أفول التعافي العالمي «2 من 2»

  • 10/29/2022
  • 23:21
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

سيعمل الطلب الضعيف في مختلف أنحاء العالم والظروف المالية الأكثر إحكاما على زيادة الضغوط المفروضة على الاقتصادات النامية، التي تعاني عجزا في الحساب الجاري. لكن باستثناء حالات قليلة، مثل: تركيا، سريلانكا، وفنزويلا ـ حيث عجل تفشي سوء الإدارة الاقتصادية بانهيار العملة ـ لا يبدو أن أغلب الاقتصادات الناشئة تتجه نحو أزمة ميزان المدفوعات. مع ذلك، تواجه الصين مجموعة كبيرة من المشكلات الناتجة عن التزام الحكومة الصارم بسياسة خفض الإصابات بكوفيد - 19 إلى الصفر، فضلا عن قطاع العقارات المتعثر، والضغوط غير المحتملة التي يفرضها النظام المالي. ورغم أن التضخم لا يزال تحت السيطرة، فقد تسبب انخفاض قيمة الرنمينبي مقابل الدولار الأمريكي في الحد من قدرة بنك الشعب الصيني على خفض أسعار الفائدة. نفذت الحكومة وبنك الشعب الصيني عديدا من تدابير التحفيز المالي والنقدي، لكنها خلفت تأثيرا محدودا في الاستهلاك الشخصي والاستثمار. من المرجح أيضا أن يكون نمو الصادرات مقيدا بسبب ضعف الطلب العالمي. من ناحية أخرى، يظل اقتصاد الهند يشكل نقطة مضيئة. فمن المرجح أن تسجل الهند نموا قويا هذا العام وفي 2023 مع ارتفاع الصادرات بسبب انخفاض قيمة الروبية والتأثيرات المفيدة المترتبة على الإصلاحات التي جرى تنفيذها في الأعوام الأخيرة. لكن كفاح بنك الاحتياطي الهندي المتواصل لكبح جماح التضخم كان عاملا مقيدا. في الوقت ذاته، تضرر الاقتصاد الروسي بفعل العقوبات الاقتصادية والمالية، التي فرضتها القوى الغربية منذ غزت روسيا أوكرانيا، رغم أن ارتفاع عائدات التصدير وضعف الواردات عملا على تخفيف الضربة من خلال تعزيز قوة الروبل. وكان أداء عملات أمريكا اللاتينية طيبا بدرجة مدهشة هذا العام، لكن البرازيل وعديدا من الدول الأخرى في المنطقة تواجه بيئة سياسية عصيبة، ما قد يؤدي إلى إضعاف الطلب المحلي والنمو، ودفع المستثمرين الأجانب إلى الفرار، وتفاقم حالة عدم الاستقرار الاقتصادي. لم تعد الحكومات والبنوك المركزية تتمتع بترف السعي إلى تحقيق هدف استقرار النمو والتعويض عن الصدمات السلبية بالاستعانة بالحوافز المالية والنقدية غير المقيدة. في أقل تقدير، يتعين على الحكومات أن تتجنب التدابير المالية الرديئة التوجيه، وغير ذلك من السياسات الشعبوية غير المفيدة، وأن تبذل قصارى جهدها للتغلب على اختناقات العرض، وأن تدعم البنوك المركزية في سعيها الحثيث إلى استعادة استقرار الأسعار. الواقع أن أي استجابة سياسية غير فعالة من شأنها أن تعرض للخطر أولئك الأشد تضررا من زيادات أسعار الغذاء والطاقة: الاقتصادات الأكثر فقرا في العالم والأسر الأشد فقرا في كل دولة. مع توافر حيز ضئيل للمناورة، يتعين على صناع السياسات أن يعكفوا على تنسيق تدابير مالية ونقدية للتخفيف من الضغوط التضخمية في الأمد القريب، والتركيز على الإصلاحات الكفيلة بتحسين النمو في الأمد البعيد. إضافة إلى تخفيف القيود المرتبطة بالمعروض من العمالة، والقيود التجارية، يتعين عليهم أن يعملوا على صنع الحوافز للاستثمار في التكنولوجيات الخضراء، وغير ذلك من أشكال البنية الأساسية. هذه التدابير شديدة الأهمية لدعم طلب القطاع الخاص والثقة بالأمد القريب وإعادة تثبيت توقعات التضخم. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2022.

مشاركة :