الحياة لا تخلو من المنغصات التي تحدث للإنسان من حين لآخر وما أكثرها، نحن بشر نُنغص ونشعر بالنغصة أو المنغصات التي تأتينا من أقرب الناس ومن أبعدهم لكن شدة النغصة تختلف حسب قرب الإنسان إلى العقل والقلب. والواقع أن هذه المنغصات التي يحاول الإنسان الفرار منها لا يمكن أن تخلو منها الحياة لأنها ابتلاء من الله عزَّ وجلَّ كسائر الابتلاءات والمصائب التي يُصاب بها المرء في هذه الدنيا وعليه التعامل معها بكل تأن وبعيدًا عن التشنّج وردة الفعل. على مضض، على كره، على ألم نبتلع المضض الذي يشبه الماء المالح أو يشبه مرارة الشرى (العلقم). البعض والبعض الكثير الذين يتبلعون الإهانات عَلَى مَضَضٍ دون رد لعدم قدرتهم على الرد أو لمصلحة شخصية أو أي مبرر آخر وما أكثر المبررات في حياتنا. في المقابل الحياة ليست كلها منغصات وإنما يوجد فيها بعض من صفات البهجة، والبهجة وما هو هذا الإحساس الرائع الذي ينتاب الإنسان فينقله من حالة الملل واللا مبالاة إلى حالة من الانتشاء والسعادة تغمره وتحسِّن من مزاجه من تلك الغصة التي هزَّت كيانه. الحمد لله، هناك الكثير من يرفض الغصة وهو على يقين دائمًا بأن سعادته تتولَّد من داخله، وكل ما يحيط به ويؤثِّر فيه هو في النهاية مجرد عوامل وأسباب ممكن التعامل معها. تتعدَّد منغصات الحياة وتأخذ من الألوان والنماذج والصنوف ما لا حصر له وهي قد تبدو للبعض أنها «عادية» لا يجب أن تؤثّر على مسار معيشة الإنسان تأثيراً مباشراً وحقيقيًا إلا أنها في معظم الأوقات تبقى هذه الغضة مدة طويلة من الزمن ربما عمر الإنسان كله. أتساءل وغيري الكثيرون من الناس يتساءلون: لماذا لا نعيش حياة مثالية؟ لماذا لا تَعم علينا لحظات السعادة والنجاح والطمأنينة ونبتعد عن غصات الناس ونجعل حياتهم جحيماً لا يُطاق، ألسنا بشراً نشعر بمشاعر الآخرين حين يصابون بالغصة أم هناك أسوار عالية بيننا. (الجميع شغوفون بالسعادة ولكنها كالقمر المحجوب وراء سحب الشتاء) نجيب محفوظ. الحب أكسجين الحياة، بالحب لا تشعر بغربة المكان، ولا بغربة الزمان، بالحب تعيش قرير العين بعيداً عن القلق، بالحب تشعر أنك لا تؤلم الآخر بغصة تنغص عليه حياته، ليس هناك أشد غصة من غصة الأخ، الأخت، العم، العمة، الخال والخالة، والصديق الصادق. الأم والأب يزرعون الورد ويُسمعون الكلام الجميل ويتحمّلون غصات فلذات أكبادهم الذين لا يشعرون بها وهذا قمة الألم. (ليس في العالم وسادة أنعم من حضن الأم) وليم شكسبير جميل، وجميل جدًا أن نبتعد عن زرع الغصة للآخرين ونحول حياتهم إلى دوامة من القلق والألم وحين نُفكّر في زرع الغصة علينا التريث وزرع الورد الجوري وستعرف النتيجة الإنسانية من الطرف الآخر. فكر وبعمق أيها الإنسان إنك ستتعذب بألم غصة الآخر حين يؤنبك ضميرك.
مشاركة :