الصين وتجنب دوامة الديون والانكماش «2 من 2»

  • 9/19/2023
  • 00:29
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

فكما هي الحال لدى البنوك المركزية في الدول ذات الدخل المرتفع بعد الأزمة المالية في 2008، لا يزال بوسع بنك الشعب الصيني الاستفادة من التيسير الكمي، حيث إن الشراء واسع النطاق للسندات الحكومية سيوفر للبنوك التجارية مزيدا من السيولة لغايات الإقراض. أما إذا كان الهدف تحقيق معدل تضخم أعلى، كما هي الحال في الصين اليوم، فلا يوجد حد ميكانيكي للتحفيز الإضافي الذي يمكن تطبيقه على الاقتصاد من خلال هذه القناة. قد يشكك البعض في نجاح تيسير السياسة النقدية في تعزيز الطلب الكلي، نظرا لأن أداء الاقتصاد ظل ضعيفا بعد التخفيضات السابقة في سعر الإقراض الرئيس من 3.65 في المائة إلى 3.45 في المائة. لكن الزيادة غير الكافية في الطلب الكلي في أعقاب تحفيز نقدي خجول لا تعد دليلا على أن التيسير الأكثر قوة سيفشل. تحتاج الصين إلى اتباع نهج "عمل كل ما يتطلبه الأمر" الذي اتبعه البنك المركزي الأوروبي قبل عقد من الزمان عندما كان هو أيضا يواجه دوامة الديون والانكماش. يتعين على بنك الشعب الصيني أن يعلن استراتيجية لتحويل جزء كبير من الدين الحكومي إلى نقد وتحفيز مزيد من الاستثمار في أسهم القطاع الخاص. ينبغي لصناع السياسات من أجل عمل زيادة عامة ومنسقة في الأجور الاسمية، أن ينظروا في تبني نهج يتكون من ثلاثة عناصر، هي خفض مساهمات أصحاب العمل في صندوق الضمان الاجتماعي مقابل زيادة الأجور، وتحويل مالي من وزارة المالية إلى صندوق الضمان الاجتماعي بتمويل من سندات حكومية طويلة الأجل للتعويض عن المساهمات المفقودة من الشركات، وتسييل هذا التحويل المالي من قبل بنك الشعب الصيني "عن طريق شراء السندات الحكومية والاحتفاظ بها". إن من الممكن التراجع عن هذه الإجراءات في المستقبل، حسب الحاجة، لمكافحة التضخم. لكن في الوقت الحالي تعد محاربة الانكماش والديون أكثر أهمية بكثير. أخيرا، تميل المقترحات التي تدعو للتيسير النقدي القوي إلى إثارة المخاوف بشأن انخفاض سعر الصرف. لقد فقدت العملة الصينية نحو 5 في المائة من قيمتها مقابل الدولار على مدى الأشهر الـ12 الماضية، بسبب التغيرات غير المتماثلة في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة والصين، والخوف الآن هو أن يؤدي الانخفاض الإضافي في قيمة الرنمينبي إلى زيادة التوقعات بمزيد من الانخفاض، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال، وهو التخوف الذي ربما لعب دورا ما في الحد من رغبة بنك الشعب الصيني في القيام بتيسير نقدي قوي. لكن إذا كان ثمن إنقاذ الاقتصاد من الانكماش الذي أصبح مترسخا هو رنمينبي أضعف، فهو ثمن يستحق أن يدفع، حتى إنه قد يصبح آلية تعديل مفيدة من خلال تعزيز الطلب الأجنبي على المنتجات الصينية، وبدلا من محاولة إدارة سعر الصرف، وهو ما من شأنه أن يبرر بشكل مصطنع توقع انخفاض قيمة العملة. يتعين على السلطات الصينية أن تترك مثل هذه التعديلات لقوى السوق، علما بأن خفض قيمة العملة بشكل كبير وبالقدر الكافي لمرة واحدة من شأنه أن يترك مجالا ضئيلا لمزيد من التوقعات بخفض قيمة العملة. تحتاج الصين -بشكل عاجل- إلى تجنب التوقعات الانكماشية الراسخة على نحو أشبه بما حدث في اليابان بعد ثمانينيات القرن الماضي، وهي تحتاج أيضا -بشكل عاجل- إلى استعادة ثقة الشركات والأسر، وهو أمر مستحيل من دون تعزيز الطلب الكلي. إن هناك تبريرا قويا للقيام بالتحفيز النقدي الفوري والقوي، إضافة إلى الالتزام العام بوقف دوامة الديون والانكماش. وبمجرد عودة النمو في الصين إلى مسار النمو المحتمل، يصبح من الممكن عودة السياسة النقدية إلى وضعها الطبيعي وسترتفع قيمة الرنمينبي بشكل طبيعي مرة أخرى. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكت، 2023.

مشاركة :