يكفي أن تُذكر مُفردة الفن لتتكهرب الأجواء. لقد شوّه أعداء الجمال سمعة هذه المفردة لدرجة إلصاق الانحلال بها مع أن المتابع للفنون في بلادنا لا يمكن أن يصفها بالعُهر أو التعدي على قيم الأخلاق وخدش الذوق العام أو الحياء. الفن مكوّن ثقافي مثله مثل بقية المناشط الحياتية المرافقة للإنسان منذ وِجِد على هذه البسيطة. أذكر ويذكر من هم في جيلي والذين قبلنا كيف أن المجتمع يحتفي بالفنون على كافة المستويات وبالذات في مدارس التعليم العام وفي الأندية الرياضية. لا تمر مناسبة إلا وتكون الفنون حاضرة بل ويتنافس في ميدانها المبدعون. حسب كتاب سوسيولوجيا الفن من تحرير (ديفيد إنغلز - جون هغسون)، منشورات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في دولة الكويت، يوليو 2007 فإن فك شفرة الاتجاهات الاجتماعيّة العامّة المُعبّر عنها في الأعمال الفنيّة أفضل من محاولة تقديم أعمال معينة بوصفها تعبيرا عن الظروف المادية أو الايديولوجيات. بعبارة أُخرى وكما ورد في الكتاب فإن الأعمال الفنية تعبّر عن طبيعة الكيان الكُلّي الاجتماعي وليس عن عنصر معين فيه مثلا طبقة اجتماعية أو فكرية. حينما غُيبت الفنون فترة من تاريخ بلادنا فإنها قاومت الموت بإصرار لأن من حاول اغتيالها نسي أنه لا يمثل الكيان الكُلّي للمجتمع فهناك من يعيش للفنون وبالفنون ومن أجلها. الفلكلور الشعبي مثلاً والرقصات متنوعة الأداء والمسميات وهي جزء أساس من ثقافة الأمة وفنونها كانت أكبر حائط صد للمحاولات الفاشلة. الم تشاهدوا كافة الشرائح وهي تشارك في حفلات الفرح والأعياد والمناسبات الرسمية بل إن بعض من يقود فرق الفنون الشعبية في مختلف مناطق بلادنا ممن يبدو عليهم التديّن ورجاحة العقل. أجدها مناسبة لأُحيي جمعية الثقافة والفنون بقياداتها الشابة ورئاسة مجلس إدارتها المتمثل في الأخ الزميل سلطان البازعي الذي أعاد وزملاؤه مديرو الفروع الثقة بالفنون، عرضوها للناس بكل جلال ونقاء مع كثيرٍ من رُقيّ، فعادت البسمة من جديد على قسمات الوطن. يبقى الدور الآن على هيئة الإذاعة والتلفزيون أن تنتصر هي الأخرى للفنون وبالذات الموسيقية والغنائية منها وتعيد حضورهما للمشهد المحلّي. إن محاربة الفنون بسلاح الكلام المفرّغ من معناه لن يوقف عودتها القوية بعد تلك السنين العجاف.
مشاركة :