صالح جودت.. شاعر تنبض قصيدته بالحب والجمال

  • 12/27/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

صالح جودت، شاعر عربي من مصر، وُلد في القاهرة عام 1912، وتوفي فيها عام 1976، وهو من الشعراء الذين عملوا بالإعلام، وكان لي معهم اتصال، حيث كانوا يزورون دار الإذاعة في الشريفين قبل الانتقال إلى مبنى ماسبيرو الجامع لجميع الإذاعات في مصر. لم يزد عمره عندما انتقل إلى الرفيق الأعلى على أربعة وستين عاماً، وهذه سن العطاء الغزير المتميز بنضج التجربة وسمو الفكر. ورغم معرفتي الوثيقة بحياته وإنجازاته، إلا أنني وجدتها فرصة مناسبة لإيقاظه من سبات الموت وتوجيه أسئلتي إليه. قلت: سلام عليك أيها الشاعر العربي. قال: وعليك السلام ولكن لماذا شددت على العربي؟ قلت: لأنك كنت عربي الهوى، وشعرك القومي يؤكد هذه الحقيقة. قال: هذا ما آمنت به وسجلته في شعري. قلت: ألا ترى أنه من الغريب وقد بدأت تبرز كشاعر خلال مرحلة الدراسة الثانوية أن تنتسب إلى كلية التجارة بدلاً من كلية الآداب قسم اللغة العربية؟ قال: العلم لا يتعارض مع الموهبة، والشعر موهبة، وقد يكون الشاعر طبيباً أو تاجراً أو حتى صاحب صفة أو مهنة. قلت: وهل أحببت دراسة الاقتصاد؟ قال: جداً جداً ونجحت وحصلت على البكالوريوس. قلت: ولدت ودرست المرحلة الابتدائية في القاهرة، وبالتحديد في مصر الجديدة، فلماذا أكملت المرحلة الثانية في المنصورة؟ قال: السبب أن والدي كمال جودت، رحمه الله، كان يعمل مهندساً، وقد حكمت ظروف عمله أن ننتقل إلى المنصورة، وكنت محظوظاً بهذا الانتقال. قلت: ولماذا كنت محظوظاً؟ قال: لأنني في المنصورة تعرفت إلى شعراء مصر الكبار علي محمود طه، وإبراهيم ناجي، ومحمد عبد المعطي الهمشري، وذلك في الفترة ما بين 1927 إلى 1931. قلت: طبعاً في كلية التجارة شغلتك الدراسة عن الشعر. قال: أبداً يا صديقي.. بل وصل شعري وأنا في كلية التجارة إلى مستوى رفيع وبدأت أنشره سعيداً. قلت: في تلك الفترة قامت جماعة أبولو في مصر. قال: وكنت واحداً من تلك الجماعة. قلت: وبعد التخرج من كلية التجارة ماذا عملت؟ قال: عملت مديراً للإعلام في بنك مصر، ومراسلاً صحافياً لمجلة الصباح، ثم عملت في الإذاعة المصرية رئيساً لمجلة الإذاعة، وشاركت في إنشاء إذاعة صوت العرب. قلت: وهل عملت في الصحافة؟ قال: نعم.. عملت في جريدة «الأهرام» كاتباً ومحرراً، ثم عملت محرراً في دار الهلال، ثم مديراً للتحرير ثم رئيساً لمجلس الإدارة. قلت: أستاذ صالح جودت.. نظمت الشعر وكتبت في الرواية، ولك العديد من التراجم الأدبية مثل شعراء المجون وملوك وصعاليك، وبلابل من الشرق، فهل تعتبر نفسك روائياً أم كاتباً أم شاعراً؟ قال: بل شاعر.. الشعر هو الأساس.. وما تفرع عنه كان بفضله. قلت: ولكنك في كتاباتك لجأت إلى اللهجة العامية. قال: كنت مضطراً، فأنا كتبت قصص وحوار أفلام سينمائية عدة، وكان لا بد من استخدام اللهجة العامية. قلت: هل تتذكر بعض هذه الأفلام؟ قال: «أيام شبابي» وبطلته شادية، و«ألمظ وعبده الحامولي» وبطلته وردة، و«لا أنام» وبطلته فاتن حمامة. قلت: حتى الأغاني لجأت فيها إلى العامية. قال: ولم أنس الفصحى في كثير من الأغاني. قلت: مثل ماذا؟ قال: نظمت ثلاث قصائد لكوكب الشرق أم كلثوم قصيدة «اذكروه خلدوه» عن الزعيم محمد طلعت باشا، و«ابق يا حبيب الشعب» عندما طالب الشعب الرئيس جمال عبد الناصر بالبقاء رئيساً بعد قراره التنحي يوم 9 يونيو 1967، ثم «الثلاثية المقدسة» وكلها من ألحان رياض السنباطي. قلت: وهل اقتصرت في شعرك الغنائي على أم كلثوم؟ قال: بل غنى شعري الموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وغيرهما. قلت: وماذا غنى لك فريد الأطرش؟ قال: «يا زهرة في خيالي»، و«أسأل الفجر والغروب». قلت: أذكر هذه القصيدة اسأل الفجـر والغــروب           واسأل الشمس والقمـــر أي غيب على القلـــوب          خطــــه كــــاتب القــــدر قال: كم على هــذه الرمـال           عرف الحب عـاشقــــان حسبـاه سـاعـة الخيــال            أنــه شـاطئ الأمـــــــان اشهـدي النـور والظـــــلال           وانظري دوره الزمـــان كــــل شــــــــيءٍ إلى زوال           ليـس للملتقـى أمـــــــان قلت: أستاذنا الشاعر صالح جودت كنت من جماعة أبولو وكان لك رأي في الشعر الجديد. قال: نعم.. لم أكن أعتبره شعراً ولا جديداً وقلت ساخراً من أنصار ذلك الشعر: رحم الله للخليل زمــانــاً              غيـر هــذا الزمــان في هـذيـانــه كثر العـابثـون في حرم الشعر              وقـلَّ الذائـدون عن أركانـه كثر المازحـــون فيه وعــانـــوا              في تفاعيلـه وفي أوزانــه قلت: مَن مِن شعراء زمنك أحببت وتأثرت بشعره؟ قال: أمير الشعراء أحمد شوقي، إنه ملك الشعر والشعراء العرب بعد المتنبي. قلت: هل تذكر دواوين شعرك التي أصدرتها؟ قال: أصدرت ستة دواوين هي: ديوان صالح جودت ليالي الهرم أغنيات على النيل حكاية قلب ألحان مصرية الله والنيل والحب قلت: وفي الرواية؟ قال: أصدرت روايتين هما «الشباك» و«عودي إلى البيت» وعدداً من المجموعات القصصية. قلت: لو سألناك أستاذ صالح عن الحب.. هل كان الحب موضوعاً شعرياً سجلته في دواوينك؟ قال مبتسماً: وما هو الشعر بغير الحب؟ إنه الموضوع الرئيسي في شعري، حتى شعري الوطني هو حب، وشعري في الطبيعة حب. قلت: أقصد المرأة. قال: إنها جوهر الحب، اسمع هذين البيتين: هناك على الشاطئ اللؤلؤي              وتحت مظلتـــه الوارفــــه جلسنـــا نغني نشيــد الغـرام              على نغم الموجة العـازفـه قلت: ما دمنا أثرنا جمر الذاكرة فاختر لنا أبياتاً من قصيدة لها مكانة خاصة في قلبك. قال: الثلاثية المقدسة. قلت: ولماذا هذه القصيدة بالذات؟ قال: لأنها اكتسبت مكانتها في قلبي بعد أن شدتها سيدة الغناء العربي أم كلثوم. قلت: إذن نستمع إليها منك. قال: ومنها أيضاً. قلت: ومنها أيضاً. الثلاثية المقدسة رحاب الهدى يا منار الضياء سمعتك في ساعة من صفاء تقول أنا البيت ظل الإله وركن الخليل أبي الأنبياء أنا البيت قبلتكم للصلاة أنا البيت كعبتكم للرجاء فضموا الصفوف وولوا الوجوه إلى مشرق النور عند الدعاء وسيروا إلى هدف واحد وقوموا إلى دعوة للبناء يزكي بها الله إيمانكم ويرفع هاماتكم للسماء *** يا عطاء الروح من عند النبي وعبيراً من ثنايا يثرب يا حديث الحرم الطهر الذي يطلع النور به في اللهب قم وبشر بالمساواة التي ألفت بين قلوب العرب والإخاء الحق والحب الذي وحد الخطو لسير الموكب والجهاد المؤمن الحر الذي وصل الفتح به للمغرب *** أمة علّمها حب السماء كيف تبني ثم تعلو بالبناء فمضت ترفل في وحدتها وتباهي في طريق الكبرياء بيد توسع في أرزاقها ويد تدفع كيد الأشقياء سادت الأيام لما آمنت أن بالإيمان يسمو الأقوياء فإذا استشهد منهم بطل كانت الجنة وعد الشهداء صفحة متخصّصة تضيء على سير وإبداعات قامات الشعر العربي       طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

مشاركة :