أبناء «الشغالة» خيرٌ من أبناء «البطالة» | أحمد عبد الرحمن العرفج

  • 1/3/2016
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

مِن المَعروف أنَّنا مِن أكثَر الدّول؛ التي يَتلقَّى طُلاّبها وطَالِبَاتها المَواد الدِّينيّة، التي تَدلُّ كُلّ مَضَامينها عَلى أنَّه «لَا فَضْلَ لِعَرَبِي عَلَى أَعْجَمِي، وَلا لِعَجَمِي عَلَى عَرَبِي، وَلا لأَحْمَر عَلَى أَسْوَد، وَلا لأَسْوَد عَلَى أَحْمَر، إِلا بِالتَّقْوَى»، ومَع ذَلك تَجد أنَّنا لَا نَستوعب ولَا نُطبّق كَثيراً مَمَّا تَعلَّمنا، ومِن أَهمّه تَقدير العمَالة الوَافِدَة، التي غَالباً نَنظر لَها نَظرة «تَعالي وازدرَاء»..! قَبل أيَّام تَنَاقَلَت الوَسَائِط مَقطع فِيديو؛ لفَنَاننا الكَبير «محمد عبده»؛ يُشيد فِيهِ برشَاقة الفَنَّانة الإمَاراتية «أحلَام»، وكَانت الفَنَّانة السّعوديّة «وَعد» تَجلس مَعهما، فشَعرَتْ بغِيرَة –رُبّما- كَان دَافعها أَحقّيتها بمَديح «ابن جِلدَتها»، الذي كَان مِن نَصيب «بِنت الجِيرَان»، مَمَّا جَعلها تَمزج المزَاح بالعِتَاب قَائلة لَه: «وهَل أنَا بِنت الشَّغَّالَة»..؟! بَعد هَذه العبَارة، دَعونا نُطلق جُملة مِن التَّسَاؤلات: إنَّ الشَّغَّالة هي إنسَانة مِثلنا، بَل تَمتَاز عَنَّا بأنَّها تَبحث عَن لُقمة العَيش الحَلَال، ولَا يُميّزنا عَنهَا إلَّا وَفرة المَال، التي كَفَتْنَا عَنَاء الهِجرَة بَحثاً عَن العَمَل، فهَل البَحث عَن لُقمة العَيش الحَلَال أصبَح شتيمَة..؟! أكثَر مِن ذَلك، إنَّ العَامِلَات المَنزليّات اللاتي يُسمّونهنّ –تَعاليًا واعتباطًا- «شغّالات»، أو «خَدّامات»، وأُسمّيهنّ -افتِخَارًا وامتنانًا- «مُسَاعِدَات مَنْزِليّات» أو «مُربّيات»، هُنّ مَن يَجعلن مَنَازلنا نَظيفة، ومَلابسنا جَاهزة للاستخدَام، وأكَاد أُجزم أنَّ أَهل البَيت؛ قَد لَا يَشعرون بغِيَابِ الأُم، ولَكن يَشعرون حَتماً بغِيَابِ المُربّية؛ لَو غَابت لمُدَّةِ سَاعة، لأنَّ الفوضَى والأوسَاخ ستَنتَشر في كُلِّ زَاوية مِن زَوَايا البَيت..! إنَّ العَامِلَة المَنزليّة أو المُربّية؛ هي مِن خَير النَّاس، مِصدَاقًا للحَديث النَّبوي الشَّريف القَائِل: «خَيركم مَن أَكَلَ مِن عَمَلِ يَده»، بَينما الزَّوجَة والبِنت تَأكُلان –في الغَالِب- مِن «المَصروف»؛ الذي يَدسُّه الأَب والزّوج في كَفّهما كُلّ صبَاح..! إنَّ المُربّية أو المُسَاعدة المَنزلية؛ هي أَرْقَى وأكثَر احتِرَاماً مِن المَرأة العَادية، لأنَّها تَتعب مِن جِهتين، أوّلاً مِن العَمَل الشَّاق، وثَانياً مِن عَذَاب الغُربَة ومُفارقة أَولَادها، ولَكُم أنْ تَتخيّلوا أنَّ السيّدة العَامِلَة لَدينا «تيما» –حَفظها الله- مَكَثَتْ رُبع قَرن في السّعوديّة؛ لَم تَتمتّع خِلَاله إلَّا بإجَازة وَاحِدَة لمُدّة شَهرين، وكُلّ ذَلك، مِن أَجل أنْ تُوفِّر حَيَاة كَريمة لأُسرتهَا، وتُنفِق عَلى أولَادها حتَّى يَنتهوا مِن تَعليمهم، ويَتزوّجوا ويُنجبوا الأحفَاد، وهي تَقول لِي دَائماً: (يَكفيني فَخراً -يَا وَلدي أحمد- أنَّ سَعادتي تُنسيني آلَام فرَاق أَولَادي؛ كُلَّما تَذكّرتُ أنَّ المَبلغ البَسيط الذي أُرسله إليهم؛ يَحميهم مِن ذُلّ تَسوُّل الطَّعَام)..! حَسناً.. مَاذا بَقي؟! بَقي أنْ أَطلُب مِن القَارِئات قَبل القُرّاء؛ أنْ يُعيدوا النَّظر -في تَعَاملهم الدُّوني- مَع «المُسَاعِدَة المَنزليّة»، ويُغيّروا نَظرتهم غَير اللَّائِقَة لتِلك الكَائِنَات الحَيّة؛ التي تَعمل في مَنَازلنا، وتُكَابِد المَشقّة مِن أَجل تَحصيل لُقمة العَيش، وتَتحمَّل أَمزجة أفرَاد الأُسرَة المُختَلِفَة، الذين يُجبرونها عَلى العَمَل 24 سَاعة، كالصَّيدليّة المُنَاوِبَة.. وبَقي أَيضاً أنْ أفتَخر بأنَّني «أحمد»، وَلد الشغَّالة «لولوة العجلان» –متّعها الله بالصّحة والعافية- التي أَفْنَت شَبَابها في سَبيل رَاحتنا، فكَانت –قَبل عَصْر الشغَّالات المُستورَدَات- تَعمل لَيلاً ونَهَاراً دُون أنْ تَشتكي أو تَتذمّر، أَو تَنتَظر الثَّناء والتَّقدير مِن أَحد..!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com

مشاركة :