في المعاني اللانهائية / التفاهة

  • 11/1/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بودي أولاً أن أشير إلى علامتين مضيئتين، كانتا سبباً في تفكيري في موضوع التفاهة: الإشارة الأولى رواية للكاتب التشيكي ميلان كونديرا، بعنوان «حفلة التفاهة»، وهي رواية من النوع القصير، الذي يعرف بالنوفيلا، والإشارة الثانية كتاب في غاية الأهمية للفيلسوف الكندي آلان دونو، بعنوان «نظام التفاهة»، حيث شكل مفهوم التفاهة الموضوع الرئيس للكتاب، والذي يعني كما حاول الكاتب شرحه ونحته: كل ما ومن هو ناقص الأصالة والكفاءة والقيمة.ولقد أثار الكتاب منذ صدوره الكثير من النقاشات، كونه يتناول موضوعاً ماساً بحياة واهتمامات الجميع، فمن ذا لم يتساءل يوماً إزاء ترقي زميل متوسط النباهة والأداء: لماذا تم اختياره هو تحديداً للترقية؟ كما أن الكتاب يتناول أسئلة القيم وسيادة السطحية بين الكثيرين، وحالة الرداءة السائدة في إنتاج الأشياء وإنتاج الأفكار معاً! هناك ميل شديد للرداءة، وابتعاد عن الجدية والصرامة، وهناك تخلٍ متقصد عن شروط الجودة ورفعة الذوق، التي كانت تصف معظم الأداءات الإنسانية فيما سبق، في إنتاج الفن والسينما والسيارات والأزياء، والمسلسلات التلفزيونية، والفلسفات الفكرية، وصولاً لأنماط ارتداء الثياب، والتعاملات بين الناس في الشارع وفي الأسواق والمقاهي، لقد أصبحت الأمور وكأنها خارج التقييم، أو كأنها لم تخضع لشروط دقيقة قبل السماح بممارستها أمام الناس! يحدث ذلك وأكثر في كل مكان في العالم للأسف، حتى صار الإقدام على أي فعل أو فكر رديء محل ترحيب أو عدم استنكار، بينما أصبحت ممارسة القيم وبروز شخص ذي كفاءة عالية أمراً مستغرباً، كما صار أداء العمل بجودة والتفكير بجدية اتهاماً بالتشدد والمبالغة! فهل يعيش العالم عصر انخفاض المعايير والقبول بالمستويات المتوسطة من الأداء والمنتجات والموظفين، مترجمة الكتاب تؤكد في مقدمته أن البشرية تعيش في مرحلة تاريخية، تشهد صعوداً غريباً لقواعد، تتصف بالرداءة والانحطاط، وإبعاد أهل الكفاءة والكفاية في مقابل بروز نجم من لا كفاءة لهم وأن الواقع يشهد على ذلك بوضوح. طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

مشاركة :