أظهرت بيانات التحليل للدراسة العلاقة بين الطلب وحجم الشركة، حيث يزداد تأثير الطلب العام على الابتكار كلما كان حجم الشركة أصغر. ما يدل على الدور الذي تلعبه المشتريات العامة في تحفيز الابتكار بين الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تشكل 88 في المائة من مجموع الشركات في الإمارة. أما الشركات الكبرى فتمتلك القدرة على توليد أنظمة مبتكرة خاصة بها، وعادة ما تكون أقل تأثرا بالسياسات ذات الصلة. فالطلب العام بإمكانه النهوض بالشركات المحلية الناشئة. العقود الحكومية تحفز الابتكار أنفقت حكومة أبوظبي في 2016 ما يقارب 6.5 مليار دولار على البضائع والخدمات وحدها، وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي. فيما بلغت النفقات الأخرى غير المحددة على مشاريع التنمية نحو 40 مليار دولار. ويمكن لسياسات المشتريات العامة الموجهة نحو الابتكار الاستفادة من تلك الأموال لتمكين الإمارة من التحول إلى اقتصاد المعرفة بشكل أسرع. وبذلك تكون سياسة المشتريات العامة ذات شقين: أولا، قد تكون ملزمة لأي مزود خدمة أو منتج بالاستعانة بالموارد المحلية الموجودة، وهو مفهوم يعرف بالمحتوى المحلي. وغالبا ما يشار إلى النرويج كحالة نموذجية للدراسة: فعندما انتعشت شركات الأوفشور "الشركات العاملة خارج أراضيها" في السبعينيات، طورت النرويج قطاع خدمات الطاقة الضخم محليا، من خلال مطالبة الحكومة وشركات النفط الدولية بإعطاء أفضلية للمنتجات والخدمات النرويجية "بشرط أن تكون المنافسة قائمة على أساس معايير معينة". ثانيا، تستطيع الحكومة دفع الابتكار من خلال وضع مواصفات تكنولوجية عالية لمشاريعها. وبذلك تستطيع تحفيز اللاعبين المحليين والدوليين على تطوير تكنولوجيات جديدة، كون ذلك يعد شرطا أساسيا للحصول على عقود حكومية مربحة. ويساعد الشركات المترددة من الاستثمار في البحث والتطوير، خاصة الصغيرة منها، على اتخاذ القرار المناسب. لا تتضمن معايير المشتريات في أبوظبي حاليا أية عناصر مدفوعة بالابتكار. ويعني ذلك أنه ينبغي للموردين تقديم سعر منخفض في معظم الأحيان لضمان فرصة الفوز بالعقد. ويعد ذلك بمنزلة فرصة ضائعة. شراكة واضحة أظهر باحثون من النمسا وهولندا أن قيام الحكومات باستخدام قوتها الشرائية في دفع الابتكار ليس كافيا. بل ينبغي أن تكون أيضا محددة المطالب، وأن توضح ما تريده بشكل دقيق. على سبيل المثال، قد يكون استخدام تكنولوجيا لا تصدر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أمرا مطلوبا في منشآت الطاقة "يجدر عدم الإشارة إليها بأنها تكنولوجيا ذات كفاءة عالية". فالمتطلبات المحددة يجب أن تحدد أهدافا فعلية وألا تترك مجالا للالتباس. وفي نهاية المطاف، تعد الحكومة الشريك الرئيس للابتكار في القطاع الخاص. فطبيعة العمل مع الحكومات تحتاج إلى فهم عميق، لكن لم تبدِ كليات إدارة الأعمال اهتماما بذلك في معظم الأحيان. ويبقى هناك استثناء جدير بالملاحظة، فكلية إنسياد أدخلت السياسة العامة ضمن برنامجها الرئيس "الأعمال في المجتمع"، الذي يدخل ضمن منهجها الجديد في ماجستير إدارة الأعمال. تسعى الحكومات بشكل تقليدي إلى تهيئة الظروف أمام القطاع الخاص باعتباره مزودا للابتكار. وفي ظل تحول العالم نحو اقتصاد المعرفة، قد يكون الوقت قد حان لتضع أغلب الحكومات قواعد اللعبة من خلال لعب دور محوري على الطلب في طرفي المعادلة.
مشاركة :