يتميز ديننا الحنيف بكونه دين العقل والمنطق والتدبر في الأمور بروية والتأني قبل الحكم عليها، ولذلك فإننا نجد هنالك عددا كبيرا جدا من الآيات القرآنية الكريمة التي تدعو الإنسان وتحثه على التفكير والتعقل والتدبر في مختلف الأمور المتعلقة بذاته وبالواقع الموضوعي المحيط به وبالكون كله بمنتهى الهدوء.الإسلام يؤكد على الهدوء والاتزان في المعاملات واتخاذ القراراتمن المهم التأكيد على أن الدعوة للتفكير والتدبر والتعقل، يتطلب بالدرجة الأولى وقبل كل شيء هدوء البال والسكينة؛ لأنه لا يمكن أبدا للإنسان أن يفكر بشكل صحيح وهو في حالة انفعال أو عصبية، ولذلك فإن الآيات القرآنية بصورة خاصة والدين الإسلامي بصورة عامة، دأب على مطالبة الإنسان بعدم اتخاذ أي قرار إلا وهو في حالة هدوء وسكينة؛ لأن عقلانية ومنطقية القرار تحددها الحالة النفسية التي يكون عليها الإنسان، ومن هنا فإن اتخاذ القرار في حالات الغضب والانفعال تتأثر بالضرورة بتلك الحالات وتجعله قرارا غير سليم والعكس صحيح أيضا.إن الإسلام مثلما هو دين العقل والمنطق والتفكير والتدبر في الأمور، فإنه ولكي يكون الإنسان المسلم ضامنا لتمكنه من ناصية الدين وعدم خروجه على القواعد والضوابط الأساسية فيه، فإنه يجب أن يلتزم دائما حالة الهدوء والاتزان والروية عندما يريد اتخاذ أي قرار، لأن القرار المتخذ يحدد ماهية الإنسان، لكي يكون متمكنا من نفسه ومن جوارحه وجوانحه وناجحا في السيطرة عليها وترويضها، لذلك فإن الأساس المطلوب لمثل هذه الحالة هو أن يكون معتدلا ووسطيا في كل أموره الحياتية، ذلك أن الاعتدال والوسطية يجعلان من الإنسان متحكما في الكثير من الأمور والأهم من ذلك أن يكون مقبولا لدى مختلف الأوساط الاجتماعية.الرسول الأكرم - صلى الله علیه وآله وصحبه وسلم -، عندما قال في الحديث الشريف «خير الأمور أوسطها»، كما أن الآية الكريمة التي تقول: «وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا»، تٶكدان حرص الإسلام غير المحدود على قضية الوسطية، ذلك أنه أمر بها فرديا وأمر بها اجتماعيا، وأن هذا هو أهم ما يميز الدين الإسلامي ويمنحه الحيوية والمرونة والخصوصية والتميز عن الأديان الأخرى.التطرف سلوك مرضي خطير ينبغي مواجهته بوسطية الإسلام ونهجه المعتدلإن الاعتدال والوسطية اللذين تعنيان عدم الغلو والمبالغة والتصرف وفق سياق محدد هما غير التطرف والغلو اللذين يعنيان التصرف وفق سياق عشوائي غير محدد بالضوابط الشرعية والعقلانية؛ لأن القرارات المتخذة في هذه الحالة «أي التطرف والغلو»، تكون بالضرورة قرارات غير صائبة وتتسم بالعجالة والتسرع الناجمة أساسا من حالة الانفعال النفسي للشخص المتطرف، ومثلما أن الإسراف والغلو في المسائل المادية قد نهى عنهما الإسلام كما جاء في الآية الكريمة (كلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)، فإن التطرف والغلو هما أيضا وفق الميزان الشرعي إسراف وتطرف فكري يقود المرء لاتجاه غير الاتجاه الصحيح الذي كان يجب أن يسير فيه.دعوتنا للوسطية والاعتدال بوجه التطرف والغلو الذي كما نراه جميعا ولأسباب مختلفة ومتباينة يجتاح العالمين العربي والإسلامي حيث تقوم أطراف وجهات معادية للأمتين العربية والإسلامية بتوظيفها لصالح تحقيقها لأهداف وغايات خاصة معادية بالأساس للدين الإسلامي وللأمة الإسلامية جمعاء، حيث إن غلبة التطرف والغلو على أمتينا تجعل منه غير تلك الأمة الوسط التي شرفها القرآن الكريم بها، ولذلك فإننا وجدنا من صلب واجبنا الشرعي التصدي لهذه الحالة المرضية المعادية لديننا الحنيف وعدم السماح لأعدائنا والمتربصين شرا بنا أن يتصيدوا في المياه العكرة من خلال الدعوة للعودة إلى النبع الرقراق الصافي للإسلام، والذي لا يمكن أبدا أن يكدره التطرف والغلو، وإننا بقدر ما نبذل من جهود مختلفة مضنية وبنفس القدر نعتبر أنفسنا مسؤولين أمام الله عز وجل وندعو كي نعمل جميعا للنأي بأنفسنا وعوائلنا وكل من تربطنا به علاقة في الإسلام عن التطرف والتمسك بالوسطية والاعتدال نهجا وأسلوبا في كل الأمور وقطعا عندما يبدأ الاعتدال فإن التطرف ينتهي.sayidelhusseini@
مشاركة :