على الرغم من جمود المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، إلا أن واشنطن لم تتوقف عن بعث رسائل إلى طهران في شكل غير علني، خوفاً من إقدامها على خطوة نووية تقلب الطاولة على الجميع وسط انشغالات إدارة الرئيس جو بايدن وتَبَدُّل الأولويات الدولية - الغربية بغية حرف الأنظار عن الحرب الأميركية - الروسية، القائمة على تحدي أحادية أميركا وهيْمنتها على العالم. وأكد رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) اللواء أهارون حاليفا، أن «الذي يمنع إيران من التقدم نحو صناعة القنبلة النووية هو قرار (ولي الفقيه السيد علي) خامنئي، وأنه لا يوجد أي خطر على النظام الإيراني (من الاحتجاجات) في الوقت الراهن». إذاً تعلم إسرائيل وأميركا أن إيران غير مهتمّة بصناعة القنبلة النووية رغم الضغوط الهائلة التي يتعرّض لها خامنئي لتغيير فتواه الشرعية التي يحرم فيها صناعة الأسلحة النووية، وتالياً فإن إدارة الرئيس جو بايدن غير مستعجلة للعودة إلى الاتفاق النووي الذي ينتهي مفعوله أصلاً عام 2025، أي بعد أقلّ من ثلاث سنوات. ولا توجد أي أسباب تدفع أميركا إلى رفع العقوبات عن إيران، خصوصاً أن خطوة مماثلة ستعطي «الجمهورية الإسلامية» المدخلية الاقتصادية الضخمة التي تحتاجها للانتعاش المالي والاقتصادي والتجاري. كذلك فإن من شأن رفع العقوبات تحرير عشرات المليارات من الدولارات التي تحتجزها مصارف عدة حول العالم، وإعادة النفط الإيراني إلى الأسواق بالأسعار المرتفعة وليس بالسعر المتدني الذي تستوفيه طهران من بيعها النفط إلى دول آسيا وبلدان أخرى مازالت تتعامل مع طهران رغم العقوبات. بالإضافة إلى ذلك، فإن أميركا وإسرائيل تعلمان أن إيران لم تغيّر دعمها لحلفائها في «حلف المقاومة»، في فلسطين ولبنان وسورية والعراق واليمن، وتالياً فإن ذلك من شأنه أن يتسبب بقلق لإسرائيل والدول التي تخشى تمدُّد النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، خصوصاً بعد فشل آخِر محاولة (والتي لن تكون الأخيرة) لإسقاط نظام «الجمهورية الإسلامية» من خلال اضطرابات طالت الجنوب والغرب والشمال الغربي الإيراني في سيستان - بلوشستان والأهواز وكردستان إيران. وأخيراً وليس آخراً، فإن الإدارة الأميركية لا تستطيع أن تعطي إيران الضمانات اللازمة حيال عدم فرض عقوبات إضافية وجديدة عليها أو معاودة إحياء العقوبات الموجودة أصلاً بعد توقيع الاتفاق. وقد تقدّمت طهران، وفق ما تكشف آخِر الرسائل بينها وبين أميركا، بواسطة منسق الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، باقتراحاتٍ تُبْقي فيها على قدراتها وأجهزة الطرد المركزي من دون أن تعيد تنشيطها مع الالتزام بما وقّعت عليه في اتفاق عام 2015، ولكن على أن تعيد برنامجها للحياة في حال فُرضت عليها عقوبات جديدة أو خرجت أميركا من الاتفاق كما فعل الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018. واعتبرت أوروبا حينها على لسان بوريل، أن «هذه المطالب معقولة ومنطقية». إلا أن الرد أتى من أصحاب القرار - الأميركيين وليس الأوروبيين - برفض المقترحات الإيرانية. وتَزامَنَ تَبادُل الرسائل مع اقتراب الانتخابات النصفية الأميركية لتتجمّد المفاوضات لأشهر عدة، قبل أن تعيد واشنطن الحرارة المعتدلة إليها منذ أيام قليلة ومن دون أن تؤدي هذه الرسائل إلى حلحلة النقاط العالقة. ووصلت الرسالة الأميركية الأولى عبر إحدى الدول الخليجية، عندما قال بايدن إنه يريد «تحرير إيران»، فأتى التوضيح من مستشار الأمن القومي، أن عبارة الرئيس الأميركي ما هي «إلا زلة لسان». وجاءت الرسالة الثانية مباشرةً بعد إعلان إيران أنها رفعتْ مستوى التخصيب في مفاعل فوردو النووي، الواقع تحت الأرض، والذي أعيد افتتاحه قبل ثلاثة أعوام بعد انهيار الاتفاق النووي، من 20 في المئة إلى 60 في المئة، مثل حال مفاعل ناتانز، بينما ينص الاتفاق، على اقتصار التخصيب على نسبة 3.6 في المئة فقط. وكان وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن، قال أواخر الشهر الماضي إنه «لا يرى مجالاً يُذكر لعودة الاتفاق النووي»، بعدما وصل مخزون اليورانيوم الإيراني المخصّب إلى 386.4 كيلوغرام من الـ20 في المئة و62.3 كيلوغرام من الـ60 في المئة.وتحتاج إيران لبلوغ مستوى الـ90 في المئة لصنع القنابل النووية، وهي نسبة تُعتبر سهلة التخصيب بعد بلوغ المعرفة التكنولوجيا النووية لتخصيب 20 في المئة و60 في المئة، وتالياً فإن ما يفصل طهران عن صناعة القنابل النووية، هو قرار خامنئي وليس علماء إيران النوويين، ولا المواقع النووية التي تملك القدرة العلمية على ذلك رغم عمليات التخريب وقتْل العلماء الإيرانيين». لكن المشكلة الأكبر تتمثل في الوكالة الدولية للطاقة الذرية وطلبها من إيران تفسيراً للعثور على آثار اليورانيوم في ثلاثة مواقع مختلفة. إذ تعتبر طهران أن هذا الملف أقفل عام 2015 عندما وقّع الرئيس الاميركي باراك أوباما الاتفاق، وأن العودة إلى هذا المطلب ما هو إلا عذر أميركي للامتناع عن التوقيع، علماً أن هذه المعلومات قُدمت من الاستخبارات الإسرائيلية، ومُلفّقة بحسب إيران. ولذلك فإن اختلاق الأعذار يُعتبر في طهران بمثابة «حوار الطرشان» لأن النيات مفقودة. وثمة عوامل عدة تمنع عودة الاتفاق النووي في النصف الأخير من ولاية بايدن، ومنها عودة بنيامين نتنياهو إلى الحُكْم في إسرائيل، وهو المُعارِض لأي اتفاق مع إيران. بالإضافة إلى ذلك، فإن خسارة الديموقراطيين لقيادة الكونغرس تزيد الضغط على الرئيس الأميركي، خصوصاً أن الجمهوريين لا يريدون الاتفاق مع إيران. ناهيك عن الحرب الأميركية - الروسية على أراضي أوكرانيا، حيث أظهرت إيران تَحَدّيها العسكري لأميركا بتسليم روسيا، طائرات مسيَّرة عدّلت الكفة العسكرية بسرعة، وساعدت موسكو على تقليص الخسائر. وأخيراً، فإن غيابَ الإرادة والفائدة الأميركية من رفْع العقوبات ما دامت إيران لا تريد صناعة القنبلة النووية، يحول دون استعجال المسؤولين في واشنطن التقدم إلى الأمام، ويجعلهم يستمرّون في سياسة إضاعة الوقت. على الرغم من جمود المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، إلا أن واشنطن لم تتوقف عن بعث رسائل إلى طهران في شكل غير علني، خوفاً من إقدامها على خطوة نووية تقلب الطاولة على الجميع وسط انشغالات إدارة الرئيس جو بايدن وتَبَدُّل الأولويات الدولية - الغربية بغية حرف الأنظار عن الحرب الأميركية - الروسية، القائمة على تحدي أحادية أميركا وهيْمنتها على العالم.وأكد رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) اللواء أهارون حاليفا، أن «الذي يمنع إيران من التقدم نحو صناعة القنبلة النووية هو قرار (ولي الفقيه السيد علي) خامنئي، وأنه لا يوجد أي خطر على النظام الإيراني (من الاحتجاجات) في الوقت الراهن». تركيا عرفتْ مكانتَها فتدلّلتْ... على حساب سورية منذ يوم «سد مكحول» يهدد بزوال قرى ومعالم عراقية منذ يوم إذاً تعلم إسرائيل وأميركا أن إيران غير مهتمّة بصناعة القنبلة النووية رغم الضغوط الهائلة التي يتعرّض لها خامنئي لتغيير فتواه الشرعية التي يحرم فيها صناعة الأسلحة النووية، وتالياً فإن إدارة الرئيس جو بايدن غير مستعجلة للعودة إلى الاتفاق النووي الذي ينتهي مفعوله أصلاً عام 2025، أي بعد أقلّ من ثلاث سنوات.ولا توجد أي أسباب تدفع أميركا إلى رفع العقوبات عن إيران، خصوصاً أن خطوة مماثلة ستعطي «الجمهورية الإسلامية» المدخلية الاقتصادية الضخمة التي تحتاجها للانتعاش المالي والاقتصادي والتجاري.كذلك فإن من شأن رفع العقوبات تحرير عشرات المليارات من الدولارات التي تحتجزها مصارف عدة حول العالم، وإعادة النفط الإيراني إلى الأسواق بالأسعار المرتفعة وليس بالسعر المتدني الذي تستوفيه طهران من بيعها النفط إلى دول آسيا وبلدان أخرى مازالت تتعامل مع طهران رغم العقوبات.بالإضافة إلى ذلك، فإن أميركا وإسرائيل تعلمان أن إيران لم تغيّر دعمها لحلفائها في «حلف المقاومة»، في فلسطين ولبنان وسورية والعراق واليمن، وتالياً فإن ذلك من شأنه أن يتسبب بقلق لإسرائيل والدول التي تخشى تمدُّد النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، خصوصاً بعد فشل آخِر محاولة (والتي لن تكون الأخيرة) لإسقاط نظام «الجمهورية الإسلامية» من خلال اضطرابات طالت الجنوب والغرب والشمال الغربي الإيراني في سيستان - بلوشستان والأهواز وكردستان إيران.وأخيراً وليس آخراً، فإن الإدارة الأميركية لا تستطيع أن تعطي إيران الضمانات اللازمة حيال عدم فرض عقوبات إضافية وجديدة عليها أو معاودة إحياء العقوبات الموجودة أصلاً بعد توقيع الاتفاق.وقد تقدّمت طهران، وفق ما تكشف آخِر الرسائل بينها وبين أميركا، بواسطة منسق الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، باقتراحاتٍ تُبْقي فيها على قدراتها وأجهزة الطرد المركزي من دون أن تعيد تنشيطها مع الالتزام بما وقّعت عليه في اتفاق عام 2015، ولكن على أن تعيد برنامجها للحياة في حال فُرضت عليها عقوبات جديدة أو خرجت أميركا من الاتفاق كما فعل الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018.واعتبرت أوروبا حينها على لسان بوريل، أن «هذه المطالب معقولة ومنطقية». إلا أن الرد أتى من أصحاب القرار - الأميركيين وليس الأوروبيين - برفض المقترحات الإيرانية.وتَزامَنَ تَبادُل الرسائل مع اقتراب الانتخابات النصفية الأميركية لتتجمّد المفاوضات لأشهر عدة، قبل أن تعيد واشنطن الحرارة المعتدلة إليها منذ أيام قليلة ومن دون أن تؤدي هذه الرسائل إلى حلحلة النقاط العالقة.ووصلت الرسالة الأميركية الأولى عبر إحدى الدول الخليجية، عندما قال بايدن إنه يريد «تحرير إيران»، فأتى التوضيح من مستشار الأمن القومي، أن عبارة الرئيس الأميركي ما هي «إلا زلة لسان».وجاءت الرسالة الثانية مباشرةً بعد إعلان إيران أنها رفعتْ مستوى التخصيب في مفاعل فوردو النووي، الواقع تحت الأرض، والذي أعيد افتتاحه قبل ثلاثة أعوام بعد انهيار الاتفاق النووي، من 20 في المئة إلى 60 في المئة، مثل حال مفاعل ناتانز، بينما ينص الاتفاق، على اقتصار التخصيب على نسبة 3.6 في المئة فقط.وكان وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن، قال أواخر الشهر الماضي إنه «لا يرى مجالاً يُذكر لعودة الاتفاق النووي»، بعدما وصل مخزون اليورانيوم الإيراني المخصّب إلى 386.4 كيلوغرام من الـ20 في المئة و62.3 كيلوغرام من الـ60 في المئة.وتحتاج إيران لبلوغ مستوى الـ90 في المئة لصنع القنابل النووية، وهي نسبة تُعتبر سهلة التخصيب بعد بلوغ المعرفة التكنولوجيا النووية لتخصيب 20 في المئة و60 في المئة، وتالياً فإن ما يفصل طهران عن صناعة القنابل النووية، هو قرار خامنئي وليس علماء إيران النوويين، ولا المواقع النووية التي تملك القدرة العلمية على ذلك رغم عمليات التخريب وقتْل العلماء الإيرانيين».لكن المشكلة الأكبر تتمثل في الوكالة الدولية للطاقة الذرية وطلبها من إيران تفسيراً للعثور على آثار اليورانيوم في ثلاثة مواقع مختلفة. إذ تعتبر طهران أن هذا الملف أقفل عام 2015 عندما وقّع الرئيس الاميركي باراك أوباما الاتفاق، وأن العودة إلى هذا المطلب ما هو إلا عذر أميركي للامتناع عن التوقيع، علماً أن هذه المعلومات قُدمت من الاستخبارات الإسرائيلية، ومُلفّقة بحسب إيران.ولذلك فإن اختلاق الأعذار يُعتبر في طهران بمثابة «حوار الطرشان» لأن النيات مفقودة.وثمة عوامل عدة تمنع عودة الاتفاق النووي في النصف الأخير من ولاية بايدن، ومنها عودة بنيامين نتنياهو إلى الحُكْم في إسرائيل، وهو المُعارِض لأي اتفاق مع إيران.بالإضافة إلى ذلك، فإن خسارة الديموقراطيين لقيادة الكونغرس تزيد الضغط على الرئيس الأميركي، خصوصاً أن الجمهوريين لا يريدون الاتفاق مع إيران.ناهيك عن الحرب الأميركية - الروسية على أراضي أوكرانيا، حيث أظهرت إيران تَحَدّيها العسكري لأميركا بتسليم روسيا، طائرات مسيَّرة عدّلت الكفة العسكرية بسرعة، وساعدت موسكو على تقليص الخسائر.وأخيراً، فإن غيابَ الإرادة والفائدة الأميركية من رفْع العقوبات ما دامت إيران لا تريد صناعة القنبلة النووية، يحول دون استعجال المسؤولين في واشنطن التقدم إلى الأمام، ويجعلهم يستمرّون في سياسة إضاعة الوقت.
مشاركة :