للحديث عن العنصر الثالث في مسألة الديناميكية الاقتصادية في بريطانيا، فهو زيادة الاقتراض الخارجي. عندما يصل إنتاج بلد ما إلى طاقته الكاملة، يظل من الممكن ارتفاع استهلاكه الإجمالي من خلال الواردات، لكن هذه يجب دفع ثمنها عن طريق الاقتراض الأجنبي، وهو بالفعل مرتفع للغاية في الولايات المتحدة وشديد الارتفاع في المملكة المتحدة. ولأن هذا الاقتراض الأجنبي يجب أن يسدد في النهاية، فإن السياسات التي تتسبب في زيادته تساعد الناس فعليا في الوقت الحاضر على حساب الناس في المستقبل. يتمثل المكون الأخير في ضغط الإنفاق المالي. إن التخفيضات الضريبية أو زيادة الفوائد اليوم من المحتم أن تلغى في المستقبل. ورغم أن الحكومة لا تحتاج إلى ضبط موازنتها كل عام، فإنها تحتاج إلى ضمان عدم انفجار ديونها بمرور الوقت. وأي مزايا مالية تقدمها اليوم يجب أن تقترن في النهاية بتخفيضات متساوية وعكسية في المستقبل. في بعض الأحيان قد يكون هذا المستقبل بعيدا، لكن في أحيان أخرى يكون أقرب مما يتصور الناس. على سبيل المثال، تدرس المملكة المتحدة بالفعل إلغاء أو تقليص تعديلات تكلفة المعيشة للمزايا الحكومية، بسبب المخاوف بشأن عجزها المتزايد وديونها الخارجية. الدرس المستفاد من هذه الحسابات هو أن تقييم السياسات من غير الممكن أن يتأتى ببساطة بمجرد النظر إلى من يحصل على المال. تشتمل القصة على جانب آخر، الذي يتعلق بمن يدفع ـ إما من خلال أسعار أعلى، وإما أسعار فائدة أعلى، أو ضرائب أعلى، أو أقساط ديون خارجية في المستقبل، أو فوائد ومزايا مخفضة. في حالة خطة تراس الأصلية، كان المطلوب من 95 في المائة من البريطانيين، هم الأقل دخلا، دفع تكاليف التخفيضات الضريبية التي يستفيد منها أعلى 1 في المائة دخلا. لكن حتى في الحالات الأقل تطرفا، فإن وضع من الذي سيدفع في الحسبان من الممكن أن يمنح صناع السياسات منظورا لا يقدر بثمن. في كثير من الأحيان، لن تظل محاولة جذابة ظاهريا لمساعدة مجموعة بعينها على القدر ذاته من الجاذبية بمجرد وضع الكيفية التي ستؤثر بها على آخرين في الحسبان. هذا لا يعني أن الحكومة عاجزة عن مساعدة الناس في أوقات الشدة. الواقع أن عديدا من هذه التكاليف غير المباشرة يمكن تجنبها إذا أفضت زيادة الإنفاق الحكومي أو التخفيضات الضريبية أيضا إلى ناتج أعلى، كما يمكن أن يحدث مع التحفيز المالي في اقتصاد كاسد أو مع استثمارات ممتازة التصميم. علاوة على ذلك، قد يأتي تقديم المساعدة الموجهة إلى الفئات الأكثر ضعفا مصحوبا بتكاليف غير مباشرة يتحملها آخرون، لكن إذا كان هذا العبء موزعا على نطاق واسع وصغيرا بالدرجة الكافية، فستظل الفوائد المترتبة على ذلك تستحق العناء. وفي بعض الأحيان، في التعامل مع صدمة مؤقتة، مثل الارتفاع الحاد في تكاليف الكهرباء في أوروبا بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، يكون من المنطقي مساعدة الأشخاص الذين يعانون اليوم على حساب الناس في المستقبل. لكن من الأهمية بمكان أن نتوخى الحذر في مثل هذه الحالات. الواقع أن صناع السياسات من الممكن أن يسدوا أنفسهم صنيعا من خلال التأكد من أنهم لا يندفعون إلى مساعدة بعض الفئات دون إعطاء وزن متساو ورعاية متساوية لكل من ستنتهي بهم الحال إلى تحمل التكلفة. تعلمت تراس هذا الدرس للتو، لكن بالطريقة الصعبة. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2022.
مشاركة :