قضية الأحوازيين - د. عبد الله بن إبراهيم العسكر

  • 1/13/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يعد السبب الأصلي لاحتلال إيران لهذه المنطقة الأهواز أو عربستان أو خوزستان إلى كونها غنية بالموارد الطبيعية (النفط والغاز) والأراضي الزراعية الخصبة حيث بها أحد أكبر أنهار المنطقة وهو نهر كارون مع تردي العلاقات العربية - الإيرانية برزت في الإعلام العربي قضية حقوق العرب في إيران، خصوصا في الإمارة العربية: الأحواز. وهذه المسألة لم ولن تحظى بما تستحق من عناية وتناول الحكومات العربية والسياسيين والباحثين والإعلاميين، طالما أن ذكرها يأتي ردود فعل، تختفي بانتهاء الفعل. وقد رأيت أن أقول كلمة للتاريخ ولحق هذا الشعب العربي الأبي، الذي عانى عقودًا من الظلم والنسيان. يقع إقليم الأحواز شرق الخليج العربي تجاه البر الفارسي، وهو يمتد من عبادان جنوبا حتى يلامس الحدود العراقية، وهو في الشمال أوسع منه في الجنوب. ويخترق الإقليم نهر الكارون، وأهم مدينة في تلك المنطقة هي مدينة الأحواز. عَرفت الأحواز بعدة أسماء منها: خوزستان (بلاد القلاع) الذي أطلقته الفرس عليها خلال العصر الساساني، ثم اسم الأهواز أطلقه العرب عليها خلال الفتوح الإسلامية. وفي العهد الصفوي سماها الفرس: "عربستان" أي القطر العربي أو أرض العرب. وعُرفت في عهد رضا شاه باسم خوزستان، عندما تمكن من ضم إقليم الأحواز إلى إيران عام 1925 ظل إقليم الأهواز منذ عام 637 إلى 1258 تحت حكم الخلافة الإسلامية تابعاً لولاية البصرة، إلى أيام الغزو المغولي. ثم نشأت الدولة المشعشعية العربية (1436-1724) واعترفت الدولتان الصفوية والعثمانية باستقلالها. ثم نشأت الدولة الكعبية (1724-1925) وحافظت على استقلالها كذلك. وبعد تأهيل نهر كارون وإعادة فتحه للتجارة وإنشاء خطوط سكك حديدية، ما جعل مدينة الأهواز مرة أخرى تصبح نقطة تقاطع تجاري. وبين عامي 1897 و1925 حكمها الشيخ خزعل الكعبي. باتت بريطانيا تخشى من قوة الدولة الكعبية، فاتفقت مع إيران على إقصاء أَمير عربستان وضم الإقليم إلى إيران؛ حيث منح البريطانيون الإمارة الغنية بالنفط إلى إيران بعد اعتقال الأمير خزعل على ظهر طراد بريطاني. أصبحت الأهواز وعاصمتها المحمرة محل نزاع إقليمي بين العراق وإيران وأدى اكتشاف النفط في الأهواز، وعلى الأخص في مدينة عبادان الواقعة على الخليج العربي مطلع القرن العشرين إلى تنافس القوى للسيطرة عليها، ولا يزال النزاع قائماً على الأهواز بعد استقلال العراق، حيث دخلت الحكومات العراقية المتلاحقة في مفاوضات حول الإقليم وعقدت الاتفاقيات بهذا الصدد منها: اتفاقية 1937 ومفاوضات عام 1969 واتفاقية الجزائر عام 1975 بين شاه إيران محمد رضا بهلوي، ونائب الرئيس العراقي صدام حسين. ويعد السبب الأصلي لاحتلال إيران لهذه المنطقة الأهواز أو عربستان أو خوزستان إلى كونها غنية بالموارد الطبيعية (النفط والغاز) والأراضي الزراعية الخصبة حيث بها أحد أكبر أنهار المنطقة وهو نهر كارون، الذي يسقي سهلاً زراعياً خصباً تقع فيه مدينة الأهواز. فمنطقة الأهواز هي المنتج الرئيسي لمحاصيل مثل: السكر والذرة والقمح. تساهم الموارد المتواجدة في هذه المنطقة (الأهواز) بحوالي نصف الناتج القومي الصافي لإيران وأكثر من 80% من قيمة الصادرات في إيران. وهناك قول معروف للرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي يقول فيه "إيران با خوزستان زنده است" ومعناه: إيران تحيا بخوزستان. ويعتقد كثيرون أن إقليم الأحواز بعد أن سقط بيد الإيرانيين لم يبد سكانه أي مقاومة. إلاّ أن الحقيقة كانت غير ذلك تمامًا. فقد قامت الثورات في مواجهة المحتل الإيراني الذي مارس سياسة الأرض المحروقة، التي كان يتبعها الاستعمار في ذلك الوقت، فقام المحتل الإيراني بتدمير القرى والمدن العربية، وإعدام الشباب الأحوازي دون أي محاكمة، أو فرصة للدفاع عن أنفسهم، من أجل إرهاب باقي الأهالي. وحتى الآثار لم تسلم مدن الأحواز من التدمير والتخريب من أجل طمس هوية الأحواز العربية، وإنهاء ارتباطها التاريخي بعروبتها وربطها بالتاريخ الفارسي. عمدت حكومات إيران المتعاقبة إلى تزوير التاريخ والادعاء بحقها بالأحواز، وغيرّت اسمها إلى الأهواز، كما قامت بتغيير أسماء المدن العربية إلى أسماء فارسية: فالمحمرة العاصمة التاريخية للأحواز سموها خرمشهر، وعبادان إلى آبادان، والحوزة إلى الهويزة، حتى الأحواز تم تسميتها بخوزستان، كل ذلك ضمن سياسة التفريس المتبعة. ولم تسلم الأسماء العربية الشخصية من التفريس، فكل الأسماء العربية تم تحويلها إلى أسماء فارسية، ولم يعد من حق أي أسرة عربية أن تسمي أولادها إلاّ بأسماء فارسية، ومن يرفض ذلك لا يصدر له إثبات شخصية، ولا يتم الاعتراف به. ولم تكتف الحكومات الإيرانية بذلك بل سعت وهجّرت بعض القبائل العربية المقيمة في الأحواز إلى مناطق الشمال الإيراني، واستجلاب سكان تلك المناطق إلى الأحواز وإسكانهم فيها، كما مارست سياسة التجويع للشباب الأحوازي نتيجة انعدام فرص العمل، ومن أجل إجباره على الهجرة نحو الداخل الإيراني، وبالتالي يتم إبعادهم عن وطنهم وأهلهم وانتمائهم ولصقهم بمناطق جديدة بعادات وأعراف أخرى، أو الهجرة خارج الإقليم، وفقدهم لهويتهم العربية من خلال ارتباطهم بمعيشتهم وهمومهم الخاصة. aalaskar53@yahoo.com

مشاركة :