عبارة «كفاية دلع» التي قالها رجل الأعمال للسعوديين، هي -من وجهة نظري- أحد مظاهر انسلاخ الطبقة الثرية عن الطبقات الاجتماعية الأخرى!. ومن المظاهر الأخرى التي أصبحت تُرصد كثيرًا في الفترة الأخيرة؛ إقامة الأثرياء لحفلات زواجاتهم خارج المملكة، رغم أنها زواجات سعودية مئة بالمئة، بمعنى أنّ الأزواج سعوديون، وكذلك الزوجات!. وعندما نعرف ضخامة ما يُصرف على هذه الحفلات، وما يتخلّلها من بذخ وإسراف، فضلاً عمّا يتحمّله الدَّاعون الأثرياء من تكاليف سفر، وإقامة للمدعوّين، الأثرياء أيضًا، نوقن أننا في حضرة حالة شاذّة، تكون فيها ملامح الفرح الاجتماعي دُولةً بين الأثرياء، دون إشراكهم -ولو رمزيًّا- لغيرهم من الطبقات الأخرى!. أنا أؤمن أنه إذا نأى الأثرياء بأفراحهم عن غيرهم، فليس بمقدورهم مشاركة هذا الغير في همومه، وأحزانه، فيحصل خلل اجتماعي، ويؤدّي إلى انسلاخ طبقي لا ينبغي أن يحلّ في أيّ مجتمع، وإلّا كان وبالاً عليه، وكان النبيّ إبراهيم عليه السلام، الذي هو أسوة حسنة لنا، لا يأكل إلّا مع الضيوف الذين أغلبهم من الجيران والفقراء وعابري السبيل، في تواصل اجتماعي محمود!. نحن معشر السعوديين، نعيش حقبة صعبة يمرّ بها العالم كلّه، حقبة مليئة بالحروب والركود الاقتصادي والفتن والمؤامرات والتشتّت، وقد تمكنّا بفضل الله من الإبقاء على حالة طيبة من الالتئام التي يحسدنا عليها كثيرون، ويقع على عاتق أثريائنا أكثر من غيرهم تجنّب ما يُهدّد نسيجنا الاجتماعي مهما كان في نظرهم صغيرًا، فالنار من مستصغر الشرر، وبدلاً من أن نقول: «كفاية دلع» علينا أن نقول: «كفاية انسلاخ»!. @T_algashgari algashgari@gmail.com
مشاركة :