الأسماء الغريبة اختيارات آباء يدفع ثمنها الأبناء

  • 1/8/2023
  • 11:15
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تنعكس معاني الأسماء على الأشخاص، ما يدفع بعضهم إلى تغيير أسمائهم عند الوصول لسن معينة، بسبب سوء الاسم أو معناه. واتفق مواطنون ومختصون خلال "قضية الأسبوع"، على أحقية الأبناء في اختيار الآباء أسماء مناسبة لهم، وفقًا لما كفله الإسلام، وقالوا إن سوء اختيار الاسم قد يؤثر على نفسية الطفل وانعدام ثقته بنفسه، ما يعرضه لاضطرابات نفسية، وأنه يجب على الأسرة الاهتمام بشكوى الطفل من تعرضه للسخرية، وضرورة تقبل الأمر وتفهم رغبته في تغييره. قالت الأخصائي الاجتماعي ندى بنت عبد الرحمن الغامدي، إن ظاهرة توريث الاسم مزعجة لدى البعض خاصة الابن البكر، فيصبح إلزامًا تسميته باسم الجد، وهذا ينطبق على المولودة الأنثى أيضًا فقد تسمى باسم جدتها بسبب العادات والتقاليد، ولكن احترام الأجداد والآباء ليس بالأسماء، وإنما بالتقدير وصلة الأرحام، بوصف اختيار الاسم سببًا مهمًا في تكوين شخصية الأبناء. واستشهدت بعدد من المهتمين مثل ديفيد تسو، عالم النفس في جامعة أريزونا الأمريكية، الذي يجري دراسات حول ما يُعرف بعلم النفس المتعلق بالأسماء، والتأكيد على أن الاسم يشكل ركيزة أساسية للغاية للتصور الذي يكوّنه المرء عن ذاته، خاصة على صعيد علاقاته بالآخرين، لأنه يُستخدم لتعريف الفرد والتواصل معه بشكل يومي. ذكرت المدرب المعتمد نورة بنت زيد الجمعة، أن البحوث في علمي النفس والاجتماع أكدت أن الأهل يختارون أسماء أولادهم بناء على عدة أسباب أهمها: البيئة، والعادات والتقاليد السائدة، أو باستقلالية تامة ترتبط بنظرتهم إلى معنى الاسم وتأثيره في حياتهم، على سبيل المثال يختار المتدينون أسماء الأنبياء والرسل والأولياء الصالحين لأولادهم، والمثقفون يختارون لأولادهم أسماء شخصيات أدبية أو شعرية أو فكرية أو عقائدية أو وطنية أو أسماء حيوانات ترمز للقوة والشجاعة. وأضافت إن المؤرخ الثقافي شهاب الدين القلقشندي، يرى أن غالب أسماء العرب منقولة بما يدور في خزانة خيالهم مما يخالطونه ويجاورونه، ومن ثم كان طبيعيًا أن تنعكس الكثبان والصخور والحيوانات والنبات على أسمائهم. وقد يبدو في الأمر محاكاة مباشرة لمكونات البيئة الطبيعية من حولهم، ولكن حقيقة أن الأمر يتخطى ذلك إلى جوانب أخرى، تجعل التسمية عند العرب بابًا واسعًا لكشف جانب من نظرتهم للحياة والإنسان والأخلاق والقدر والأديان والصراع وأنماط العيش. ثم جاء الإسلام فدفع فلسفة التسمية في التفكير العربي إلى آفاق أرحب، لتتلاءم مع مقتضيات التوحيد والشريعة والغيب وخصال البر وقيم المجتمع العابر للقبيلة، كما نجد انعكاسات ذلك في الأسماء والكُنى التي كانت مبعث اهتمام. ونوهت إلى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حرص على انتقاء الأسماء واستحسن بعضًا منها، وغيّر بعضًا منها، لما للأسماء من انعكاس على شخصية أصحابها وسلوكهم وقبول الناس لهم. كما يجب عند اختيار اسم الطفل مراعاة مجموعة من المعايير التي تجعل من الاسم مصدرًا للنجاح لا للفشل، ومنها: التأكد من أصل الاسم ومعناه، وأن يكون اسم الطفل متناسقًا مع اسم الأب والعائلة، والتأكد من معاصرة الأسماء الحديثة واختيار اسم يصلح لكل الأزمان. أكدت الأخصائي الاجتماعي لينا بنت علي الكبد، أنه جرت عادة البعض عند التعرف أو الالتقاء بشخصية ما، سؤالها عن أحب الأسماء إليها عند مناداتها، لاعتقاد منهم بأن هناك أشخاصًا يحملون أسماء لا يشعرون بالانتماء إليها ولا يفضلون أن ينادوا بها، نتيجة لفعل خارج عن إرادتهم وهو رغبة الوالدين أو أحدهما بتسمية المولود على اسم أحد الأجداد. ولا تزال تلك العادة الاجتماعية لدى البعض في المجتمع السعودي، يساق إليها دون الاكتراث بأبعادها السلبية على المولود "فترة نشأته" خاصة إن كان الاسم المختار ذا دلالة غير حسنة، ونظرًا لأهمية حسن اختيار اسم المولود على شخصيته واستقراره، حرص الشرع على جعله من الحقوق الأساسية للأبناء. وقالت: يحدث أن نلتقي أفرادًا يحملون أسماء قديمة جدًا "تكاد تكون نادرة أو ذات دلالة" تجعلهم محط استهجان وتنمر من الآخرين، ولو أطلت في الحديث معهم ستلمس معاناتهم النفسية والاجتماعية، بدءًا من مرحلة الطفولة حين يكونون عرضة للتنمر من قبل أقرانهم بالمدرسة أو العائلة، وبالتالي ضعف تقبلهم لأنفسهم، إذ إن اسم الإنسان جزء من انتمائه وهويته، وحبه وإعجابه به يكسبه شعورًا إيجابيًا، وحتى مرحلة الشباب حين يعاني البعض ردود أفعال المحيطين به كالسخرية والاستهزاء والتشاؤم من بعض الأسماء التي تحمل معاني غير محمودة. وتابعت: طبيعتنا البشرية جبلت على التفاؤل بكل ما هو جميل، وفي المقابل ستتباين مبررات والديهم، إذ يجزم البعض بأن هذا الموروث الثقافي صورة تجسد حبهم وتقديرهم لمكانة والديهم والأجداد والذي قد يصل للبر بهم، فيما يرى آخرون أنه ضغظ اجتماعي يمارس على الابن الأكبر للعائلة ويربط للأسف بإرضاء وسخط الأجداد. أوضح المواطن خليفة الخليفة، أن بعض الآباء في السابق كانوا يسمون أبناءهم باسم الظواهر الطبيعية أو أحداث معينة أو ربط اسم العائلة بالمهن والحرف التي يزاولها الناس، وهذا يؤدي إلى طمس الاسم الصحيح لتلك العائلة والرغبة في تغييره لحقيقته وأصله وبما يشبه الشخص ويتلاءم مع شخصيته. وقال إن منح الاسم للمولود لا يجب أن يؤثر على العلاقة بينه وبين مانحه، وخاصة إذا كان ذلك من الوالدين نفسهما، ولكنه قد يؤدي إلى بعض التأثير السلبي في التقدير والمعاملة تجاه مانح الاسم إذا كان من الأقارب أو من خارج العائلة. قالت المستشارة في العلاقات الأسرية والاجتماعية لولوة بنت فهاد الدرعان، إن البعض عاش تنمرا حقيقيا من أقرانه في كل مراحل حياته أثّر على تقدمه ومستقبله، وهناك من يضطر ويشرح للآخر كيف سمي بهذا الاسم وكيف أختار والديه اسمه والبعض منهم سعى لتغيير اسمه واختيار اسما يشعر بالانتماء له ويعكس جمال مابداخله، وأنه من حقه أن يمارس هذا الحق والغريب أن الجميع يتفقون على أسباب التسمية؛ إما برا بوالديهم واعترافا بفضلهم، أو إحياء لذكرى أجدادهم لتظل تلك الأسماء نابضة بالحياة بعدما وريت أجسادهم الثرى، ولكن تظل معاناة الأبناء جيلا بعد جيل في هذه الثقافة المنتشرة ليست فقط عندنا كعرب أو مسلمون بل هي على مستوى العالم وعلى مستوى الطبقات الغنية والفقيرة.وأضافت الدرعان أن هناك بعض الأسماء تبدو مقبولة وتصلح لأي زمان وتتوافق مع شتى الأذواق، ولكن البعض منها تخالف الذوق العام وتحمل معنا سلبيا أو سيئا وقد ينال أصحابها السخرية والتندر مما تؤثر على البعض في تقدمه في حياته، ولقد ضمن الإسلام حق الطفل المولود في حسن اختيار اسمه فقال صلى الله عليه وسلم: "من حق الولد على والده أن يعلمه الكتابة، وأن يحسن اسمه، وأن يزوجه إذا بلغ"، ونحن نتفق جميعا على حبنا لأباءنا وأجدادنا ونفتخر بهم ونريد برهم وأحياء لذكراهم ونتفق على أن طرق البر كثيره وهناك من الوسائل المقبولة اجتماعيا تحيي ذكرى من نحب، ولكن لأبنائنا حق علينا في حسن اختيار أسمائهم بالمعاني العميقة واللفظ الجميل؛ لأن ذلك الاسم هو الصفة الملازمة لهذا الابن طول عمره والتي ستؤثر به إما إيجابيا أو سلبيا فلنحسن اختيار أسماء من نحب. قال المواطن زكريا آل صفوان، إن أبرز الدوافع التي تحفز الأشخاص لتغيير أسمائهم سوء اختيار الاسم من قبل الوالدين، فهناك أسماء لها معانٍ مسيئة أو محرجة، كذلك من الدوافع أن يسمي الأب ابنه الأول على اسم والده، بينما يكون اسم هذا الوالد لا يناسب مع هذا الزمن. وهناك أسباب أمنية كأن يكون بقاء الشخص على نفس اسمه دالًا عليه فيكون تغيير الاسم نوعًا من التخفي، موضحًا أن تغيير الاسم يعد قرارًا مفصليًا في حياة أي شخص وعلى العائلة أو الأبوين أو الأصدقاء تفهمه وتقبله. أوضحت المواطنة أسماء العمري، أن تغيير الأسماء بدأ يأخذ منحى تجميليًا أكثر من ذي قبل، إذ كان يذهب الشخص سابقًا لتغيير اسمه نظرًا لسوئه أو صعوبة نطقه كما في التسميات في العقود السابقة لأسباب منطقية، بينما بدأ البعض في الوقت الحالي تغيير أسمائهم لأسباب ذوقية، ما يُحدث تأثيرًا على هوية صاحبه الجديدة، فهو لا يُعدّل فقط أوراقه التعريفية الرسمية، بل يُغيّر صورًا ذهنية وأحيانًا تصل إلى تغيير شخصيته لدى من حوله.

مشاركة :