السكري.. النعمة تتحول إلى نقمة!

  • 1/17/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

مرض السكري بعد توسع أعداد المصابين به لتصل إلى ثلث السكان، وبعد تأكد آثاره الاجتماعية والاقتصادية الممتدة، هل يمكن اعتباره من مهددات الأمن الوطني؟ في (ملف الشهر) الذي يعود هذا الأسبوع نطرح قضية (مرض السكري) كقضية وطنية مقلقة للقريبين منها، من المختصين والأطباء، لنعرف حجم المشكلة الحقيقي واحتمالات المستقبل. لقد استخلصنا مما طرح أننا ازاء مرض يتطور إلى وباء، وهذا المرض الذي كان يوصف بـ(الصديق المطيع) يتحول إلى (قاتل صامت) يسري في أجسامنا، بعدما أهملنا أساسيات الصحة العامة وتركنا، بتفريطنا الرسمي والشعبي، النعمة تتحول إلى نقمة! ومؤشرات الوضع الصحي الخطير تجدها بارزة لدى الأطباء والمتخصصين في أمراض السكري والبدانة والقلب، ولدى المتخصصين في التغذية. هؤلاء إذا أردت أن ترفع درجة التوتر لديهم و(ترفع ضغطهم!) وتخرجهم عن طورهم، تحدث معهم عن البدانة والسكري، بالذات لدى الأطفال الذين تتوسع فيهم ظاهرة البدانة. هؤلاء الأطباء القلقون المنزعجون يشاركون زملاءهم في المجتمعات المتقدمة. لقد أدى التغير الكبير في السلوك الاجتماعي وتبدل أنماط المعيشة إلى بروز أمراض البدانة لدى الأطفال واليافعين، فالمنظمات الصحية الدولية والأهلية تطلق بشكل مستمر تحذيراتها إلى الحكومات لكي تهتم بالأمراض الناشئة عن الاسراف في تناول الأطعمة السريعة الخاوية المشبعة بالدهنيات والسكريات. دعوات الأطباء والمختصين تتجاوز الآن الدعوات التقليدية للتعامل مع الأمراض، أي الدعوة إلى التوعية. لقد توسعت المشكلة، وإيقافها لن ينتظر الوعي الذي قد يأتي وقد لا يأتي.. محاصرة الظاهرة تتطلب التدخل الحكومي الفعّال عبر ادخال الضرائب والرسوم التي تحاصر توسع بيع وتوصيل الأغذية السريعة إلى فصول الطلاب، وغرف نوم الأطفال. في أوروبا بدأت بعض الدول الإجراءات العملية للأخذ بمسار الثواب والعقاب، فهناك دول تدرس برلماناتها فرض الرسوم والضرائب على الأغذية السريعة لمحاصرة الظاهرة، وهذا التحرك الشعبي والحكومي نتمنى أن نجده لدينا في دول الخليج العربي، فمنطقتنا تصنف بين الأعلى عالميا في البدانة وأمراضها، بالذات السكري. ضريبة القيمة المُضافة التي يتوقع أن تكون ضمن برنامج التحول الوطني، نتمنى أن تكون وسيلتنا الفعالة لمواجهة هذا الوباء. والآن تصل التكلفة السنوية المترتبة على مرض السكري لأكثر من 80 مليار ريال سنويا، حسب الدكتور خالد الربيعان مدير المركز الجامعي للسكري في جامعة الملك سعود، وهو من المتخصصين الذي ظل منذ سنوات بعيدة يطالب بضرورة الاهتمام بالسكري عبر مشروع وطني متكامل. هذه المبالغ تكاد تقارب نصف ميزانية القطاع الصحي بالمملكة. السؤال: ما التكلفة المتزايدة المتوقعة إذا استمرت الحال كما هي عليه الآن بدون مبادرة حكومية جادة لتدارك الوضع الخطير، مع استمرار حالات بتر الأعضاء التي تجاوزت 4500 حالة معروفة، ومع استمرار ارتفاع السمنة بين الاطفال والتي وصلت 20 بالمئة، وهي الأعلى عالميا، ومع استمرار ارتفاعها بين النساء لأكثر من 50 بالمئة؟ في ملف الشهر.. نرى من واجبنا إبراز هذه القضية، وكل الذي نرجوه هو تداعي جهود المخلصين في بلادنا لتفعيل مشروع وطني متكامل، ودعم البرنامج الذي سبق ان أطلقته وزارة الصحة لمحاصرة هذا المرض عبر اكتشاف الحالات المبكر، وأيضا دعم جهود الجمعيات الأهلية الخيرية التي عملت بكل جهد للتوعية بمرض السكري (مثل الجمعية السعودية للسكري والغدد الصماء، في المنطقة الشرقية التي يقف خلفها اخونا الكبير الاستاذ عبدالعزيز التركي). ايضا علينا محاربة العادات الغذائية الضارة، في مدارسنا وبيوتنا. لقد أصبحنا أمام مفترق طريقين، إما الأخذ بأسباب الوقاية الفعالة من هذا المرض، أو ترك اطفالنا ينغمسون في العالم اللذيذ للأغذية الخاوية! إن ترك الأمور كما هي الآن سوف يجعلنا نتعايش مع قاتل صامت، مهدد لأمننا الوطني.

مشاركة :