الأوساط أن الصدر خذل حلفاءه في “إنقاذ وطن” للمرة الثانية، حيث كانت المرة الأولى حينما قرر الانسحاب من العملية السياسية في يونيو الماضي ودفع كتلته النيابية المؤلفة من ثلاثة وسبعين نائبا إلى الاستقالة من البرلمان، والآن باشتراطه حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات جديدة، لا يبدو أن حلفاءه مستعدون لها. وتشير الأوساط إلى أن زعيم التيار الصدري كان من الواضح أنه لم يستشر في خطوته الجديدة حليفيه الحزب الديمقراطي والسيادة، مع أن الطرفين كانا قد حرصا على ابتلاع “كبوة” انسحابه من العملية السياسية، بل وذهبا بعيدا في اتجاه دعم خطوته بالاحتكام إلى الشارع والاعتصام المفتوح لأنصاره. فاضل ميراني: ليس من السهل الذهاب في خيار حل مجلس النواب العراقي وتوضح الأوساط أن الصدر تجاهل المبادرة التي كان يعتزم زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني طرحها لحل الانسداد، وهو أمر من شأنه أن يفاقم استياء الحزب الكردي. ودعا زعيم التيار الصدري في خطاب مطول الأربعاء إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، مشيرا إلى أنه لم يحسم موقفه بشأن خوض الاستحقاق الجديد من عدمه. وطالب الصدر أنصاره من المعتصمين أمام البرلمان العراقي بالاستمرار في اعتصامهم إلى حين تحقيق مطالبه السياسية، مشددا على رفض أي حوار مع خصومه في الإطار التنسيقي. وسارعت بعض القوى، ومن بينها تلك المنتمية إلى الإطار، إلى إعلان تأييدها لشروط الصدر، على غرار زعيم تحالف النصر ورئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، وزعيم تحالف الفتح هادي العامري. في المقابل لم يصدر أي موقف رسمي من الحزب الديمقراطي الكردستاني، لكن بعض القيادات التابعة للحزب لم تخف تحفظاتها. وفي خطوة لافتة استقبل رئيس الحزب مسعود بارزاني الخميس رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني بحضور وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، ونائب رئيس وزراء إقليم كردستان قوباد طالباني. وكان بارزاني يماطل في السابق لإجراء لقاء مع طالباني فيما بدا مسعى منه لكسب الوقت، وانتظار خطوات زعيم التيار الصدري. ◙ الصدر تجاهل المبادرة التي كان يعتزم زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني طرحها لحل الانسداد، وهو أمر من شأنه أن يفاقم استياء الحزب الكردي وهناك خلاف بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني حول رئاسة الجمهورية، حيث يتمسك كل منهما بمرشحه لهذا المنصب، الأمر الذي ساهم في تعقيد الأزمة السياسية في العراق. وذكر بيان صادر عن مقر بارزاني، تداولته وسائل إعلام عراقية، أنه تم خلال الاجتماع تبادل النقاشات والآراء لتقييم الوضع الراهن في العراق وتطوراته وإعادة تنظيم البيت الكردي. وأضاف البيان أنه تقرر خلال الاجتماع “العمل من أجل توحيد موقف القوى السياسية الكردية إزاء التحديات التي تواجه العراق وإقليم كردستان، ومواصلة عقد الاجتماعات لهذا الغرض”. ويظهر من خلال هذا الاجتماع أن بارزاني يتجه لاستدارة جديدة، على خلفية الشروط التي طرحها الصدر، والتي يرى أنها لا تخدم مصلحته السياسية، في غياب ضمانات بإمكانية حصد النجاح الذي حققه في انتخابات أكتوبر الماضي. وصرح سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي فاضل ميراني، في وقت سابق الخميس، بأن ليس من السهل حل مجلس النواب العراقي. وقال ميراني إن الأطراف السياسية “عيونها ترنو صوب كلمة أو موقف أو مبادرة يطلقها الزعيم مسعود بارزاني بشأن الوضع العراقي”، مضيفا “حقيقة لسنا مستعجلين، وما جرى في العراق لم يكن صحيحا بأن يستقيل السيد مقتدى الصدر من البرلمان”. محمد الحلبوسي يخشى من فقدانها في الاستحقاق المقبل مع تصاعد الغضب في الأوساط السنية حياله وأضاف أن “الصدر بيده سلاحان أحدهما 73 مقعدا في البرلمان، والسلاح الثاني الشارع، وقد فقد الأول، ومازال يمتلك السلاح الآخر”، متابعا أن “الصدر الآن وبلا سلاحه الأول يطلب حل البرلمان، وبرأيي أن هذا الأمر ليس سهلا”. وتساءل ميراني إن “جميع الأطراف والقوى السياسية لديها اعتراض على قانون الانتخابات، وإذا لم يكن هناك برلمان فمن سيعدل هذا القانون؟”، مشيرا إلى أنه “ينبغي تشكيل لجنة أو هيئة تشريعية تقوم بتعديل هذا القانون، وتشكل مفوضية جديدة للانتخابات”. وهذه المرة الأولى التي يوجه فيها قيادي في الحزب الديمقراطي انتقادا للصدر، في دلالة على حجم الاستياء من الحليف الشيعي. وعلى المقلب السني، فإن المؤشرات توحي بوجود انقسام في تحالف السيادة حيال شروط الصدر، ففيما سارع زعيم التحالف خميس الخنجر إلى إبداء دعمه للشروط، التزم رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي الصمت، ما يعكس وجود تحفظات لديه. وقال الخنجر عبر حسابه على تويتر إن تحالفه يدعم جهود إنقاذ العراق ومعالجة حالة الجمود السياسي التي عطّلت الدولة ومصالح الشعب. وأضاف “نعلن دعمنا لمضامين خطاب السيد مقتدى الصدر نحو انتخابات مبكرة، ووفق معايير جديدة وماكنة وقوانين عادلة تسمح بمنافسة حقيقية”. ويرى مراقبون أن موقف الخنجر والحلبوسي لا يبدو مستغربا، فالأول لم يحقق نجاحا كبيرا في الاستحقاق الانتخابي الماضي، ويشعر بأن الفرصة سانحة أمامه هذه المرة لتعزيز وضعه، في المقابل فإن الحلبوسي الذي كان حصل على نتائج مهمة في الانتخابات الماضية، يخشى من فقدانها في الاستحقاق المقبل مع تصاعد الغضب في الأوساط السنية حياله، في ظل اتهامات تلاحقه بالتنكر لأهل السنة واستخدام نفوذه لضرب منتقديه.
مشاركة :