جاذبية التحرر من قيود العمل.. وحلم المستقبل

  • 11/30/2022
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تعمل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬المتقدمة‭ ‬على‭ ‬خفض‭ ‬نسبة‭ ‬البطالة‭ ‬في‭ ‬دولها‭ ‬لتتسابق‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بينها‭ ‬إعلاميًّا‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬هذه‭ ‬النسب‭ ‬المنخفضة‭ ‬والتي‭ ‬تعكس‭ ‬طابع‭ ‬التحضر‭ ‬المدني‭ ‬للمجتمع‭ ‬والانتعاش‭ ‬الاقتصادي‭ ‬للدولة‭. ‬كما‭ ‬تدل‭ ‬هذه‭ ‬النسب‭ ‬المتدنية‭ ‬على‭ ‬مؤشرات‭ ‬إيجابية‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬الحكومات‭ ‬القائمة‭ ‬وقدرتها‭ ‬على‭ ‬توظيف‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬عمل‭ ‬ونجاحها‭ ‬في‭ ‬تلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬مواطنيها‭ ‬من‭ ‬توفير‭ ‬وظائف‭ ‬لخريجي‭ ‬الجامعات‭ ‬والمعاهد‭ ‬بشكل‭ ‬فوري‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الوقوف‭ ‬في‭ ‬طوابير‭ ‬الانتظار‭. ‬ ومن‭ ‬أجل‭ ‬أداء‭ ‬هذا‭ ‬الواجب‭ ‬الوطني‭ ‬وتقليص‭ ‬نسبة‭ ‬البطالة،‭ ‬فقد‭ ‬تقرر‭ ‬بعض‭ ‬الحكومات‭ ‬زيادة‭ ‬نسبة‭ ‬التوظيف‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي‭ ‬وهو‭ ‬الخيار‭ ‬الأول‭ ‬لمعظم‭ ‬المواطنين‭ ‬نظرًا‭ ‬إلى‭ ‬الانطباع‭ ‬السائد‭ ‬لديهم‭ ‬بشأن‭ ‬استقرار‭ ‬هذه‭ ‬الوظائف‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬ديمومتها‭. ‬ولذلك‭ ‬قد‭ ‬تترتب‭ ‬أعباء‭ ‬متزايدة‭ ‬على‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬للدولة‭ ‬وزيادة‭ ‬في‭ ‬أعداد‭ ‬الموظفين‭ ‬في‭ ‬الدوائر‭ ‬الحكومية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬عمليا‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الكم‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭. ‬ويلي‭ ‬ذلك‭ ‬حدوث‭ ‬مشاكل‭ ‬إدارية‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الحكومية‭ ‬بشأن‭ ‬كيفية‭ ‬توزيع‭ ‬الأعمال‭ ‬بشكل‭ ‬متساو‭ ‬تارةً،‭ ‬وكيفية‭ ‬إرضاء‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الآخرين‭ ‬تارةً‭ ‬أخرى‭.‬ ‭ ‬وقد‭ ‬يضطر‭ ‬بعض‭ ‬الإداريين‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يتسم‭ ‬بنوع‭ ‬من‭ ‬الحكمة‭ ‬بتقليص‭ ‬نوع‭ ‬المهام‭ ‬التي‭ ‬تسند‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬الموظفين‭ ‬كي‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬تقدم‭ ‬مؤشرات‭ ‬الأداء‭ ‬المطلوبة‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬نسبة‭ ‬بسيطة‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬والمختصين‭ ‬في‭ ‬تلبية‭ ‬أهداف‭ ‬المؤسسة‭ ‬وأداء‭ ‬المهام‭ ‬المطلوبة‭. ‬ في‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك‭ ‬قد‭ ‬يصدح‭ ‬في‭ ‬أذهان‭ ‬بعض‭ ‬الموظفين‭ ‬حلم‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬لما‭ ‬قد‭ ‬يتوفر‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬معيشية‭ ‬أفضل‭ ‬مثل‭ ‬الراتب‭ ‬المجزي‭ ‬والتأمين‭ ‬الصحي‭ ‬ومكافأة‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬المزايا‭. ‬وعلى‭ ‬أثره،‭ ‬ينتقل‭ ‬موظف‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي‭ ‬ليكون‭ ‬عاملا‭ ‬أو‭ ‬موظفا‭ ‬في‭ ‬شركة‭ ‬خاصة‭ ‬بقطاع‭ ‬مؤسسي‭ ‬مغاير‭ ‬عما‭ ‬عهده‭ ‬في‭ ‬خبراته‭ ‬السابقة‭. ‬وينتشر‭ ‬الخبر‭ ‬بين‭ ‬الموظفين‭ ‬فتحدث‭ ‬هجمة‭ ‬سريعة‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬مرمى‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬المنتعش‭ ‬والمزدهر‭ ‬في‭ ‬حقبة‭ ‬اقتصادية‭ ‬معينة‭. ‬والجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬أهم‭ ‬أولويات‭ ‬بعض‭ ‬الشركات‭ ‬الخاصة‭ ‬هي‭ ‬تحقيق‭ ‬أرباح‭ ‬عالية‭ ‬وسريعة‭ ‬بتكاليف‭ ‬تشغيلية‭ ‬منطقية‭ ‬وغير‭ ‬مبالغ‭ ‬فيها‭. ‬فتضطر‭ ‬بعض‭ ‬الشركات‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬لأوقات‭ ‬متأخرة‭ ‬وبساعات‭ ‬عمل‭ ‬إضافية‭ ‬تفوق‭ ‬50‭ ‬ساعة‭ ‬أسبوعيًّا‭ ‬ما‭ ‬يجهد‭ ‬الموظفين‭ ‬بدنيًّا‭ ‬ويرهقهم‭ ‬عقليًّا‭ ‬ويفككهم‭ ‬اجتماعيًّا‭. ‬والأسوأ‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬اضطرار‭ ‬بعض‭ ‬الشركات‭ ‬في‭ ‬مرحلةٍ‭ ‬ما‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الموظفين‭ ‬ذوي‭ ‬الدخل‭ ‬المرتفع‭ ‬وذلك‭ ‬لتطبيق‭ ‬استراتيجية‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة‭ ‬الجديد‭ ‬والمتعلقة‭ ‬بتقليل‭ ‬التكلفة‭ ‬التشغيلية‭ ‬ابتداءً‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭. ‬ ثم‭ ‬قد‭ ‬يطرح‭ ‬السؤال‭ ‬التالي‭ ‬في‭ ‬أذهان‭ ‬من‭ ‬بخوضون‭ ‬تجربة‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬النظرة‭ ‬البراجماتية‭ ‬بالتفكير‭ ‬في‭ ‬حلم‭ ‬الاستقلالية‭ ‬الوظيفية‭ ‬ودخول‭ ‬عالم‭ ‬الأعمال‭ ‬الحرة‭ ‬من‭ ‬مشاريع‭ ‬خاصة‭ ‬ذات‭ ‬رأس‭ ‬مال‭ ‬أو‭ ‬مشاريع‭ ‬فنية‭ ‬ومهنية‭ ‬تتطلب‭ ‬مهارات‭ ‬عملية‭ ‬وتسويقية‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الخسائر‭ ‬المادية‭. ‬فيتطلع‭ ‬الشخص‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬ليبحث‭ ‬عن‭ ‬فرصة‭ ‬لتأسيس‭ ‬عمله‭ ‬الحر‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬ذاته‭ ‬لتحقيق‭ ‬الارتفاع‭ ‬في‭ ‬دخله‭ ‬الشهري‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬منظومة‭ ‬الشركات‭ ‬أو‭ ‬المؤسسات‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬أو‭ ‬الخاص‭. ‬ وهنا‭ ‬تبدأ‭ ‬مرحلة‭ ‬العصامية‭ ‬ليعتمد‭ ‬الشخص‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬يصارع‭ ‬فيه‭ ‬الكثيرون‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬الأعمال‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬تسودها‭ ‬أجواء‭ ‬الشدة‭ ‬في‭ ‬الطابع‭ ‬التنافسي‭. ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬أنوه‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬البيئة‭ ‬التنافسية‭ ‬الحادة‭ ‬هي‭ ‬بيئة‭ ‬صحية‭ ‬للنهوض‭ ‬بمستوى‭ ‬وأسعار‭ ‬الخدمة‭ ‬المقدمة‭. ‬وقد‭ ‬يجد‭ ‬الشخص‭ ‬نفسه‭ ‬خارج‭ ‬هذا‭ ‬المعترك‭ ‬لعدم‭ ‬مواكبته‭ ‬المستوى‭ ‬التنافسي‭ ‬مع‭ ‬قدامى‭ ‬المنافسين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬ما‭ ‬يسبب‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الارتباك‭ ‬والشعور‭ ‬بالإحباط‭ ‬بعد‭ ‬مروره‭ ‬بتجربة‭ ‬التحولات‭ ‬بين‭ ‬العمل‭ ‬الحكومي‭ ‬والعمل‭ ‬الخاص‭ ‬والعمل‭ ‬الحر،‭ ‬لكن‭ ‬المهم‭ ‬ألا‭ ‬يسقط‭ ‬الراية‭ ‬ويستمر‭ ‬في‭ ‬حمل‭ ‬مشعل‭ ‬العمل‭ ‬المضني‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬ناموس‭ ‬الحياة،‭ ‬فلا‭ ‬يعني‭ ‬الإخفاق‭ ‬في‭ ‬تجربة‭ ‬عملية‭ ‬ما‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬خوض‭ ‬تجارب‭ ‬جديدة‭ ‬يتم‭ ‬استثمار‭ ‬الخبرات‭ ‬السابقة‭ ‬فيها‭.‬ قال‭ ‬تعالى‭: (‬يَا‭ ‬أَيُّهَا‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬آمَنُوا‭ ‬اصْبِرُوا‭ ‬وَصَابِرُوا‭ ‬وَرَابِطُوا‭ ‬وَاتَّقُوا‭ ‬الله‭ ‬لَعَلَّكُمْ‭ ‬تُفْلِحُونَ‭) ‬فالقناعة‭ ‬كنز‭ ‬لا‭ ‬يملكه‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬آمن‭ ‬بحكمة‭ ‬الله‭ ‬قولًا‭ ‬وعملًا‭ ‬فيما‭ ‬قُسم‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬رزق‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬الحياة‭. ‬والصبر‭ ‬هو‭ ‬مفتاح‭ ‬الفرج‭ ‬فلا‭ ‬تستعجل‭ ‬في‭ ‬قرارك‭ ‬وصابر‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أوتيت‭ ‬فنعم‭ ‬خير‭ ‬الأمور‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬تملك‭ ‬اليوم،‭ ‬وغدًا‭ ‬هو‭ ‬طريقك‭ ‬إلى‭ ‬المستقبل،‭ ‬فاستعن‭ ‬بالله‭ ‬ولا‭ ‬تعجز‭ ‬واحتسب‭ ‬خيرًا‭.‬ { باحث‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الطاقة a‭.‬s‭.‬civil‭.‬88@gmail‭.‬com

مشاركة :