المتابع لرصد المجلات الثقافية في المملكة، وربما من ضمنها كتاب أصدرته مجلة دبي الثقافية منذ أشهر عن الدوريات في دول الخليج العربية، يلاحظ غياب الدوريات التي تصدرها الأندية الأدبية في المملكة، ويبدو لي أن هذا الغياب طبيعي لعدة أسباب، أهمها عدم اكتمال شروط المجلة الدورية في تلك الإصدارات. دعوني أتحدث قليلاً عن الدوريات في الأندية الأدبية، لن أتطرق إلى تاريخ تلك الدوريات ولكن إصدار مجلة دورية قرار حرصت عليه أغلب مجالس إدارات الأندية، فحرص كل ناد على إصدار مجلة أدبية، هذه المجلات كانت ضمن رؤية وتوجه أعضاء مجلس الإدارة، تميز بعضها، ولكن أغلبها كان باهتاً، أغلبها كان مجلة أدبية شاملة، بمعنى أن هنالك دراسات ومقالات وإبداع وحوارات ورصد لأنشطة النادي، وهذه الشمولية جعل تلك الدوريات متشابهة، حتى أن الكتاب والمبدعين هم هم في تلك الدوريات، ولولا الإشارة بأن هذه المجلة تصدر عن نادي "كذا" ورصد لهيئة التحرير، لما عرف أين تصدر هذه المجلة. هنالك أندية اتخذت خطاً مغايراً وهنا يجب أن نذكر نادي جدة الثقافي الأدبي الذي أصدر عدة دوريات متخصصة، أهمها علامات وتعني بالدراسات والنشر، والراوي وتعني بالسرد، وعبقر وتهتم بالشعر، وجذور وتهتم بالتراث، إضافة إلى نوافذ وأعتقد انها توقفت وتهتم بالترجمات، ونضيف حقول الصادر عن النادي الرياض الأدبي في أعدادها الأولى وتعني بالدراسات الأكاديمية المحكمة. مجلات هذه الأندية حققت بعض التميز وكان لها الحضور الجيد في المملكة والوطن العربي، وربما مجلة علامات عن أدبي جدة حققت أكثر حضوراً في المغرب العربي، هذا قبل سنوات، ولا أدري، هل بقيت على ذلك المستوى أم تغيرت بتغير مجالس الإدارة، وبالطبع هذه المشكلة التي تعاني منها أغلب مجلات الأندية الأدبية، حيث يصدر عدد من مجلة النادي بإدارة لها اهتمام بالأدب الحديث مثلا، وتركيز على الإبداع الجديد، ثم يفاجأ القارئ بأن العدد الثاني مجلة النادي ذاتها مختلف تماماً عن العدد الأول، والسبب أن المشرف على تحرير المجلة تغير. من المفترض أن هنالك رؤية واضحة وثابتة للمجلة عند إصدارها، رؤية ليست فردية بل تعتمد على توجه لشريحة المثقفين والأدباء الأكبر المرتبطين بالنادي، رؤية تنبع عن وعي بتغيرات الثقافة وتجاوزاتها، وبعد ذلك يأتي تحديد لهيئة تحرير تكون ثابتة لعدة سنوات، وتحدد أوقات الصدور للمجلة، هل هي شهرية أو فصلية أوسنوية، والملاحظ أن أغلب دوريات الأندية الأدبية ليس لها تاريخ إصدار ثابت، فأحياناً يصدر في العام أربعة أعداد، واحياناً يمر العام دون أن يصدر أي عدد. نأتي لما بعد النشر، فمن المعروف أن جميع الأندية الأدبية، لا توزع إصداراتها في المكتبات، ومن ضمنها المجلات التي تصدرها، ومن يريد أن يحصل على مجلة يصدرها نادي المدينة أو القصيم أو أبها الأدبي مثلا عليه أن يذهب للنادي ليحصل على المجلة مع بقية الإصدارات، وأنا أعتقد أن المجلة الناجحة هي التي تكون في منافذ البيع في وقت معين، والأندية الأدبية لم تفكر بأهمية التوزيع لإصداراتها، ويبدوا لي أن الحل سيكون بيد وزارة الثقافة والإعلام. من المفترض توحيد الجهد في إصدار المجلات فيكون هنالك ثلاث مجلات أدبية جيدة تصدرها جميع الأندية الأدبية، بالتعاون، يكون هيئة تحريرها ثابتة ممن لديه تجربة التحرير الثقافي، وتخدم تلك المجلات بالإخراج المتميز، والتوزيع المنتظم، أعتقد أن ذلك سيخدم الحركة الأدبية في المملكة.
مشاركة :