الدولة بمفهومها البسيط والمختزل بقعة جغرافية يقطنها أفراد يؤطرها كيان مؤسساتي، أما الدين الإسلامي فمن الاستحالة بمكان مجرد استقراء غيض من تعاليمه وسماحته ورجاحته.. استفزني مقال لأحد أهم النخب المتبحرة في التحليل السياسي، ويعد من جهابذة المفكرين والباحثين، ولا أدل على ذلك من حضوره في مجمل القنوات والمؤتمرات والمحافل السياسية والإعلامية، وكذا فهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة دولة شقيقة ويكتب في صحيفة عريقة ورصينة.. فقد ذكر في ثنايا مقاله الذي تمحور حول مدارس العنف قائلاً: فـ«الدولة الإسلامية». (داعش) ويا ليته لم يضع الأخيرة بين هلالين، فهذا يدلل أكثر ما يدلل التعريف بها، فهو فضلاً عن وصفها بالدولة الإسلامية، وهذا مستنكر، فقد أمعن في كينونتها ورسوخها وإن بشكل استشرافي.. السؤال: هل هذا الإعلامي المخضرم والأكاديمي والسياسي الفذ لا يعي تداعيات وصف هذه الجماعة (التي ظهرت فجأة وأبعد ما تكون عن الإسلام) بالدولة الإسلامية؟ ألا يدرك، وأمثاله كثر ممن تتسابق القنوات لاستضافتهم، أن هذا المسمى الدعائي (البروباجاندا) يكرس وإن ضمناً أو إيحاءً للصبغة الاعتبارية والقانونية (كدولة)، الأمر الذي يكسبها زخماً واستمالة، خصوصاً إذا علمنا أنه يحاضر لطلبة نحن أحوج ما نكون لترشيد فكرهم وعقلنة توجههم.. إلى ذلك، ولخطورة الأمر لابد من الإفصاح عن كنه ومآرب هؤلاء، فإما الاعتراف بجهلهم وإن بقرارات أنفسهم وعدم تكرار ذلك في أيٍّ من الصحف والمنابر الإعلامية، وإما فضح تواطئهم وتالياً استبعادهم، ولا تفسير أو إجراء آخر! يجب ألا نتهاون في ذلك، فالكلمة أكثر فتكاً من السلاح، خصوصاً إذا أطلقت من «فوهة» أقلام وأبواق لهم قراؤهم ومستمعوهم، لا بل ومريدوهم.
مشاركة :