كرم التبذير.. متى ينتهي؟ - راشد محمد الفوزان

  • 1/7/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

لا أستطيع حصر المقاطع والفديوهات التي يتم تداولها والخاصة بسلوكيات استهلاك مسيئة ومضرة ومقيتة، وتنتشر على أساس أنها كرم "عربي" وهي أبعد ما يكون، أو مظاهر الغنى أو القدرة أو ما شئت يمكن تسميتها، وهناك موقفان منتشران وتم تداولها واستنكرها الجميع في تقديري، الأول "رجل يظهر يرحب بضيفه من خلال حمل "كيس" من الهيل ويضعه أرضا ثم "يشق" من الوسط لينثر في الأرض والهيل كما هو معروف غالي الثمن، وهذا بعرف من قام به كرم وترحيب بالضيف"، مشهد آخر "شاب يقوم "بكنس" أموال من فئة الخمس مئة أو نحو ذلك، ويجمع بها"، ومقاطع كثيرة لتذبر الطعام وإسراف لا حدود له، حتى تم تأسيس جمعية حفظ النعمة. السؤال هنا ما الذي يحدث؟ بماذا تفسر هذه التصرفات التي لا تنم لا على دين أو عقلانية في التصرف بهذا التبذير وعدم التقدير للمال، مالذي يجعلنا نصل لهذه المرحلة؟! لست متخصصا نفسيا ولا عالم اجتماع أو نفسي لأفسر سلوكيات الناس، وأترك هذا لأهل الاختصاص لبيان مالذي يحدث؛ نفس الشيء يوجد على نطاق أصغر قليلا في وسائل التواصل الاجتماعي سواء الإنستغرام أو سناب شات، تجد كل يصور أكله وشربه وأين يكون وماذا فعل وسيفعل بأسلوب "العرض" فلا فكرة تعرض هنا ولا قيمة مضافة، مجرد "شوفوني" وسباق وكل يلهث وراء أنه "ملفت ومهم وانه غير ومختلف" مالذي يحدث؟ وسباق بين الناس "ولا أعمم" عن هذه السلوكيات الغير ناضجة ولا حميدة، ونحن نعيش فترة اقتصادية تحتاج أن نكون أكثر جدية بسلوكياتنا كمجتمع ونرى الوضع للكثير أنه لا يسمح "ماليا" ليفعل ما يفعل، ولا يعني نبرر لمن معه المال أن يقوم بهذه السلوكيات السيئة والسلبية، وتعبر عن نقص حقيقي، وديننا الإسلامي يأمرنا بالوسيطة والقناعة وتقدير النعمة والمال وقدر ما تحتاج تأكل وتشرب ولا تسرف {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ، فالكرم يكون بعمل الخير والمساعدة للمحتاج سواء كان فقيرا أو مسكينا وقولة تعالى (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) فالمال وديعة عندى الإنسان، فلا ينفق في مظاهر وزيف بلا قيمة أو معنى. قد تجد من يمارس هذه السلوكيات والإسراف والتبذير أول المتذمرين من رفع كهرباء أو ماء أو غيره، وهو لا ينظر لسلوكيات يقوم بها بآلاف الريالات وهي مظاهر متداولة من مقطع، أو غيره، أو كل من يسرف ويتجاوز الحد، ولازلت مؤمنا أن الترشيد والصرف بعقلانية لدى كثير منا، سوف يوفر الكثير من المال لدينا، سولكنا الاستهلاكي في الولائم في السفر في المطاعم وغيرها، غير حميد وغير مقيد، وهذا ما نحتاج أن نعيد النظر به، بسلوكنا الاستهلاكي فتقدير النعمة واجب، ولا أن يقول أحدهم "أريد أن أعيش" نعم لك أن تعيش ولكن بقدر مالديك وتقدير واحترام النعمة والتوازن والبساطة، فقيمتك كشخص لا تقاس بقدر كرمك وإسرافك الذي لا معنى أو قيمة له، بل هؤلاء هم من يفترض أن يكونوا الموجهين للناس والقدوة لهم، لا العكس.

مشاركة :