صحيح أن هناك بعض الجدل بين خبراء الاقتصاد الأكاديميين حول مدى تأثير زيادة معدلات الهجرة في الأجور. لكن مراجعة 2017 للدراسات المنشورة في مجلة "كاتو" أظهرت أن الزيادة بـ10 في المائة في عدد المهاجرين في المتوسط، مرتبطة بانخفاض الأجور بـ2 في المائة. حتى إذا لم تنخفض الأجور على المدى القصير، فمن المرجح أن يؤدي ارتفاع معدلات الهجرة إلى زيادة المعروض من العمالة والحد من تضخم الأجور مع مرور الوقت. وأخيرا، تمثل الولايات المتحدة 18 في المائة من القدرة التصنيعية في العالم، ما يجعلها ثاني أكبر مصنع في العالم بعد الصين. يمثل التصنيع 2.3 تريليون دولار من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، ويوظف 12 مليون شخص، وكان يتعافى في الأعوام العشرة التي سبقت الجائحة. ووفقا لتقديرات "ماكينزي"، أضاف الاقتصاد الأمريكي 1.3 مليون وظيفة في قطاع التصنيع بين 2010 و2019. وفي أعقاب اندلاع جائحة فيروس كوفيد - 19، أدت اضطرابات سلسلة التوريد العالمية إلى ارتفاع أسعار الواردات، حيث تعتمد الأسر الأمريكية بشكل غير متناسب على السلع الاستهلاكية المستوردة. ونظرا إلى قيود العرض هذه، فمن المرجح أن تستمر الشركات في تفضيل المرونة على خفض التكاليف والتنويع، ما يعني عودة محور التصنيع إلى الولايات المتحدة. من المؤكد أن إعادة التوطين قد تؤدي إلى زيادة تكاليف العمالة لمرة واحدة، حيث يعيد أصحاب العمل الوظائف إلى اقتصاد الولايات المتحدة ذي الأجور الأعلى. لكن مع مرور الوقت، ستكون الولايات المتحدة قادرة على تجنب تقلبات الأسعار الناتجة عن الاعتماد المفرط على الإمدادات الأجنبية. بالنظر إلى أن قدرتها الإنتاجية المحلية القوية تحمي الاقتصاد الأمريكي جزئيا من التضخم المدفوع بالواردات، فإن استعادة التصنيع ستؤدي إلى تقلب أقل في الأسعار، وبالتالي انخفاض التضخم. هناك بالفعل دلائل تشير إلى انخفاض معدلات التضخم في الولايات المتحدة. فقد تراجعت أسعار الواردات الأمريكية "باستثناء الرسوم الجمركية" 1.4 في المائة في تموز (يوليو) للمرة الأولى منذ سبعة أشهر. وفي الوقت نفسه، انخفض التضخم الأساسي في السلع والخدمات "باستثناء الغذاء والطاقة" إلى 5.9 في المائة في تموز (يوليو) من أعلى مستوى له عند 6.5 في المائة في آذار (مارس)، قبل أن يرتفع مرة أخرى في آب (أغسطس). في حين إن ضغوط الأسعار هذه خارجة عن سيطرة بنك الاحتياطي الفيدرالي، فإن الولايات المتحدة لديها الأدوات اللازمة للتخفيف من تأثيرها. ومع ذلك، لا يمكننا توقع عودة التضخم إلى الهدف المحدد من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة في أي وقت قريب. لكن يمكننا أن نتوقع استقرار التضخم في متوسط الأرقام الفردية ـ وهي نظرة مستقبلية يمكن أن تمنح أولئك الذين يخصصون رأس المال درجة معينة من الثقة بالاقتصاد الأمريكي. في الواقع، من منظور الاستثمار، من الصعب العثور على اقتصاد آخر يمكن أن يضاهي ما تقدمه الولايات المتحدة، موارد طبيعية وفيرة، وإدارة فاعلة، وتاريخ الهجرة، وعملة احتياطية عالمية. هذا صندوق أدوات مثالي لكسر التضخم. بالمقارنة، فإن معظم الدول الأخرى يعتمد بدرجة أكبر على الاقتصاد العالمي. في عالم اليوم، هذا يجعلها أكثر عرضة للتضخم.خاص بـ « الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2022.
مشاركة :