زادت أمس عزلة أيران ، بعد أن أعلنت دول عربية قطع علاقتها وسحب سفرائها من طهران وذلك علي خلفيه الأعتداء على السفارة السعودية قبل أيام ، لتعلن أمس دولة قطر أنها استدعت سفيرها لدى إيران احتجاجا على الاعتداء على السفارة السعودية بالعاصمة الإيرانية طهران والقنصلية في مشهد، وفقا لبيان صادر عن الخارجية القطرية. كما أعلنت جيبوتي أمس قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران تضامنًا مع السعودية، وأدانت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في جيبوتي في بيان الأعمال العدوانية على السفارة السعودية في العاصمة الإيرانية طهران وقنصليتها في مدينة مشهد، واقتحام السفارة وممارسة التخريب وإضرام النيران في المقار الدبلوماسية. وحملت الوزارة في بيانها إيران مسؤولية «الوفاء بحماية وصون البعثات الدبلوماسية وضمان سلامة أعضائها»، ووصفت الاعتداء بأنه «خرق فادح وانتهاك صارخ للأعراف الدولية ولاتفاقية فيينا الدولية للعلاقات الدبلوماسية»، ودعت السلطات الإيرانية للالتزام بالقواعد والمواثيق الدبلوماسية التي تقضي باحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، معربة عن تقديرها للدور الذي تؤديه السعودية في إرساء السلام ودعم الأمن. كما أكد البيان تضامن جيبوتي التام مع السعودية وتأييدها الكامل لجميع الإجراءات في مواجهة التطرف والإرهاب والحفاظ على أمنها واستقرارها. من جانب آخر، استدعت وزارة الخارجية الأردنية، أمس، السفير الإيراني في عمّان للتأكيد على إدانة الأردن الشديدة ورفضه المطلق لمبدأ الاعتداء والتعرض للبعثات الدبلوماسية والاعتداءات الأخيرة المرفوضة والمستهجنة على السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد، وإحراقها وتدمير ممتلكاتها.. «ما يشكل انتهاكا سافرا للأعراف والاتفاقات الدولية، وتحديدا اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية». وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأردنية في بيان صحافي، أمس، إنه تم التأكيد على موقف الأردن بإدانة التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية للدول العربية، ورفض التصريحات الأخيرة الصادرة عن مسؤولين إيرانيين «التي تعد تدخلا في الشأن الداخلي للسعودية»، وضرورة احترام الأحكام الصادرة عن المؤسسات القضائية في السعودية «التي تمثل شأنا داخليا صرفا»، مؤكدًا دعم الأردن لجهود الحكومة السعودية في محاربة الإرهاب والتطرف. وأضاف أنه تم التشديد أيضا على استنكار تصريحات وممارسات بعض المسؤولين الإيرانيين «التي تؤدي إلى الشحن المذهبي في المنطقة وفي العالم»، في وقت تواجه فيه المنطقة خطر التطرف والعصابات الإرهابية، حيث إن هذا التصعيد «يغذي التطرف ويوفر البيئة الخصبة لانتشاره». وأوضح أنه تم إبلاغ السفير الإيراني بنقل هذا الموقف الأردني المبدئي إلى حكومته فورا. أبدت سلطنة عمان أمس أسفها للهجوم الذي تعرضت له سفارة السعودية وقنصليتها لدى إيران، معتبرة أن هذا العمل غير مقبول. وأكدت السلطنة، في بيان صادر عن وزارة الخارجية، أنها تعتبر هذه العمل غير مقبول، وتؤكد في الوقت ذاته على أهمية إيجاد قواعد جديدة تحرم بأي شكل من الأشكال التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى تحقيقا للاستقرار والسلم. وتربط مسقط بطهران علاقة جوار طيبة. وقام السلطان قابوس بن سعيد، سلطان عمان، بدور وساطة في اتصالات سرية بين الولايات المتحدة وإيران بدأت في مسقط عام 2012، وأدت إلى أول محادثات رسمية بين طهران وواشنطن منذ قيام الجمهورية الإسلامية عام 1979، وهو ما مهد للاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه في يوليو (تموز) الماضي. ولاحظ البيان العماني، الذي وزعته السفارة العمانية في القاهرة، أن الأزمة الحالية لن تكون الأخيرة في سجل تطور العلاقات بين الجانبين على مدار التاريخ. وقال إن العلاقات الخليجية - الإيرانية اتسمت دوما بالتقلب والتأرجح، بين التوتر والصراع الخفي المكتوم تارة، والانفتاح والتقارب تارة أخرى. وبينت مسقط أن «المتابع السياسي لمنحى العلاقات الخليجية الإيرانية عبر أكثر من خمسة وثلاثين عاما يلحظ أن التقلب هو السمة الغالبة لتلك العلاقات، رغم المصالح الاقتصادية القوية». وأشار البيان إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تبنت سياسة ثابتة تجاه إيران، تقوم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وتبادل المصالح وتشارك المنافع، وذلك في محاولة إلى احتواء إيران واستيعابها بما يؤدي إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي وحل أي مشكلات أو أزمات تهدد هذا الاستقرار. وقد كشفت الأزمة الأخيرة بين السعودية وإيران وحدة الموقف الخليجي المتدرج في آلياته، ففي الوقت الذي قطعت فيه البحرين علاقاتها مع إيران، خفضت الإمارات تمثيلها الدبلوماسي، واستدعت الكويت سفيرها من طهران. واعتبرت سلطنة عُمان في بيان للخارجية العُمانية أن ما تعرض له مقر سفارة السعودية في طهران وقنصليتها العامة في مشهد من تخريب من قبل متطرفين إيرانيين يعد مخالفة لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية والمواثيق والأعراف الدولية، التي تؤكد على حرمة المقار الدبلوماسية وحمايتها من قبل الدولة المضيفة. وفي الوقت الذي اعتبرت فيه السلطنة أن هذا العمل غير مقبول، فإنها أكدت على أهمية إيجاد قواعد جديدة تحرم بأي شكل من الأشكال التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وذلك تحقيقا للاستقرار والسلم. وأكدت عمان أن الموقف العُماني من الأزمة بين السعودية وإيران محكوم بثوابت السياسة الخارجية العُمانية على مدى أكثر من خمسة وأربعين عاما.. «ففي الوقت الذي تؤمن فيه السلطنة بأهمية وضرورة الالتزام المتبادل باحترام السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والالتزام كذلك بقواعد القانون الدولي الحاكمة للعلاقات بين الدول، بما في ذلك اتفاقيات فيينا لعام 1961، بما تتضمنه من توفير الحماية للبعثات الدبلوماسية ولمقار تلك البعثات في الدول المختلفة، وغيرها من الاتفاقيات الحاكمة في هذا المجال، وهي قواعد مستقرة في العلاقات والممارسات الدبلوماسية بين الدول المختلفة، حتى في ظروف الخلافات الطارئة أو غيرها.. فإنها تحرص كذلك على إقامة أفضل العلاقات الممكنة مع كل الدول، من دون تقاطع تحت أي ظرف من الظروف، فعلاقاتها مع أي دولة لا توجه، ولا تتداخل أو تتقاطع مع علاقاتها مع أي دولة أخرى، مع ما تحظى به العلاقات مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من أولوية ومكانة عميقة ومستقرة ومتواصلة أيضا، على المستويين الثنائي والجماعي، وذلك بحكم الروابط والوشائج والالتزامات بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية». وفي هذا السياق، سيعقد مجلس التعاون الخليجي اجتماعا استثنائيا في الرياض بعد غد السبت لمناقشة التوترات مع إيران. وقالت مسقط إن الاتجاه الدولي السائد في الأزمة السعودية الإيرانية الآن هو حل الخلافات بالحوار والطرق السلمية، وبما يرسخ مبادئ التعامل الودي وحسن الجوار، وإتاحة الفرصة لتحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة، رغم الإدانات الدولية للمواقف الإيرانية وانتهاكها القوانين الدبلوماسية الدولية. ففي الوقت الذي دعت فيه ألمانيا إلى إصلاح العلاقات، عرضت كل من تركيا وباكستان المساعدة في حل الأزمة، مؤكدتين على أهمية العودة للحوار. وتبقى الدعوة إلى التكاتف الدولي لحل التوتر والخلاف بالطرق الدبلوماسية باعتبارها الأجدى والأنفع، ليس فقط لدول مجلس التعاون الخليجي وفي القلب منها السعودية، وإنما لإيران ولأعضاء الأسرة الدولية، وفقا للأعراف والقوانين الدبلوماسية المنظمة للعلاقات بين الدول.
مشاركة :