لا تشير المعطيات السياسية في لبنان إلى خرق قد تسجله الجلسة الرابعة لانتخاب رئيس الجمهورية الرابعة، اليوم (الاثنين)، في وقت استمرت فيه الدعوات الرافضة للفراغ من، دون أن يطرأ أي تبدّل على مواقف الأطراف. وجدد رئيس حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، دعوته النواب المعارضين، للتوافق وانتخاب النائب المرشح، ميشال معوض، معتبراً أنهم أمام خيارين، هما انتخابه أو الفراغ الرئاسي الذي قال إن فريق «حزب الله» وحلفاءه يريده. وقال جعجع خلال لقائه وفداً من طلاب «القوات اللبنانية» في الجامعة اليسوعية: «أطرف ما في الانتخابات الرئاسية أن جميع الكتل والنواب يدّعون أنهم لا يقبلون الفراغ، ويشددون على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، في حين أن ما يقومون به لا ينطبق أبداً مع ادعاءاتهم»، مشيراً إلى أنه لم يتمكن حتى اللحظة من «فهم شعار (من خارج الاصطفافات). لا أدري من أين أتى هذا الطرح؟ لأنه بمثابة كلام حق يُراد به باطل، باعتبار أن الآراء المختلفة هي التي تؤدي إلى الاصطفافات، لأن الناس لا تُولَد في اصطفاف معين». وأضاف: «هناك مشروعان في البلاد، وانطلاقاً من كل مشروع أتى هذا الاصطفاف، وكلما طُرح رأي في البلاد يصطف البعض حوله، وآخرون يصطفون حول رأي مغاير، وهذا أمر طبيعي. ما يعني أن الرئيس من خارج الاصطفافات هو شخص لا رأي له في أي مسألة مطروحة على طاولة البحث في البلاد؛ فكيف له أن يكون من خارج الاصطفافات؟ فطبيعة الأمور هي إما أن تؤيد أو تعارض أي رأي أو مشروع أو فكرة تطرح بحسب قناعاتك». وجدد دعوة النواب الـ22 (نواب «التغيير» و«تكتل الاعتدال الوطني») إلى «العودة إلى ضميرهم، والتفكير ملياً وعملياً بما يجب عليهم القيام به». وقال: «علينا أن نتصرف بالخيار العملي الموجود بين أيدينا، وهنا أطرح سؤالاً أساسياً على هؤلاء النواب: ما الخيار الأفضل؛ الفراغ الرئاسي أم ميشال معوض؟ وإذا ما كانوا يعتبرون أن الخيار الأول هو الأفضل، عندها تكون قد اختلفت كل المقاييس بغض النظر عن تقييمهم للنائب ميشال معوض». وتحدث جعجع عما يقوم به فريق «حزب الله» وحلفاؤه قائلاً: «فريق الممانعة يدعي أنه لا يريد الوصول إلى الفراغ، في حين أن نوابه ينسحبون قبل الدورة الثانية من كل جلسة انتخابات. الأمر الذي يفقد الجلسة نصابها؛ فكيف لهذا الفريق أن يكون ضد الفراغ ويعمد إلى تعطيل الانتخابات؟ كان الحري بـ(حزب الله) و(التيار الوطني الحر) وباقي أفرقاء هذا الفريق مصارحة الجميع بأنهم كفريق يطمحون في الوقت الراهن إلى الفراغ الرئاسي، لأنهم لم يجدوا بعد مرشحاً يجمعون على انتخابه، ومن الممكن أن يؤمنوا له 65 صوتاً، لكانوا عندها أصدق مع الناس وأنفسهم وقواعدهم ومَن أعطوهم أصواتهم». ورأى أن «الجماعات التي لا تنضوي تحت لواء محور الممانعة، يلبي نوابها الدعوة، ويشاركون في جميع الجلسات، ولا يساهمون بتعطيل النصاب بشكل مباشر، إلا أن البعض من بينهم يساهمون بوصول الفراغ الرئاسي بشكل غير مباشر، والأمر سيان في كلتا الحالتين، لأن النتيجة هي أننا وصلنا إلى الفراغ الرئاسي». ورد النائب في «الاعتدال الوطني»، سجيع عطية، على جعجع، قائلاً في حديث تلفزيوني: «فليسمح لنا جعجع؛ فهو لا يمكنه أن يضعنا أمام معادلة إما معوض وإما الفراغ»، معتبراً أن «وصول الأخير إلى الرئاسة شبه مستحيل إذا بقي الانقسام على حاله»، وأضاف: «أعتقد أن عضوين من تكتلنا منحا صوتيهما بالجلسة السابقة لمعوض، وقد يزيد عدد الأصوات المؤيدة له». في المقابل، وفي حين لم يعلن حتى الآن فريق «حزب الله» وحلفاؤه عن اسم مرشح لهم، قال النائب في «حركة أمل»، التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري: «لا نقول إننا نريد رئيساً مقاوماً، بل نريد رئيساً يحرص على حدود الوطن ويحمي لبنان، ويحافظ على السلم الأهلي، ولا يسعى للانقسامات». وأضاف: «لبنان يرزح تحت أزمة اقتصادية خانقة لم تمر على لبنان منذ عهد الاستقلال إلى الآن. قبل أن تبحثوا عن مكاسبكم ابحثوا عن مصلحة المواطن، وهنا نسأل: مَن يبحث عن الوحدة الوطنية الداخلية للساسة في هذا البلد؟». وأكد أن «إنقاذ هذا البلد يكون بانتخاب رئيس توافقي، لأن رئيس التحدي سينتج مشكلات جديدة في بلدنا، وتبقى الأزمة. الحل يبدأ بانتخاب رئيس يتفق عليه الجميع، لا سيادة فيه ولا سيطرة لفريق على آخر، ويكون عنوانه حماية لبنان». بدوره، دعا المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان إلى تسوية رئاسية تاريخية، وقال: «البلد بمأزق سرطاني، وتفريغ المؤسسات الدستورية انتحار، وانتخاب رئيس جمهورية ضامن للمصالح الوطنية ضرورة إنقاذية للبنان، والحل يجب أن يكون عبر مطبخ المجلس النيابي، والبلد لا يحتمل كتلاً نيابية صماء». وقال: «لبنان في مأزق تاريخي، ويحتاج إلى خيارات نيابية تاريخية، والوقوف بنصف الطريق انتحار، وهنا أقول: البلد بظروفه الحالية يكفيه (الطائف)، ولا يحتاج إلى (طائف) جديد، كما لا يتحمل مؤتمرات تشاورية ومطابخ دولية ووصفات مسمومة جديدة، وترك البلد بلا رئيس مغامرة كبيرة». وناشد قادة الأحزاب الكبيرة في لبنان قائلاً: «مصير لبنان بأيديكم، والكارثة التي تطحن لبنان أمام أعينكم، والبلد طوائف وعيش مشترك، ورئيس الجمهورية المسيحي يجب أن يكون مسلماً بمقدار ما هو مسيحي، ورئيس الجمهورية والمصالح الوطنية وجهان لعملة واحدة، والتسوية الرئاسية ضرورة تاريخية بحجم ضرورة لبنان».
مشاركة :