«هيك بلد» - عبد العزيز المحمد الذكير

  • 12/18/2013
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بعض التعبيرات في لغتنا تأخذنا بعيدا عن ما تحدّث به العرب. ولا شك أن الكثير منا تعلّم في المتوسط والثانوي شعر عُمَر بن أبي ربيعة وعَمرو بن كلثوم. فالأخيرة تأخذ حرف الواو لتمييزها عن الأولى. ونقيس على هذا عُمَر بن الخطاب وعَمْرو بن العاص. إلا أننا صرنا ننطق الأولى صح والثانية خطأ بأن جعلنا حرف الواو جزءا من النطق، على وزن (فَعْلُوْ) وكتبنا وقرأنا وحاورنا إذاعياً من هذا المنطق. وصرنا نصف لبعضنا المكان الجغرافي بأنه خلف محطة (العَمْرُو) - ولم نكن بذلك الجهل المشوب بالإهمال قبلاً، ففي لغتنا كل شيء واضح ومُضاء. أجدها أيضا مُناسبة أن أورد مفردات يستعملها المحررون ولديهم البديل المناسب. فجملة "مشاريع طاقوية" ترد كثيرا وهي من غير ما تكلّم العرب. وهي تعني، أو أرادوا لها أن تعني ما يتصل بالطاقة من أخبار. يقف غير بعيد عنها كلام مثل "توعوية" ما أثقلها على اللسان. ونلوم من يستعمل مفردات أجنبية، ونحن نصر على استعمال ثقيل الكلام، ونحسبها من مُحسنات الطرح الصحفي. فبدلا من جملة " ترسية مشاريع طاقوية بمبلغ كذا وكذا يمكننا وبكل سهولة استعمال الواضح من الكلام فنقول : مشاريع الطاقة. أو "برنامج توعية" بدلا من توعوية، كأنني أصعد سُلما مائلا..! - وطاقوية عندي أقرب إلى "الطاقيّة" - ما غيرها..!! وقد آتي – ما دُمت في موضوع حُسن اختيار التعبير - إلى مُفردة " تمّ " يتمّ " فحتى الإعلان أخذ حقه منها بحيث تأتي الجملة "وسوف تتمّ الصلاة عليه يوم كذا وكذا. وأبشع لو جاء الإعلان يقول: وقد تم إتمام المبلغ..! تعب العرب على النحو وجاءوا لنا بالمبني للمجهول الذي يُعطينا بهاء وجمالا أكثر، كأن نقول وسوف تُقام الصلاة عليه.. إلى آخره. أو افتُتِحَ هذا المبنى، بدلا من تم افتتاح. وحسنا فعل استاذ أكاديمي عندما أصر على طلبته أن لا يُكثروا من استعمال "تمّ" لأنها تُضيع رونق التعبير. وحذرهم بأنه لو رأى تكرارها في موضوع فسيعيد الموضوع إلى كاتبه. وفعلا أدى ذلك الحرص نتائجه. مفردة أخرى تتكرر في الصحافة المقيمة خارج الوطن وأكثر في التلفاز الفضائي وبدأت - وبكل عنفوان - تصل إلى الحوار في تلفزيوننا الحكومي وهي عبارة "هكذا توجّه" أو "هكذا قرار" أو "هكذا بلد" وكلها جاءت من ثقافة العامة اللبنانية "هيك بلد". والصحيح "بلد كهذا"..

مشاركة :