يبدو أن الكتابة عن المستقبل، أفضل بكثير من العودة للماضي بكل أحزانه ومآسيه وخيباته. نعم، قد تكون العودة إلى مراجعة ملفات الأمس مهمة وضرورية وحيوية، ولكنني فضلت أن أجري تعديلاً نوعياً وجذرياً في صياغة وماهية السؤال الذي ختمت به المقال السابق: «ما هي أهم سبعة أحداث وطنية خلال ؟»، ليكون على النحو التالي: ما هي أهم سبعة أحلام وطموحات وتطلعات يحملها المواطن للعام الجديد ؟ الحلم الأول، هو القضاء على الفساد الذي يُشبه حيوان الهيدرا كما جاء في الأساطير الإغريقية القديمة، وهو وحش بجسم ثعبان له عشرة رؤوس مخيفة، وما أن تقطع أحد رؤوسه حتى يظهر له ألف رأس جديد. ظاهرة الفساد هكذا وأكثر، لأنها تسببت ومازالت في تعثر آلاف المشروعات المهمة التي يحتاجها المواطن، وهو السبب الرئيس في استمرار ظاهرة السيول التي تُغرق المدن والإنسان، وهو الذي يتستر على ضعف البنى التحتية التي يفضحها المطر، وهو السبب في موت الأبرياء في حريق مستشفى جازان وسقوط الأطفال في حفر الصرف الصحي والكثير الكثير من مظاهر الفساد الكثيرة والكبيرة. الحلم الثاني، هو إنجاز المعاملات الصغيرة أو الكبيرة التي تهم المواطن البسيط بكل سرعة وسهولة وسلاسة، فلا يُعقل أن تبقى آمال وأحلام وطموحات، بل وضروريات وحاجيات المواطن البسيط مخبأة لفترة طويلة في درج مزدحم بالمعاملات أو معلقة برحمة موظف أو مسؤول لا يعرف بل يعرف خطورة ذلك التأخير على حياة ذلك المواطن. الحلم الثالث، هو إصلاح التعليم الذي هو أساس كل نهضة وتنمية وتقدم في الأمم، لذا حان الوقت وقبل أن يفوت الأوان لأن تتوقف كل تلك التجارب والترقيعات والخيارات التي أفقدت تعليمنا قيمته وفائدته وتأثيره. تعليمنا، بحاجة ماسة لأن يتحول إلى مختبر حقيقي لصناعة المستقبل، لا مجرد شعارات أو شكليات. الحلم الرابع، هو السكن لكل مواطن، لأنه يملك الحق كل الحق في امتلاك قطعة من تراب وطنه الكبير، ليشعر بالأمان والاستقرار والحياة الكريمة لعائلته. الحلم الخامس، هو أن تختفي البطالة أو تقل نسبتها المخيفة وسط شبابنا وشاباتنا، وهذا يتطلب تضافر كل الجهود من قبل الدولة والجهات المعنية والقطاع الخاص ومرونة المجتمع الذي يجب أن تتغير الكثير من عاداته ومزاجه وأولوياته. بلد غني وثري هو حلم الطامحين والطامعين للثراء والفرص من كل العالم، آن له أن يكون كذلك لمواطنيه الأوفياء. الحلم السادس، هو غياب ظاهرة التشدد التي تُمهد لكل المظاهر السلبية الخطيرة كالعنف والإرهاب والإجرام والتكفير والتوحش. التشدد، طاعون مدمر يجب أن يختفي من مناهجنا ومدارسنا وجامعاتنا وملاعبنا ومؤسساتنا الدينية والثقافية والفكرية والإعلامية ومن كل تفاصيل حياتنا. الحلم السابع، وهو حلم كبير بحجم كل طموحاتنا وآمالنا وتطلعاتنا التي تحملها قلوبنا وعقولنا لهذا العام الجديد الذي نستقبله بكل شوق وأمل وثقة، وقد تركته لك عزيزي القارئ، لتكتبه أنت كما تشاء، فما هو الحلم الكبير الذي تتمناه في هذا العام الجديد؟
مشاركة :