في وقت وصف فيه محافظ ديالى الأسبق عمر الحميري عملية الإنزال التي قامت بها قوات عراقية في أنحاء من محافظة ديالى بعد أقل من أسبوع من مجزرة المساجد هناك بأنها دعائية فقط فقد لوحت اللجنة التنسيقية العليا لتحالف القوى العراقية بالذهاب إلى الأمم المتحدة لطلب «الحماية الدولية للسنة العرب» في العراق. وقال بيان للجنة أمس السبت إنها «عقدت اجتماعًا موسعًا لها بحضور نواب حاليين وسابقين وأعضاء مجالس محافظات ومسؤولين حزبيين بارزين بعد انفتاح اللجنة وتوسعة عدد أعضائها من القوى المتمسكة بالدفاع عن العرض والأرض ضد الإرهاب الذي يمثله (داعش)، من جهة، والميليشيات السائبة من جهة أخرى». وأضاف البيان أن «المجتمعين أكدوا أن هناك من لا يقلون عن (داعش) سوءًا وهم يسعون عن عمد لتحطيم الهوية الوطنية، وهو يجري الآن في حزام بغداد، وشمال بابل وجرف الصخر وفي سليمان بك ويثرب والضلوعية وجسر بزيبز والنخيب وسيطرة الرزازة وغيرها من المناطق، وكان آخرها هي الأعمال الإرهابية التي جرت وما تزال في ديالى». وأوضح أن «ما جرى في ديالى ليس استثناءً أو حدثًا طارئًا بل إنه أسلوب ممنهج تتبعه بعض ميليشيات الحشد الشعبي التي نحملها مسؤولية أعمال القتل والتهجير والتفجير والتطهير الطائفي». وأشار إلى أن «التسجيلات الموجودة على وسائل التواصل الاجتماعي مليئة بالوثائق الصورية التي يوثقها المجرمون أنفسهم لأعمالهم وهم يقومون بتفجير بيوت الله وقتل المدنيين والذبح بالسكين على الهوية الطائفية واعتقالات كيفية وإذلال الناس والحط من كرامتهم»، متابعا «لم يعد فينا مجال لمراعاة أطراف لا تحترم الشراكة، وترى في مروءتنا ضعفا». وحملّ البيان «مسؤولي ملف الحشد الشعبي المسؤولية القانونية عما حدث من أعمال القتل والترويع التي شهدت انتكاسات خطيرة»، مطالبا بـ«التحقيق مع المتورطين وإحالتهم إلى القضاء». كما طالب البيان رئيس الوزراء حيدر العبادي بحل «الميليشيات وإبعاد السياسيين والبرلمانيين عن العمل المسلح خارج إطار القانون وحصر السلاح بيد الدولة»، مبينًا أن «ما يجري في ديالى، وفي غيرها يتيح لنا مفاتحة الأمم المتحدة لطلب الحماية الدولية، بسبب عجز الحكومة عن توفيرها بشكل عادل لكل المواطنين». ويجيء التصعيد السني في هذا الوقت عقب تصاعد التوتر في محافظة ديالى (65 كم شرق بغداد) بعد حرق وتدمير 9 مساجد للسنة هناك من قبل ميليشيات وفصائل شيعية مسلحة. وبينما طالب رئيس البرلمان سليم الجبوري بعدم منح الرواتب للأجهزة الأمنية هناك طالما لا تقوم بمسؤولياتها في حماية المواطنين لدى زيارته للمحافظة الأسبوع الماضي فإن رئيس الوزراء الذي زار ديالى بعد يوم من زيارة الجبوري لها وجه الأجهزة الأمنية هناك بالضرب بيد من حديد على العناصر الخارجة عن القانون. وعلى صعيد إثبات جدارة القوات الأمنية في فرض القانون فقد نفذت قوات خاصة عملية إنزال لمطاردة المجرمين. لكن محافظ ديالى الأسبق عمر الحميري أبلغ «الشرق الأوسط» أن «العملية التي قامت بها قوات النخبة في المقدادية لا تعدو أن تكون عملية إعلامية تهدف إلى امتصاص غضب الشارع وليس أكثر». وأضاف الحميري أن «المعلومات المؤكدة التي لدينا هي أن عملية الدهم التي نفذتها هذه القوات لم تؤد إلى اعتقال أي من المطلوبين من عناصر الميليشيات وأن هؤلاء لم يختفوا خشية اعتقالهم بل هم يتجولون علنا في المقدادية عبر عملية تحد سافر للأجهزة الأمنية»، موضحا أن «هذه الميليشيات وبعد عملية حرق المساجد قامت بخطف وقتل ما يزيد على 150 من أهل السنة في المقدادية وحدها». وبشأن المساعي التي تبذلها القيادات السنية لتدويل قضاياهم، أعلن عضو البرلمان العراقي عن محافظة ديالى رعد الدهلكي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الملفات الخاصة بذلك قد اكتملت، سواء على مستوى النازحين وما يعانونه وفي المقدمة منه عدم عودتهم إلى ديارهم، أو قضية المقدادية وما تشهده ديالى من مجازر بحق السنة وسنتوجه إلى الأمم المتحدة لطلب الحماية بعد أن وصلنا إلى طريق مسدود مع الحكومة على صعيد هذه الملفات وغيرها». وأضاف الدهلكي أن «هناك استجابة من قبل الأطراف الدولية لمعاناتنا وقد وضعنا خلال اجتماعات مكثفة في الآونة الأخيرة خريطة طريق لهذا التحرك ونحن على وشك اتخاذ قرارات حرجة جدا». وردا على سؤال عما إذا كان سيترتب على ذلك اتخاذ موقف من العملية السياسية، قال الدهلكي «إننا لم نقطع بعد شعرة معاوية مع الحكومة في عدة ملفات، لكن وصلنا إلى مرحلة لا يمكن السكوت عليها». لكن جاسم محمد جعفر، عضو البرلمان عن ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يتحدث عنه الكثير من القيادات السنية بشأن التدويل لن يحل الأزمة وإنما يزيدها تعقيدا». وأضاف: «أود التأكيد أن من يتحدث اليوم باسم لجان التنسيق وغيرها هم أنفسهم كانوا جزءا من منصات التظاهر التي أدت إلى دخول (داعش) إلى المحافظات السنية ودمرتها وبالتالي فإن الدعوة اليوم لإرسال قوات دولية لن يكون وصفة للحل بل يمكن أن تكون خلفها أهداف أخرى»، مشيرا إلى أن «الحكومة تعمل الآن على إعادة النازحين من السنة إلى مناطقهم في عدة أقضية ونواحٍ». وفيما أقر جعفر بـ«وجود مشاكل حقيقية في الكثير من الملفات والمناطق» فإنه يرى أن «حل هذه المشاكل هو ليس عبر التهديد والوعيد وإنما الجلوس إلى مائدة الحوار». وردا على سؤال بشأن عدم قدرة الحكومة على إيجاد حلول حقيقية وآخرها عملية حرق المساجد في ديالى من قبل الميليشيات وهو ما يؤدي إلى مثل هذه المطالبات، قال جعفر إن «هذا صحيح وهو ما يتوجب على الحكومة العمل عليه وذلك بفرض القانون» داعيا إلى «أن تتعامل الأجهزة الأمنية مع الخارجين عن القانون وإلى أي جهة ينتمون طبقا للمادة 4 إرهاب التي يعامل بها تنظيم (داعش) لأن جرائمهم بحق المواطنين لا تقل عن جرائم (داعش) ولم يعد مقبولا أي تبرير لكن هذا في الوقت نفسه يتطلب تفهم الجميع لمثل هذه الحالة والعمل على تقوية الحكومة لا وضع العراقيل أمامها من خلال التهديد بالتدويل».
مشاركة :