أدى تنامي الطلب على الوحدات السكنية في أبوظبي نتيجة للنمو السكاني ونشاط القطاعات الاقتصادية المختلفة إلى ظهور فئة من السماسرة غير المرخصين أو ما يعرف بالسماسرة من الباطن أو سماسرة الظل الذين نشطوا في القطاع بهدف تحقيق مكاسب سريعة، حتى إذا تطلب الأمر القيام بممارسات غير مقبولة. ويقول مستأجرون إن قائمة السماسرة غير المرخصين اتسعت بحيث باتت تشمل عاطلين عن العمل وحراس بنايات وحتى موظفي شركات صيانة. البيان الاقتصادي التقت مستأجرين رووا معاناتهم مع سماسرة الباطن غير المرخصين، وطالبوا دائرة الشؤون البلدية بتحجيم أدوار السماسرة غير الشرعيين، وفتح المجال لشركات الوساطة العقارية مع العمل على خفض نسبة العمولات التي تتقاضاها.. إضافة إلى الإسراع في تطبيق مؤشر الإيجارات الذي يحدد القيمة الإيجارية العادلة لكل وحدة سكنية وفقاً لمساحتها وموقعها، ووضع ضوابط على عملية نشر إعلانات العقارات في المجلات الإعلانية المجانية. سماسرة بالجملة وخلال جولتها الميدانية سأل البيان الاقتصادي المستأجر مجدي إبراهيم (مصري الجنسية)عن السماسرة غير المرخصين فرد بقوله إن عددهم بات كبيراً في سوق أبوظبي رغم أنه ليس لهم أي علاقة بمهنة الوساطة العقارية وغير مرخصين وهدفهم الوحيد هو ابتزاز المستأجر الذي يظل يبحث لأيام وربما شهور عن سكن ملائم له. وأضاف إن بعض هؤلاء قد يكونون أشخاصاً مخالفين بدون إقامات شرعية أو عمالاً هربوا من كفلائهم أو موظفين يبحثون عن زيادة دخلهم الشهري وقد شهدت الفترة الأخيرة دخول النساء إلى هذا النشاط. ويروي مجدي تجربته قائلاًعندما كنت أبحث عن شقة أسكن فيها حاولت الابتعاد عن مكاتب الوساطة العقارية المرخصة لعدة أسباب منها ارتفاع عمولتها والتي تصل لنسبة 5% من القيمة الإيجارية للوحدة السكنية .. إضافة إلى أن غالبية المكاتب توظف سماسرة من الباطن لجذب العملاء إليها، وهي تعرض عليك أسوأ ما لديها وليس الأفضل وهناك علاقات مريبة بين هذه المكاتب والملاك تؤدي إلى رفع القيمة الإيجارية بصورة مبالغ فيها كما إن غالبية المكاتب تأخذرسم مشاهدة للعقاروفي الغالب يتراوح هذا الرسم بين 500 إلى ألف درهم. ويشير إلى أنه اضطر أن يبحث بنفسه عن شقة وأمضى أياماً طويلة يتردد على المباني للسؤال عن شقق شاغرة قبل أن يبدأ البحث في المطبوعات الإعلانية التي تنشر إعلانات الوحدات السكنية المتاحة للإيجار وبالفعل اتصل بأصحاب عدة إعلانات كتبوا فقط أرقام هواتفهم. وفي النهاية تأكد له أن غالبية هؤلاء سماسرة لشركات الوساطة العقارية أو سماسرة من الباطن وقد طلبوا منه رسم مشاهدة قدره 500 درهم. ويشير مجدي إبراهيم إلى أن سماسرة الباطن غير المؤهلين يقومون بدور كبير في انتشار ظاهرتي التأجير من الباطن وتقسيم الفيلات إلى شقق سكنية علماً بأن بلدية أبوظبي تحارب هاتين الظاهرتين بقوة لكنهما ما زالتا متواجدتين. شروط منصفةويعرب هاشم صوالحة (فلسطيني الجنسية) عن أسفه من استمرار وجود فئة السماسرة غير المرخصين في أبوظبي متعجباً من تحصيل هؤلاء السماسرة عمولتهم من المستأجر وهو الطرف الأضعف بدلاً من المؤجر علماً بأن شركة أبوظبي التجاري للعقارات.. والتي تولت مسؤولية غالبية المباني التي كانت تديرها دائرة المباني التجارية في أبوظبي سابقاً لا تتقاضى أية رسوم عمولة من المستأجر كما إنها تحدد القيمة الإيجارية وفق شروط منصفة.ويضيف لاحظت خلال بحثي عن شقة في أبوظبي وجود عدد ضخم من السماسرة وبعضهم غير مرخصين .. كما إن غالبيتهم ينتهجون أسلوباً احتيالياً لتعزيز عمولتهم من خلال رفع إيجار الوحدة السكنية بشكل مبالغ فيه قبل إقناع المستأجر بأنهم سيقنعون المالك بتخفيض القيمة الإيجارية بشرط حصولهم على الحلاوة، وهي تتراوح بين 2-3 آلاف أو أكثر. ويضطر المستأجرون لدفع هذه المبالغ إلا أن البديل يتمثل في التعامل مع مكاتب الوساطة المرخصة التي تتقاضى رسوماً عالية تبلغ 5% خاصة وهي نسبة مرتفعة في حالة الوحدات السكنية التي تزيد قيمتها الإيجارية على 100 ألف درهم. المطبوعات الإعلانية ويقول مروان الشولي (سوري الجنسية) الذي يسكن في شقة في برج قديم في منطقة النادي السياحي، إنه فوجئ منذ شهرين بالشركة التي تدير العقار تخبره برفع القيمة الإيجارية لشقته المكونة من 3 غرف وصالة من 85 ألف درهم إلى 115 ألف درهم دفعة واحدة، ما اضطره إلى تقديم شكوى للجنة فض المنازعات الإيجارية في أبوظبي.. وبدأ رحلة البحث عن شقة جديدة بقيمة إيجارية بين 85 ألف درهم إلى 90 ألف درهم تتناسب مع دخله الشهري وأعباء أبنائه الأربعة الذين يتعلمون في مدارس أبوظبي الخاصة. ويضيف: وجدت في إحدى المطبوعات الإعلانية المجانية إعلاناً يعرض شقة ثلاث غرف وصالة، وبعد الاتصال تأكدت أن المعلن سمسار يعمل من الباطن ودلني على شقة في منطقة الخالدية بقيمة 85 ألف درهم ولما ذهبت لمشاهدة الشقة وجدتها قديمة وبدون صيانة ومكيفاتها قديمة ثم عرض علي شقة أخرى في منطقة النادي السياحي. وكانت أسوأ من سابقتها حيث كانت مستأجرة سابقاً من قبل عزاب وعندما لم تعجبني كل الشقق التي عرضها علي طلب مني ألف درهم درهماً مقابل مجهوده معي، إلا أنني أعطيته 500 درهم. ودعا دائرة الشؤون البلدية إلى حظر أعمال هؤلاء السماسرة علماً بأن عدداً لا بأس به منهم يأتون للدولة عن طريق مكاتب عقارية مرخصة تتركهم يعملون في السوق بدون رقيب مقابل مبالغ يدفعونها لهذه المكاتب، كما لاحظت خلال بحثي عن شقة أن نسبة كبيرة من السماسرة هن من النساء. رفض التعاون التقى البيان الاقتصادي، مع عدد من السماسرة، تعرف إليهم عن طريق المطبوعات الإعلانية. في شارع النجدة التقينا بأول سمسار، حيث عرض إعلاناً للتأجير من المالك، وتبين بعد ذلك أنه سمسار يرتبط بعلاقات مع المالك وقد فوضه بتأجير وحدات برجه السكني. وعندما سألته أين المالك، رد أنا سأتفاوض وعرض الشقة ووجدتها معاكسة للإعلان وبعد المشاهدة قال هل تطمح في شقة جميلة مقابل 60 ألف درهم.وأوضح أن الملاك يرفضون إسناد إدارة بناياتهم إلى شركات وساطة عقارية، لأن هذه الشركات تعمل لصالحها الخاص فقط، وتؤجل إيجارات المباني التي تديرها لضمان تحصيل عمولتها أولاً كما أن غالبية الملاك يتعاطفون مع المستأجرين، ويخفضون الإيجارات. أبوظبي - البيان خداع المستأجرين يروي المستأجر عبد الناصر فاضل معاناته في البحث عن شقة مشيراً إلى أنه سعى لإيجاد شقة من خلال الاستعانة بالمطبوعات الإعلانية، حيث قام بالاتصال بصاحب إعلان تضمن أن تأجير الوحدة يتم من المالك مباشرة، وأن الوحدة عبارة عن غرفة وصالة تمتاز برحابتها ووقوعها ضمن برج راق في شارع النجدة... حيث تم عرضها بسعر 75 ألف درهم وبمجرد اتصالي اتضح لي أن صاحب الإعلان ليس المالك بل قال لي إنه يعمل في المكتب الإداري للمالك.. وأكد أن الشقة ممتازة كما أن المالك لا يأخذ عمولة، ثم قال إنه يتوقع مني أن امنحه ألف درهم لأن الشقة بحسب وصفه لقطة وعندما ذهبت للشقة فوجئت بعكس الإعلان حيث إنها تقع في برج سكني قديم وضيقة ولا تساوي القيمة الإيجارية المطلوبة ولهذا رفضتها. وسطاء: خطر على السوق والمهنة أكد رؤساء ومسؤولو شركات الوساطة العقارية في أبوظبي وجود خطر كبير يمثله سماسرة الباطن غير المرخصين أو ما يعرفون بـسماسرة الظل على القطاع العقاري في أبوظبي ومهنة الوساطة العقارية. وقال خالد علي طاهر مدير شركة نفطة العقارات بروبيرتي يوينت في أبوظبي أن السماسرة يسببون مشكلات كثيرة في السوق لأن غالبيتهم غير متخصصين وهم في الغالب أشخاص مخالفون للإقامة أو موظفو شركات حكومية أو خاصة أو بنوك يدعون ضعف رواتبهم ويبحثون عن زيادة دخلهم من السمسرة. ويشير إلى أن مشكلات المكاتب المرخصة مع هؤلاء السماسرة لاتعد ولا تحصى موضحاً أنهم يتسببون في تقليص ثقة المســــتأجرين والعملاء بالمكاتب المرخصة. أما طاهر رضا مدير شركة أفاندا للوساطة العقارية فيذكر أن هؤلاء السماسرة يسيئون إلى سمعة البلاد، خاصة لدى الأجانب مشيراً إلى أنه تقابل مع أجانب كثيرين كانت لديهم شكاوى كثيرة من سماسرة من الباطن، آسيويون يعرضون عليهم استئجار وحدات سكنية ضمن فيلات مقسمة بقيم إيجارية تقل عن خمسين ألف درهم مع تحمل المالك لفاتورة الكهرباء والمياه.. ونظراً لأنه لم يكن لدى غالبيتهم دراية بقوانين بلدية أبوظبي التي تحظر الفيلات المقسمة، فقد استأجروا مثل هذه الوحدات ليتم إخلؤهم منها بعد فترات زمنية قصيرة علماً بأن المستأجرين الأجانب يطلبون في مثل هذه الحالات عقوداً موثقة لمثل هذه الوحدات السكنية إلا أن السماسرة يرفضون لاستحالة إعطاء أكثر من مستأجر عقداً موثقاً لفيلا واحدة. المطبوعات المجانية ويؤكد إسلام ورد المدير الإداري بشركة سكاي لاين للوساطة العقارية في أبوظبي أن أسباب انتشار ظاهرة سماسرة الباطن تشمل إمكانية وصولهم لقاعدة واسعة من المستأجرين المحتملين من خلال المطبوعات الإعلانية المجانية. ويضيف إن سماسرة الباطن في أبوظبي إما هم عاطلون عن العمل أو قادمون جدد للدولة أو أشخاص تم إنهاء خدماتهم من جهات عملهم أو موظفون رواتبهم محدودة أو حراس بنايات أو نساء عاطلات أو باعة جائلون وللأسف فإنهم ينصبون على المستأجرين بهدف الحصول على أية مبالغ. ويشير إلى أن بعض الملاك يساهمون في انتشار ظاهرة سماسرة الباطن من خلال رفضهم اسناد عملية تأجير أبراجهم السكنية لشركات الوساطة أملاً في الحصول على إيجارات أعلى وتأجير وحداتهم السكنية بشكل أسرع.. كما أن غالبيتهم يستغلون حراس أبراجهم في تأجير الشقق. ويرى إسلام ورد أن نسبة العمولة التي حددتها البلدية لشركة الوساطة وهي 5% من قيمة العقد ليست كبيرة.. مشيراً إلى أنها لا تزيد عن 3500 درهم في حالة إيجار وحدة سكنية بقيمة سبعين ألف درهم علماً بأن مصاريف المكاتب مرتفعة للغاية فهي تشمل إيجار مكتب الوساطة والموظفين والعمال المتواجدين فيه إضافة إلى رسوم الرخصة ومصاريف نثريات أخرى. حراس البنايات ويرى أحد السماسرة من الباطن أن غالبية السماسرة لا يأخذون حالياً رسم مشاهدة من المستأجر وذلك على الرغم من أن هذا المبلغ من حق السمسار لأنه يتعب كثيراً مع المستأجر. وحتى عندما يوافق المستأجر على استئجار الوحدة السكنية فإن عمولة الوسيط تبلغ ألف أو ألفي درهم فقـــط ويتعين تبعاً لذلك النظر إلى السماسرة نظرة شفقة لأن غالبيتهم بلا عمل فمنهم موظفون تم إنهاء خدماتهم ولديهم أبناء في المدارس ومنهم مسؤولون وعمال صيانة في شركات.. كما أن منهم حراس بنايات سكنية أجورهم قليلة وبكل تأكيد فإنهم يسعون لتحصيل بعض الدخول خاصة أن هذا العمل لا يحتاج إلى تخصص، بل المهم أن تكون لك علاقة طيبة مع الملاك. واختتم السمسار بالقول: لا يغالي هؤلاء السماسرة بعمولاتهم مثل شركات الوساطة ويقدمون العقار المناسب لكل مستأجر، مؤكداً بأنهم لن يختفوا من السوق طالما هناك مستأجرون رواتبهم محدودة ويرغبون في دفع القليل من المال للسكن. 1500 أحد السماسرة الذين التقى معهم البيان الاقتصادي، تبين أنه يعمل مندوباً لشركة وساطة عقارية، وأخفى في البداية حقيقة عمله في الشركة، وذكر أن عمولته في حالة الاتفاق هي 1500 درهم نظير تأجير شقة مكونة من غرفة وصالة في معسكر آل نهيان بقيمة إيجارية قدرها سبعون ألفاً شاملة الكهرباء والمياه. وأوضح أن أحوال السوق ليست جيدة، وبالكاد ينجح في إبرام عقد أو اثنين كل أسبوع.
مشاركة :