الانهيار المالي يفاقم أزمة التعليم في لبنان وسط إضراب المعلمين وزيادة المصروفات

  • 9/28/2022
  • 00:30
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كان من المفترض أن تعود كلود قطيش، المعلمة في المرحلة الثانوية، وابنتها المراهقة وابنها البالغ من العمر عشرة أعوام إلى صفوف الدراسة منذ أسابيع، لكن الأزمة في قطاع التعليم في لبنان تركتهم يتسكعون في المنزل. أدى الانهيار المالي في لبنان المستمر منذ ثلاثة أعوام إلى خفض قيمة الليرة بشدة واستنزاف خزائن الدولة، ما دفع 80 في المائة من السكان إلى براثن الفقر وأضر بالخدمات العامة، ومن بينها المياه والكهرباء. كما أدى إلى أن تظل المدارس العامة مغلقة حتى الآن رغم بداية العام الدراسي، إذ نظم المعلمون إضرابا مفتوحا بسبب انخفاض رواتبهم بشدة. كما تخشى إدارات المدارس من عدم تمكنها من تأمين الوقود اللازم للحفاظ على الإضاءة والتدفئة خلال فصل الشتاء. وعلمت كلود قطيش (44 عاما) الأدب الفرنسي في المدارس الحكومية اللبنانية نصف عمرها بالضبط. وقالت لـ"رويترز" من غرفة معيشتها في بلدة دير قوبل، الجبلية المطلة على العاصمة اللبنانية، "مستوى الأستاذ الثانوي من عامين أو ثلاثة كان مقبولا، إذ كنت أتقاضى معاشا مرتفعا أستطيع وضع أولادي في مدارس خاصة، أما في هذه الفترة نشعر بالتقهقر كمعلمي ثانوي. لذا قررت نقل أولادي بكل بساطة على التعليم الرسمي أسوة بالتلاميذ في لبنان". لكن منذ 2019، فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 95 في المائة من قيمتها وزادت التكاليف الأخرى بشكل كبير بعدما رفعت الحكومة الدعم عن الوقود وارتفعت الأسعار العالمية. وكان راتب كلود قطيش الشهري يبلغ في السابق نحو ثلاثة آلاف دولار، لكنها تتقاضى الآن ما يعادل مائة دولار، ما اضطرها إلى التفكير في اتخاذ قرار صعب الصيف الماضي بشأن إما إعادة أبنائها إلى مدارس خاصة باهظة الثمن، أو تحويلهم إلى نظام تعليم عام يصيبه خلاف على الرواتب بالشلل. وبحلول سبتمبر، لم يكن هناك تقدم يذكر في زيادة الرواتب بالنظر إلى خزينة الدولة المستنزفة في لبنان. وفي الوقت نفسه، كانت مدرسة أبناء كلود قطيش الخاصة تطلب دفع أغلب المصروفات الدراسية بالدولار نقدا كي تضمن قدرتها على تحمل تكاليف الوقود الباهظة والاحتياجات المستوردة الأخرى. وقد تصل المصروفات السنوية بذلك إلى 500 دولار للطالب، إضافة إلى 15 مليون ليرة أو نحو 400 دولار. وقالت كلود قطيش "وجدت رقما كبيرا وخياليا، فقررت بثقة نقلهم، وهو قرار ذاتي أخذته ولم أندم أبدا عليه". رغم أن زملاءهم السابقين في الفصل يرتدون زي مدرستهم الخاصة، فليس لدى كلود قطيش وابنيها فكرة واضحة حتى الآن عن موعد عودتهم إلى الدراسة. فوفقا لوزارة التعليم العالي، يعتمد نظام التعليم في لبنان اعتمادا كبيرا منذ فترة طويلة على المدارس الخاصة التي تستقبل نحو 60 في المائة من طلاب الدولة البالغ عددهم 1.25 مليون طالب. ومع ذلك، اضطرت الأسر إلى التحويل بسبب الضغط الذي فرضه عليها الانهيار المالي في لبنان. وقال البنك الدولي: إن نحو 55 ألف طالب انتقلوا من المدارس الخاصة إلى المدارس الحكومية في العام الدراسي 2020 و2021 وحده. أضاف البنك الدولي أن التعليم الحكومي يعاني تاريخيا نقص التمويل مع تخصيص الحكومة له أقل من 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2020، وهو أحد أدنى المعدلات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كما أدت مجموعة من الضغوط على مدى الأعوام القليلة الماضية من تدفق للاجئين السوريين بدءا من 2011 إلى جائحة كوفيد – 19 وانفجار المرفأ الذي دمر بيروت إلى زيادة صعوبة الوضع في المدارس. وقال إدوارد بيجبدير، رئيس منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" في لبنان، إن نحو ثلث الأطفال في لبنان، ومن بينهم الأطفال السوريون، لا يذهبون إلى المدرسة. وتابع "لدينا أرقام مقلقة من زيادة عدد الأطفال الذين يتم توظيفهم في لبنان، إضافة إلى تزويج الفتيات في سن مبكرة". ووجدت دراسة أجرتها "يونيسف" هذا العام أن 38 في المائة من الأسر خفضت نفقاتها التعليمية مقارنة بـ26 في المائة فقط في أبريل 2021. وهذا التوجه يجعل العودة إلى الدراسة أكثر أهمية من أي وقت مضى. ويأمل البعض في إعادة فتح المدارس في أكتوبر رغم أنه لم يكن هناك أي إشارة من الحكومة على ذلك. وقال بيجبدير "هناك نوع من السباق مع الزمن لضمان الافتتاح في الأسبوع الأول من أكتوبر، سنفتتح المدارس بالشكل الصحيح".

مشاركة :