التضخم الحالي في الولايات المتحدة هو الذي سيخسر الرئيس بايدن والحزب الديموقراطي الكونغريس الاميريكي إذا صدقت استطلاعات الرأي حول الانتخابات النصفية التي تجري اليوم. فبقى الرئيس بايدن طيلة هذه السنة يتجاهل هذا الواقع حتى مؤخرا. وعندما اعترف به ألقى المسوؤلية على الكورونا وعلى حرب بوتين في أوكرانيا وعلى الشركات النفطية التي رفعت أسعار البنزين . فالجمهوريين وجدوا فرصة في هذا الوضع إذ إنه أعلى مستوى تضخم منذ ٤١ سنة ٨،٢ % للتهجم على سياسة بايدن بأن المصروف العام خرج عن السيطرة لدفع الاستهلاك . فبالنسبة للجمهوريين خطة بايدن لإنقاذ الاقتصاد في مارس ٢٠٢١ بلغت ١٩٠٠ مليار دولار ثم خطة البنية التحتية الأولى في ٢٠٢١ بلغت ٥٥٠ مليار دولار والثانية في ٢٠٢٢ وصلت إلى ٧٥٠ مليار دولار ثم إزالة الديون الطلابية مثلت ٤٠٠ مليار دولار كل ذلك اعتبره الجمهوريين انتهاج سياسة اشتراكية، فكل ما قام به بايدن من إنجاز بالنسبة لإزالة البطالة والبدء بتحديد أسعار الأدوية لم يشعروا به سكان الإمكان التي تصوت للجمهوريين مثل أريزونا أو نيفادا حيث ارتفعت الأسعار بحوالي ١٦ في المئة . فتأثير ذلك على قوة الاميريكيين الشرائية جعل الناخب الاميريكي يعتبر أن أيام الرئيس دونالد ترامب الجمهوري كانت أفضل وقد أدى ذلك إلى انخفاض كبير في شعبية بايدن. فالوضع الداخلي هو الأهم للناخب الأميريكي الذي عموما لا تهمه القضايا الخارجية ولا ينظر إلى السياسة الاميريكية الخارجية لينتخب . فالأغلبية الضئيلة التي يتمتع بها حاليا بايدن في مجلس النواب والأغلبية الأضعف في مجلس الشيوخ قد تزول إذا صدقت استطلاعات الراي وقد يخيم مناخ جديد تعطيلي بوجه بايدن لما تبقى لرئاسته في حين ألمح ترامب أنه سيعلن عن ترشحه الأسبوع القادم. فهو ينتظر نتائج الانتخابات النصفية ليعلن عن ذلك . تحذير بايدن من عامين مروعين اذا خسر غالبيته يشير إلى تخوفه من عنف بعض الناخبين الجمهوريين وتشجيع ترامب لهم مثلما حصل عندما هجموا على مبنى الكونغريس . فعودة مؤيدي ترامب إلى السلطة في أميريكا قد تكون لها تأثير في السياسة الداخلية إنما على صعيد السياسة الخارجية باستطاعة بايدن إن يتجاوز الكونغريس إذا اقتضى الأمر . لكن احتمال عودة ترامب إلى سدة الرئاسة في ٢٠٢٤ يغير مجددا السياسة الخارجية الاميريكية . فالمعروف أن ترامب أقرب إلى الرئيس الروسي بوتين ولو أن الكونغريس يؤيد دعم بايدن لاوكرانيا ولكن ترامب كان دائما أقرب إلى بوتين . أما بالنسبة لأوروبا فعودة ترامب ستعني مجددا اميريكا أولا وهو لا يبالي بمصالح أوروبا. أما بالنسبة للدول الخليجية فيعود الود بين ترامب والقيادات الخليجية في طليعتها السعودية، ولكن لن يغير شيء بالنسبة لإيران إذ إن الملف النووي الإيراني تعطل منذ خروج ترامب ولن يعود علما أن لم يعلن أحد أنه توقف لأن لا أحد يريد تحمل مسوؤلية الإعلان عن توقيفه. ولكن ينبغي الحذر لأن في حال استعاد الجمهوريين السلطة خلال السنتين القادمتين وأخفقوا في تحسين إدارة الأوضاع في مناطقهم قد يتمكن بايدن إذا ترشح مجددا أن يستعيد الرئاسة. بعد سنتين بايدن سيبلغ ٨١ سنة وترامب ٧٨ سنة وقد تم تصنيفهما في إحدى الصحف أنهما ديناصورات الرئاسة الاميريكية علما بأنهما المرشحين المحتملين لانتخابات الرئاسة في ٢٠٢٤ . فانتخابات النصفية قد تعطي صورة عن اتجاه الرأي العام الأميريكي للسنتين القادمتين وللانتخابات الرئاسية في ٢٠٢٤ وترامب الآن يتمتع بدعم من صاحب التويتر ايلون ماسك الذي قد يجعل هذه الشبكة الاجتماعية لوصوله مجددا إلى سدة الرئاسة بعد أن منع عن استخدامها في ماض قريب.
مشاركة :