داخل إطار اجتماعي يتمحور حول الأب وصورته في العائلة، تدور أحداث رواية «وكسة الشاويش» آخر ما كتب القاص والروائي المصري كمال رُحيم، الذي حصل على عدة جوائز، منها جائزة الدولة التقديرية في الأدب عن مجمل أعماله عام 2022، قبل رحيله في سبتمبر، بعد مشوار طويل من الإبداع انصبّ في مجمله على التعبير عن الإنسان، ومشاعره ورصد علاقات البشر. تنطلق أحداث الرواية الصادرة عن دار الشروق في 147 صفحة من القطع الصغير من داخل محكمة جنايات بورسعيد، حيث ينظر القضاء في مصير الشاب عادل الذي شرع في قتل أمه وداد المناخلي، وزوجها زكريا الفار، لتبدأ بعد ذلك رحلة سرد عكسية على لسان الشاب ذاته حول نشأته وحياته، وكيف انتهى به الحال داخل قفص الاتهام. يقول عادل «أقف ووجهي خال من التعبير كتمثال من تماثيل الشمع رغم ما بداخلي من ألم وحسرة، ليس على من اعتديت عليهما فهما يستحقان، على نفسي والدنيا التي عاشتها وأوقفتها هذه الوقفة، واللافت أنه كانت تنتابني أحيانا رغبة في الابتسام ولحظات أود فيها لو أنفجر في البكاء، وضحكت مرة دون سبب، ومن يراني يحتار في أمري: فهل أنا غير آبه إلى هذا الحد بالفعلة التي فعلتها؟ أم عبيط؟ أم فاجر مستهتر؟ وخذ عندك من هذه الأوصاف حتى منتهاها». ملصق الرواية ملصق الرواية عادل هو ابن حسان العطفي الشاويش بقسم شرطة العرب في بورسعيد، الذي يصفه الابن بأنه كان «سيداً من أسياد الكون في نظري»، لكنه أمام زوجته وداد رجل ضعيف خانع، وتعيش الأسرة في شقة صغيرة بحي العرب في عقار يملكه ويقطن في دوره الأرضي صاحب ورشة نجارة اسمه زكريا الفار، الذي أصبح لاحقاً زوجاً للأم. يصف بطل الرواية علاقة والده بوالدته قائلاً «تعاملاتها معه خشنة، ليس بينهما - خصوصاً هي - ود ظاهر أو حتى مضمر، كما لو كانت تستكثر نفسها عليه... لا أعرف كيف التقيا ولا كيف تزوجا، هو عالم وهي عالم آخر، بورسعيدية أباً عن جد وليست مثله من الفلاحين». تنتهي الرواية دون إعلان حكم المحكمة، لكنها تترك الكثير من الأسئلة، سواء على المستويين الأخلاقي والاجتماعي، كما تترك بعض الخيوط العالقة التي يصعب التغافل عنها حول زمان ومكان الأحداث، فقد اختار المؤلف حقبتي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي ومدينة بورسعيد على وجه التحديد، حيث شهدت مصر وقتاً عصيباً شهد حرب 1967، ثم حرب 1973 وتهجير سكان مدن قناة السويس.
مشاركة :